هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يزداد الجدل في لبنان حول آلية معالجة ملف اللاجئين السوريين، في ظل مطالبة أطراف سياسية لا سيما حزب الله والتيار الوطني، بتفعيل وتسريع عودتهم، من خلال الشروع في حوار مباشر بين الحكومة اللبنانية والنظام السوري.
وتنتقد أطراف أخرى ومن بينها تيار المستقبل ورابطة علماء المسلمين في لبنان تشكيل حزب الله للجان وتخصيصه مكاتب لتسهيل عودة اللاجئين إلى بلادهم، متجاوزا بذلك "مفهوم الدولة"، وفق قولهم.
جدلية "اللاجئين"
من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي قاسم صغير، أن قضية اللاجئين السوريين في لبنان موضوع جدلي حاد.
وقال في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "الملف حساس بالنظر إلى ارتفاع أعدادهم قياسا إلى مجمل عدد سكان لبنان"، متابعا: "خلال السنوات الماضية لم يكن بالإمكان التطرق إلى ملف إعادتهم لاعتبارات عدة، إنسانية وسياسية، ولكن التطورات التي حصلت في سوريا خلال الأشهر الأخيرة واستعادة السلطة السورية العديد من المناطق دفع الى إعادة طرح هذا الموضوع بقوة في ظل التحديات التي يفرضها اللجوء السوري على المستويات الأمنية والشعبية والاقتصادية".
وأوضح أن "أطرافا سياسية عدة تقوم بمبادرات لبحث مستقبل اللاجئين السوريين في لبنان"، مضيفا: "يقوم حزب الله والتيار الوطني الحر بتشكيل لجان للعمل على مساعدة اللاجئين على العودة إلى ديارهم، بالتزامن مع العودة الفعلية لأعداد من اللاجئين السوريين إلى بلادهم بالتنسيق مع الأمن العام اللبناني والحكومة السورية".
اقرأ أيضا: أزمة بين مفوضية اللاجئين في لبنان والسلطات.. وباسيل يصعّد
وقال: "لا تستطيع أي جهة أن تتجاوز مؤسسات الدولة، وما يقوم به حزب الله والتيار الوطني الحر يرتكز على تشكيل لجان لجمع البيانات والدفع بالمساعدة نحو إعادة اللاجئين إلى بلادهم، أما بخصوص آليات وطريقة وكيفية وتفاصيل عودتهم فهذا الأمر مرتبط بالمشاورات بين الأمن العام اللبناني والحكومة السورية حصرا، وليس لأي طرف دور أو حق في التدخل بهذا الخصوص".
وتابع بأن "الأمن العام هو الجهة المكلفة من رئيسي الجمهورية و الحكومة على متابعة ملف اللاجئين كما حصل في عرسال وشبعا عندما أعيد لاجئون إلى سوريا عن الطريق التنسيق بين الطرفين السوري ممثل بالحكومة واللبناني ممثلا بالأمن العام".
"أهداف عنصرية"
لكن هناك رأي آخر يرى أن الموضوع يتعلق بـ"أهداف عنصرية"، وأخرى بتصفية حسابات من النظام السوري، إذ قال عضو رابطة العلماء المسلمين في لبنان الشيخ عدنان إمامه: "مطالبة حزب الله بإعادة اللاجئين إلى أحضان النظام ليست جديدة، فلطالما طالب الحزب بإعادة السوريين المتواجدين في لبنان لأنه لا يجد حرجا في تبرير ما فعله هذا النظام بحق شعبه".
ولفت في تصريحات خاصة لـ"عربي21" إلى أن "حزب الله منخرط منذ بداية الأزمة مع الجيش السوري في ارتكاباته وكان سببا معه في تهجير اللاجئين".
اقرأ أيضا: ترحيل اللاجئين السوريين من لبنان.. هل الأسباب "طائفية"؟
وأضاف: "معالجة هذا الموضوع لا تتم بالطريقة التي يمارسها حزب الله مع التيار الوطني الحر أو من خلال الحديث عن وجود مناطق آمنة وعودة ما يسمونه الهدوء الى مناطق واسعة في سوريا"، مشددا على أن "النظام السوري لا يزال يسيطر على مناطق واسعة مما يهدّد المعارضين العائدين من التعرض للتنكيل والاعتقال والاختفاء أو القتل تحت ذريعة الإرهاب والخروج عن طاعاته".
ورأى إمامه أن الطريقة المثلى لإعادة اللاجئين إلى ديارهم تكون في "تسوية الأزمة السورية على المستوى الدولي ووضع حلول حقيقية وضمانات واضحة، حينها يكون بالإمكان إعادة اللاجئين بأمان من دون أن نقذف بهم نحو مخاطر إنسانية لا يحمد عقباها".
ووصف إمامة الدعوات المطالبة بإعادة اللاجئين السوريين إلى ديارهم "بالعنصرية"، قائلا: "الأمم المتحدة رفضت إعادة اللاجئين السوريين مع بقاء الخطر موجودا في سوريا وفي ظل ثبوت تصفية كل معارض سوري اندرج اسمه في لوائح المطلوبين لدى النظام وذلك عند عودته الى سوريا"، مشيرا إلى أن "الملاحقات تشمل نماذج أخرى لما يعتبرهم النظام هاربين من التجنيد ممن رفضوا المشاركة في الحرب العبثية".
"تنسيق"
من جانبه، قال الحقوقي المحامي سماح إدريس في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "اللاجئون السوريون جاؤوا إلى لبنان بحكم الحرب الدائرة في بلادهم، وهم يقطنون بين أهلهم اللبنانيين من دون أي شعور سلبي اتجاههم، ولا بد أن تكون مسألة إعادتهم إلى ديارهم محط نقاش ثنائي وتنسيق واضح بين الدولتين السورية واللبنانية".
وحذر إدريس "من العودة غير المنظمة للاجئين السوريين إلى بلادهم، لأنها ستسبب اضطرابا وربما تداعيات كبيرة تضرّ بالبلدين وتترك آثارا يصعب معالجتها في الوقت الراهن، لذا يجب أن تكون العودة منتظمة ومدروسة وتراعي كل الاعتبارات والهواجس التي تطرح من اللاجئين أنفسهم".
وطالب إدريس أن يكون "التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية مباشرا في هذا المجال لضمان العودة الحكيمة، وعدم إبقاء الملف محصورا في الجهة اللبنانية الممثلة بالأمن العام فقط".
وحول الانتقادات التي وجهت إلى حزب الله على خلفية فتح مكاتب لتسهيل عودة اللاجئين، قال: "هذا الملف أسيء فهمه، فالمكاتب ليست للقفز نحو مهام الدولة، وإنّما للمساعدة في إنجاز هذا الملف تحت سقف الدولة اللبنانية، كما أن هناك أحزابا بإمكانها لعب هذا الدور كما يفعل الحزب القومي الذي يمتلك حضورا في لبنان وسوريا مما يعطي دفعا إيجابيا لمهمة إعادة اللاجئين"، وفق قوله.