هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
آثر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بعد توزيعه مهام دوائر منظمة التحرير الفلسطينية التي أعيد تشكيلها في آيار/ مايو الماضي، الاستحواذ على مسؤولية الصندوق القومي الفلسطيني مباشرة، بخلاف ما اعتادت عليه المنظمة على أن توكل مسؤولية الصندوق إلى أحد أعضاء اللجنة التنفيذية.
وكان من المفترض في جلسة المجلس الوطني السابقة المثيرة للجدل، أن يتم انتخاب رئيس الصندوق القومي الفلسطيني من أعضاء المجلس الوطني، بحسب اللوائح الداخلية للمجلس إلا أن ذلك لم يحدث.
وفي هذا الصدد تثار التساؤلات، حول ماهية الصندوق القومي الفلسطيني، وأهميته، وما الذي دفع بالرئيس عباس، للإبقاء عليه تحت مسؤوليته؟.
أهمية الصندوق
وحول أهداف تأسيس الصندوق عام 1964، قال الخبير الاقتصادي نهاد نشوان، إن الهدف يتمثل بتمويل منظمة التحرير، ولعب دور وزارة المالية للمنظمة، من خلال إشرافه على شتى الأنشطة المالية من إيرادات ونفقات واستثمارات، وذلك في إطار الميزانية المعتمدة من المجلس الوطني الفلسطيني.
أما أهم الموارد المالية للصندوق، أوضح نشوان في حديثه لـ"عربي21"، فتتمثل في التالي :
- المساعدات المالية التي تقدمها الحكومات والأمة العربية.
- التبرعات والهبات والقروض التي تقدمها الشعوب الصديقة وكذلك أي موارد أخرى يقرها المجلس الوطني.
- استقطاع ما نسبته 6% من رواتب كافة العاملين من ابناء الشعب الفلسطيني في الشتات لصالح الصندوق.
المليارات المحولة
وتابع نشوان أن السلطة، قامت خلال الخمس سنوات الأخيرة بتخصيص 3.2 مليار شيكل إسرائيلي تم تحويلها إلى حساب الصندوق القومي موزعة كالتالي:
العام 2014 ما قيمته 294 مليون شيكل ، العام 2015 ما قيمته 775 مليون شيكل، العام 2016 ما قيمته 882 مليون شيكل
العام 2017 ما قيمته 947 مليون شيكل ، العام 2018 ما قيمته 369 مليون شيكل .
ولفت، إلى أن هذه المليارات لم يبين أوجه انفاقها في ظل امتناع إدارة الصندوق عن إصدار أية بيانات مالية دورية تذكر، تبين أنشطته وسياسته المالية المتبعة.
رصيد الصندوق صفر !!
وكشف نشوان، عن أن الصندوق القومي أصبح يعتمد بشكل كلي على موازنة السلطة، " وهذا مؤشر مالي خطير يدلل أن رصيد الصندوق بكافة مكوناته يساوي صفر".
وأشار إلى أنه "من الطبيعي أن تتجاوز أرصدة الصندوق مليارات الدولارات، كونه يمثل الاحتياطي المالي الفلسطيني، ومن الكارثة أن الصندوق فارغ بسبب الفساد المتغلغل في مؤسسات المنظمة".
ورأى نشوان، أن الخلط في الصلاحيات والمهام بين أموال المنظمة والسلطة ساهم في غياب الرقابة المالية والإدارية، مشيرا إلى أن خطوة عباس بإقصاء تيسير خالد هي خطوة للتعتيم على حقيقة أن الصندوق فارغ من الأرصدة".
التدوير العكسي
وقال نشوان، إن الأصل أن يدر ويدير الصندوق مشروعات استثمارية ومن المفترض أن تزيد قيمتها السنوية عن 10بالمئة على الأقل .
وبحسب الكشوفات الصادرة عن وزارة المالية في السلطة الفلسطينية، للأعوام من 2014 إلى 2018، والتي اطلعت عليها "عربي21"، تبين وجود استقطاعات لمبالغ من موازنة السلطة لصالح الصندوق.
وعقب المختص الاقتصادي على الكشوفات بقوله" يتبين أن الصندوق الذي يفترض أن يكون صندوقا يوزاي الاحتياطي النقدي كالبلدان الأخرى، أصبح يعتمد على موازنة السلطة، التي تعد أصلا منبثقة عن المنظمة، بدلا من ذلك".
وفي هذا الصدد، قال عضو المجلس الثوري لحركة فتح والسفير السابق بالسلطة الفلسطينية عدلي صادق، إن الصندوق يتلقى موازنته المالية من السلطة، ومن الشعب، وكان من المفترض أن يكون للصندوق دور في تحرير التزامات القيادة الفلسطينية من القيود السياسية والمالية على الأداء المالي للسلطة بموجب اتفاق أوسلو.
وتابع " لكن عباس استغل الصندوق وسيلة للصرف في اتجاهات غير معلومة، ولتعيين موظفين في السلك الدبلوماسي، يحددهم إبنه أو مخابراته، من وراء القانون، وبدون مسوغات تعيين، وبسهولة".
سر استحواذ عباس للصندوق
و رأى صادق، السفير السابق في الهند، في حديثه لـ"عربي21"، أن سر حرص عباس على إبقاء موقع رئيس الصندوق القومي الفلسطيني شاغراً، ولو مؤقتاً، ورفضه بأية مشاركة من أحد، في وضع سياسات الصرف والإشراف على تنفيذها، "لعدم شعوره بأمانة أي من أعضاء اللجنة التنفيذية الجدد".
ولفت، إلى أن المدير العام للصندوق رمزي خوري، "لم يكن سوى موظفا تنفيذيا ينفذ قرارات عباس المالية، التي كان من المفترض أن يتم مناقشتها في اللجنة التنفيذية لاعتمادها".
وكشف صادق، بأن الرئيس عباس، "يقتطع من الموازنة مليوني دولار شهريا، تحت عنوان تغطية مصروفاته في عمان، وهو المبلغ الذي طلبه كموازنة له في عمان وحدها، والذي من المفترض أن يخصص ضمن برنامج مساعدات اجتماعية للفلسطينيين في المخيمات الأردنية".
واتهم السفير السابق، رئيس السلطة "باستغلال الصندوق كوسيلة للصرف في اتجاهات غير معلومة، وتعيين موظفين في السلك الدبلوماسي، يحددهم ابنه "طارق" أو مخابراته من وراء الكواليس، وبدون مسوغات".
ونوه، إلى أن "جوهر الفساد، يكمن في استبعاد منطق المأسسة، واستغلال الصندوق كساحة خلفية دون مخرجات محاسبية".