هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أقرت الحكومة المصرية إضافة مكافأة جديدة على رواتب القضاة، بواقع 5 آلاف جنيه شهريا (280 دولار)، على أن يبدأ صرفها بأثر رجعي عن شهور عام 2017/ 2018، وتستمر مع العام المالي الجديد 2018/ 2019.
ووضعت الحكومة المكافأة تحت بند بدل طبيعة العمل الشاقة، ويتم صرفها لأكثر من 5500 قاض بمختلف المحاكم الجزئية والكلية ومحاكم الاستئناف وقضاة محكمة النقض، وهو ما تزامن مع قرار رئيس الانقلاب بمصر بتشكيل اللجنة القضائية الخاصة بإدارة الأموال المتحفظ عليها لقيادات الإخوان المسلمين ومخالفي السيسي، الذين صدر بحقهم قرارات تحفظ على الأموال.
وطبقا لتصريحات رئيس اللجنة القضائية المشرفة على لجنة التصرف المستشار ياسر أبو الفتوح، الاثنين، فإنها حصرت الأموال المتحفظ عليها منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013 وحتى كتابة هذه السطور، وأنها تبلغ 50 مليار جنيه (2.8 مليار دولار)، عبارة عن أصول وعقارات وممتلكات خاصة وأموال سائلة.
وتأتي هذه الزيادة الأخيرة بعد زيادة أقرها وزير العدل السابق أحمد الزند، بعد انقلاب 2013، على رواتب القضاة وأعضاء النيابة العامة بنسبة 30% دفعة واحدة، وبرر الزند قراره بأنه "أقل ما يمكن تقديمه للقضاة الذين يواجهون إرهاب الإخوان"، على حد وصفه.
من جانبه، يؤكد الكاتب الصحفي المختص بشؤون القضاة علي عبد القوي لـ"عربي21"، أن الزيادة الأخيرة التي تم الكشف عنها الأيام الماضية تمثل ترضية للقضاة، بعد إقرار البرلمان لقانون امتيازات بعض كبار قادة القوات المسلحة، الذين منحهم القانون -بالإضافة للحصانة القضائية- مميزات مالية لم يسبق لها مثل، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة لدي القضاة، الذين يقومون بدور كبير في ترسيخ أقدام نظام السيسي من خلال أحكامهم ضد معارضيه.
ويشير عبد القوي إلى أن القضاة بمصر يتمتعون بامتيازات ليس لها حصر تحت بند حوافز ومكافآت، والتي تختلف بحسب طبيعة العمل، والدرجة الوظيفية للقاضي، فهم يحصلون سنويا على مبلغ 30 ألف جنيه (1700 دولار) كفرق تسوية عن هيئة قضايا الدولة. أما الرواتب الشهرية، فتبدأ من 18 ألف جنيه (ألف دولار) كراتب أساسي، ويضاف عليها خمسة آلاف جنيه (280 دولارا) تسوية شهور سابقة، و2400 جنيه (135 دولارا) فرق تسوية عن الشهر، و3 آلاف جنيه (180 دولارا) بدل مصيف، و3 آلاف جنيه (180 دولارا) مكافأة رمضان، و4000 جنيها (225 دولارا) بدل جهود غير عادية، و7400 جنيه (415 دولارا) حافز إنتاج، و2400 جنيه (135 دولارا) بدل علاج، بإجمالي شهري يصل لـ45 ألف جنيه (2500 دولار)، بخلاف بدل الجلسات الذي يصرف شهريا للقضاة، وكذلك بدل المرور الذي يصرف لأعضاء النيابة.
ويضيف عبد القوي أن نظام مبارك كان حريصا على مد سن القضاة كل عامين، حتى وصل معاشهم لسن السبعين عاما، ليحافظ على مجموعة معينة من القضاة في مناصبهم، كما فتح لهم باب الندب للعمل بالوزارات والهيئات المختلفة، وهي الامتيازات التي ألغى معظمها دستور 2012، ثم عادت مرة أخرى على يد نظام السيسي بشكل أكثر فجاجة؛ لضمان السيطرة عليهم.
وبقول نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية ببرلمان 2012، محمد جمال حشمت، لـ"عربي21"، إنهم كنواب سبق أن اعترضوا على المميزات غير المنطقية التي يحصل عليها القضاة بخلاف باقي فئات الشعب، وهو ما عرضهم لحملة شرسة وقتها، وكان أحد أسباب حل البرلمان الذي بدأ يفتح الملفات المسكوت عنها.
وأوضح حشمت أنه بسبب هذا الموقف تمت محاكمة المستشار محمود الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية السابق، ورئيس اللجنة التشريعية ببرلمان 2012، ونائب رئيس اللجنة صبحي صالح، وعضو اللجنة عصام سلطان، بعد الانقلاب؛ لأنهم اعترضوا على هذه المميزات داخل قاعة البرلمان، وطالبوا بتطهير القضاء المصري، ليعبر عن الشعب المصري بشكل حقيقي.
وقال حشمت إن رئيس الانقلاب يوزع الرشاوي على مناصريه؛ لضمان ولائهم، خاصة أن القضاء لعب دورا مؤثرا في مواجهة رافضي الانقلاب الذين يملأون السجون والمعتقلات بأوامر قضائية مخالفة لكل أشكال العدالة والنزاهة المعمول بها دوليا.
وطبقا لحشمت، فإن الأيام القادمة سوف تشهد مزيدا من الرشاوي لكل الفئات الداعمة لترسيخ الانقلاب، نظير السكوت عن إجراءات السيسي التي تهدم مصر على مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة مع الضغوط المتواصلة على الشعب المصري نتيجة ارتفاع الأسعار، وما يمكن أن يمثله ذلك من حالة غليان مجتمعية، وبالتالي يتم تقديم هذه الرشاوي للجيش والشرطة والقضاة، باعتبارهم مثلث الدعم الحقيقي لاستقرار الانقلاب.
ولم يستبعد حشمت أن تكون هذه الزيادة الجديدة مرتبطة بتشكيل لجنة إدارة الأموال المتحفظ عليها، والتي منحها السيسي صلاحيات واسعة للتصرف في أموال معارضيه، ما جعل المصالح المشتركة بين الطرفين هي عنوان المرحلة التي تعيشها مصر الآن.