أكد
سياسيون وبرلمانيون أن تهديد رئيس مجلس النواب
المصري، علي عبد العال، بإسقاط
العضوية عن عدد من أعضاء تكتل 25/ 30
البرلماني في جلسة الثلاثاء المقبل، بمثابة
تهديد صريح لما تبقى من المعارضة المصرية بأنه لم يعد لها مكان خلال الفترة
المقبلة.
ويأتي
تهديد رئيس البرلمان بعد مشادات متعددة بين أعضاء تكتل 25/ 30 وبين المتحدث باسم
البرلمان، كان آخرها الثلاثاء، أثناء مناقشة قانوني الجنسية المصرية وحساب
معاش رئيسي الحكومة والبرلمان والوزراء ونوابهم، حيث احتج المتحدث باسم البرلمان، صلاح حسب الله، على تعليقات النواب المعارضين للقوانين السابقة، مؤكدا ضرورة تفعيل
اللائحة الداخلية ضدهم؛ لمنع عرقلة أعمال المجلس، وهو ما رد عليه رئيس البرلمان، معلنا طرح سحب الثقة عليهم في جلسة 24 تموز/ يوليو الجاري.
ووجه عبد
العال خلال جلسة البرلمان، الثلاثاء، حديثه لنواب التكتل قائلا: "لن تكونوا
أعضاء في هذا المجلس بدءا من الأسبوع القادم"، متابعا: "سأطبق اللائحة
وإسقاط العضوية لبعض النواب نداء بالاسم، وفقا لما انتهت إليه لجنة القيم".
ويشير
الباحث المتخصص في الشؤون البرلمانية، أحمد الغمراوي، لـ "
عربي21"، أن
الأزمة الأخيرة ليست الأولى لتكتل 25/ 30"، وهو تكتل يجمع النواب الذين يرون
أن أحداث 30/ 6/ 2013 امتدادا لثورة 25/ 1/ 2011، وبالتالي يعتبرون أنفسهم صوت
المعارضة داخل البرلمان، وسبق لهم أن اعترضوا على قرار رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، ووافق عليه البرلمان بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية، كما
اعترضوا على قانون الجمعيات الأهلية وقانون رواتب الوزراء، وغيرها من القوانين
التي أثارت غضب الشارع المصري.
ويضيف
الغمراوي أن "تركيبة البرلمان الحالية كانت مقصودة بأن يتم السيطرة عليه من
خلال تكتلات وليس أحزابا؛ حتى لا يستطيع حزب بعينه تشكيل أغلبية تمثل خطرا على
تمرير القوانين والقرارات التي يريدها السيسي، ولذلك فإن أغلبية البرلمان التي لا
تعترف بثورة 25 يناير تعتبر تكتل 25/ 30 دخيلا عليهم، وليس من حق أعضائه التواجد بهذا
البرلمان".
ويشير
الغمراوي إلى أن التطور الذي جرى خلال الأيام الماضية "يخالف كل القيم والأعراف
البرلمانية، لأن معنى أن هناك تقارير موجودة في أدراج مكتب رئيس البرلمان لإسقاط
العضوية عن نواب بعينهم، ولا تظهر إلا إذا قام هؤلاء النواب بما يخالف توجهات
القيادة السياسية، فإنه أمر يطعن في شرعية البرلمان كله، وليس فقط في النواب المهددين
بإسقاط العضوية".
ويضيف
الغمراوي أنها ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها البرلمان سياسة الإقصاء، حيث
سبق أن تم إسقاط عضوية توفيق عكاشة؛ لأنه اعترف بدور إسرائيل في انقلاب 2013، وإسقاط
عضوية محمد أنور عصمت السادات؛ لأنه اعترض على قانون تمويل الجمعيات الأهلية، بينما
يتمسك البرلمان بعضوية نواب آخرين صدرت في حقهم أحكام قضائية نافذة بإسقاط عضويتهم
نتيجة التلاعب في نتيجة الانتخابات، مثل عبد الرحيم علي ومرتضى منصور ونجله أحمد.
ويري الغمراوي
أن القضية ليست في أن هؤلاء النواب يرفضون قانونا أو يعترضون على إجراء حكومي،
وإنما الأمر متعلق بتمهيد المناخ السياسي والبرلماني للخطوة القادمة لترسيخ أقدام
السيسي، بعد أن تخلص من كل منافسيه، وبالتالي فإن "إسقاط العضوية عن هؤلاء
النواب المشاكسين هو فقط لتهيئة الأرض للتعديلات
الدستورية التي تمكن السيسي من
الاستمرار في الحكم بعد أن انفرد بالسلطة تماما"، وفق الغمراوي.
ويضيف عضو
البرلمان المصري السابق، أمير بسام، لـ"
عربي21"، أن البرلمان في الأساس
ساقط الشرعية؛ لأنه إحدى نتائج انقلاب السيسي على الرئيس المنتخب، إلا أن هذا لا
يمنع أن ما يحدث في مصر هو عملية إقصاء كبيرة ومتصلة ضد أي مخالف للسيسي، حتى ولو
كان من باب الشكل، وهو "ما يؤكد أن القضية لم تكن مع جماعة الإخوان أو التيار
الإسلامي فقط، وإنما مع كل المخالفين والرافضين للحكم العسكري، حتى لو كان في
السابق من أبرز المؤيدين له"، وفق بسام.
ويشير بسام
إلى أن البرلمان تحكمه أعراف ولوائح، ولكن في ظل وجود رئيس برلمان معين من رئيس
جاء بالانقلاب، فإن هذا معناه أن البرلمان ينفذ فقط ما يريده هذا الرئيس، دون النظر
للخسائر التي يتحملها المواطن المصري نتيجة هذه السياسات في مختلف المجالات، كما
أنه يرسخ لسياسة الإقصاء، التي أصبحت عنوانا بارزا لفترة الحكم الثانية للسيسي.
ويرى بسام
أن "التهديد بإسقاط العضوية لا بد من قراءته بالتزامن مع تمرير قانون القضاء
على الصحافة المصرية، وقانون منح الجنسية مقابل مبالغ مالية، وقانون الحصانة للقيادات
العسكرية، وهو ما يشير إلى أنها سلسلة متصلة يريدها السيسي لإحكام قبضته على مصر
بشكل كامل".