هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع انتقال تركيا للنظام الرئاسي الجديد، تثار التساؤلات حول السياسة الخارجية التركية، في ظل النظام الجديد، وكيف ستكون شكل السياسة الخارجية التركية في الشرق الأوسط في المرحلة القادمة.
ووفقا للنظام الرئاسي الجديد، يحظى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بصلاحيات تنفيذية أوسع في السياسة والدبلوماسية الخارجية، بخلاف النظام القديم الذي كان يتمتع فيه رئيس الوزراء التركي بالصلاحيات التنفيذية.
وتبرز القضايا العربية في حسابات أردوغان بشكل كبير، لعوامل عدة: منها احتكاك تركيا المباشر مع الدول العربية جغرافيا وتاريخيا، إضافة لموقع تركيا في المنطقة على ضفتي قارتي آسيا وأوروبا.
وحول هذا الأمر، قال الأكاديمي التركي أحمد أويصل إن النظام الرئاسي الجديد سيؤثر إيجابيا على السياسة الخارجية التركية، حيث سيكون أكثر فاعلية وتأثيرا ومتجانسا ولا يتضارب مع المؤسسات المختلفة.
وأضاف أويصل في حديثه لـ"عربي21"، أن الانفتاح باتجاه الشرق الأوسط سيستمر، مشيرا إلى الخارجية التركية التي يتوقع أن تعدل سياستها ومساراتها ومناهجها طبقا لرؤية أردوغان بالانفتاح على العالم العربي والإسلامي، وذلك خلافا للتوجهات السابقة التي كانت منفتحة على الغرب بشكل أكبر.
ولفت إلى الأهمية الكبيرة التي توليها تركيا للقضية الفلسطينية، مؤكدا على استمرار تركيا بالدفاع عن فلسطين في كافة المجالات والمستويات.
وحول العلاقة مع سوريا، أشار أويصل، إلى أن تركيا ستسعى في المرحلة القادمة إلى البحث عن حل سياسي للأزمة السورية، والانتقال السلمي للنظام الموجود هناك، بالإضافة إلى استمرار العمليات التركية ضد عناصر "الوحدات الكردية"، و"العمال الكردستاني" على الحدود السورية التركية.
أما مع العراق، فأوضح أن تركيا ستركز على تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية مع العراق بشكل أكبر، مشيرا إلى أن ما حدث من تطورات إثر الاستفتاء الأخير في الإقليم الكردستاني، أعطى الفرصة لتركيا بالانفتاح على الحكومة المركزية الاتحادية في العراق، متوقعا أن يستمر بشكل أكبر مع النظام الرئاسي الجديد.
وتوقع أويصل، بأن تعيد تركيا بعض القنوات مع مصر، وستهدئ التوتر مع الحكومة المصرية، لافتا إلى أنها ستبقى تدافع عن الديمقراطية، إلا أن أحداث الانقلاب مضى عليها 5 سنوات والمؤشرات تقول إن النظام العسكري في مصر مستمر.
وبالنسبة لدول الخليج، أشار إلى أن تركيا ستركز على أن يكون لها دور أكبر في الأزمة الخليجية، ولكنها أيضا ستبقى تساند قطر وحقوقها، ولن تسمح باستمرار الحصار عليها، لافتا إلى تنامي العلاقات التركية مع كل من الكويت وسلطنة عمان في الآونة الأخيرة.
وحول العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، رأى أويصل أن تغيرا قد تشهده السياسة الخارجية التركية مع إسرائيل، مشيرا إلى توتر العلاقات مع الحكومة الإسرائيلية التي وصفها بـ"المتطرفة اليمينية"، مؤكدا على رفض تركيا المستمر لصفقة القرن، وعدم قبولها بأي تغيير في القدس المحتلة والضفة الغربية.
واستدرك قائلا: "إلا أن ذلك لا يعني تجميد العلاقات مع إسرائيل بالرغم من التوتر الجاري، وقد تراجع تركيا بعض العلاقات معها، إلا أنها لن تصل إلى القطيعة، وإن كان النظام الرئاسي الجديد، سيضفي على سياسة أردوغان ملامح واضحة".
اقرأ أيضا: تركيا تبدأ رسميا بالانتقال إلى النظام الرئاسي الجديد
وقال أويصل، إن النظام السابق كان نظاما خموليا، مليئا بالعراقيل والبطء في تنفيذ السياسات الخارجية، وكان أردوغان يحاول استدراكها كثيرا، ولكن مع انتقال تركيا للنظام الرئاسي الجديد، فإن ذلك سيعطي أردوغان بكاريزمايته فرصة وصلاحيات أكثر.
وتابع: "تدخل أردوغان بالسياسة الخارجية لتركيا أضفتها الشرعية بعد الاستفتاء الأخير، والانتخابات التي جرت في الشهر الماضي".
في المقابل، استبعد المحلل السياسي المختص بالشأن التركي سعيد الحاج، أن يحدث النظام الجديد تغييرات كبيرة جدا في السياسة الخارجية التركية لأسباب عدة منها: أن النظام الرئاسي هو نظام إدارة وحكم وليس له تأثير مباشر كبير على السياسة الخارجية.
وأوضح الحاج في حديثه لـ"عربي21"، أن السياسة الخارجية التركية تتأثر بعلاقات الدول الأخرى معها ومواقفها. واستدرك في حديثه قائلا: "النظام الرئاسي الجديد، سيعطي ميزة الاستقرار في اتخاذ القرار وتنفيذه بشكل أسرع، الأمر الذي سيستفيد منه الرئيس التركي أردوغان، دون أي تباطؤ أو أي إعاقات، وبالتالي يعطي قدرة أكبر له على عكس أفكاره ورؤاه في مؤسسات الدولة ومن ضمنها السياسة الخارجية، ويعطيه إطلالة اكبر في رسم سياستها".
ورأى الحاج، أن الملامح الأساسية للسياسة الخارجية التركية في الفترة القادمة، ستكون استمرارا للسياسة الخارجية الحالية، المنخرطة والنشطة في العديد من القضايا، وتحاول قدر الإمكان التوازن مع مختلف الأطراف الدولية، على قاعدة "الأمن القومي التركي".
وأضاف أن السياسة التركية تجاه القضية الفلسطينية ستستمر بذات الوتيرة على مستوى الخطاب والممارسة، حيث تولي تركيا أهمية كبيرة لقضية القدس، وتعد قضية حساسة جدا.
أما في سوريا، أشار الحاج، إلى أن أجندة تركيا هناك، تصب على مواجهة حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، بالإضافة إلى أن الموقف التركي يبقى ضمن أطر جنيف وأستانة ومناطق خفض التصعيد.
وحول العلاقة مع مصر، توقع، بأن تشهد المرحلة المقبلة تحسنا في العلاقات التركية المصرية، من الناحية الاقتصادية والتجارية، إلا أنها لن تصل إلى علاقات دبلوماسية كاملة ومريحة، مستدركا أن الخطوات ستكون بطيئة وليست متسارعة أو قريبا.
ورأى أن العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي لن تشهد تغييرات كبيرة، وستستمر العلاقة فاترة، مشيرا إلى أن تركيا ترى أن علاقتها مع كيان الاحتلال يخدم الفلسطينيين، من خلال إمكانية الضغط النسبي على تل أبيب لإدخال المساعدات إلى غزة، وستكون حريصة على بقائها أكثر من قطعها.
ولفت الحاج إلى أن تركيا في المدى القصير ستلتفت أكثر إلى بلورة النظام الرئاسي واستقراره من خلال تشكيل المؤسسات والهيئات واللجان، لذلك فلن تعطي السياسة الخارجية زخما كبيرا قبل الانتهاء من ترتيب السياسة الداخلية التركية.