هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يعيش البيت الفتحاوي على صفيح إقالات مفاجئة شنها الرئيس محمود عباس منذ أيام بحق قيادات وازنة في الحركة.
وبدأت الحملة بإقالة رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، والقيادي محمد النحال، من رئاسة مؤسسة رعاية أسر الشهداء، والإقالة المفاجئة لناصر القدوة من موقعه رئيسا لمؤسسة ياسر عرفات، وسحب ملف الإعلام والثقافة والتعبئة الفكرية من القدوة، وهي إحدى الدوائر التابعة لحركة فتح.
وتباينت دوافع الرئيس لإقالة هذه القيادات، فبحسب مصادر فتحاوية أقيل قراقع بعد انتقاده لسلوك الرئيس بخصمه لرواتب الأسرى داخل السجون وذويهم المنتمين لحركة حماس، فيما كانت دوافع إقالة النحال إثر خلافات نشبت بينه وبين مستشار الرئيس محمود الهباش، بعد تلاعب الأخير بأسماء بعثة الحج لهذا العام من ذوي الشهداء.
فيما يرى مراقبون أن الرئيس عباس يحاول بهذه السياسة الدفع بحركة فتح نحو مزيد من الانشقاق، خصوصا أن الإقالات الأخيرة طالت قيادات من الصف الأول المحسوبين على تيار الرئيس، على عكس ما كان يجري في السابق من إقالة قيادات فتحاوية محسوبة على منافسه في الحركة محمد دحلان.
إرباك الرئيس
من جانبه، أكد النائب عن حركة فتح المحسوب على تيار دحلان، ماجد أبو شمالة، أن "سياسية الإقصاء التي ينتهجها الرئيس ضد خصومه السياسيين تشير إلى حالة الإرباك التي يعيشها الرئيس، فهو من جهة يحاول أن يضع حدا لحالة الغضب التي يعيشها الصف الفتحاوي بسبب سياسة التفرد بالقرار التي ينتهجها الرئيس منذ وصوله للسلطة، وشيطنة كل من يحاول أن يبدي رأيه في ملفات سياسية تحتاج إلى قرار مشترك، خصوصا في ظل الضغوط السياسية والاقتصادية التي تمر بها السلطة".
وأضاف أبو شمالة، في حديث لـ"عربي21"، أنه "بالنظر للسنوات الأخيرة نجد أن الرئيس لم يعد يرى في حركة فتح تنظيما يمنحه الولاء والطاعة، وهو ما قد يراه خطرا محدقا به؛ خشية وصول أحد هذه القيادات للحكم، أو حتى منافسته في بعض الملفات؛ لذلك فهو يحاول أن يحتكر القرار، سواء بإقالة قيادات محسوبة على تياره، أو نفي هذا القيادي في موقع سياسي خارج فلسطين، كما حصل مع قيادات سابقة".
وكان لافتا في الآونة الأخيرة انتهاج الرئيس للسياسية ذاتها في إقصاء قيادات خارج حركة فتح من مواقع قيادية، سواء في منظمة التحرير أو السلطة الفلسطينية، وخير مثال على ذلك تجريد الرئيس لتيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير من موقعه رئيسا لدائرة شؤون اللاجئين التابعة للمنظمة، والتي كانت حكرا على الجبهة الديمقراطية منذ 22 عاما.
وفي السياق ذاته، نوه القيادي في حركة فتح، عبد الله عبد الله، في حديث لـ"عربي21"، بأن "موضوع إقالة القدوة من مواقعه القيادية في حركة فتح لم يتم حسمها بعد، حيث رفض الرئيس استقالة القدوة التي تقدم بها قبل شهرين، ولكن يبدو أن تطورا جرى في الساعات الأخيرة بين الرئيس والقدوة، فُسر بشكل خاطئ من قبل وسائل الإعلام".
وفيما يخص الإقالات الأخرى التي طالت قيادات فتحاوية، رفض عبد الله التعليق على هذا الموضوع.
مزيد من الانشقاقات
من جانب آخر، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة، حسام الدجني، ما يجري داخل حركة فتح في الفترة الأخيرة يؤكد "غياب المؤسسة التنظيمية داخل الحركة، حيث لم تعد تقتصر التيارات المتنافسة داخل الحركة على كل من دحلان وعباس، بل أصبحت فتح تتجه نحو مزيد من الانشقاق داخل التيار الواحد".
ويفسر أستاذ العلوم السياسية، في حديث لـ"عربي21"، هذه الحالة إلى "هيمنة الرئيس عباس وفريقه المحيط به على مفاصل التنظيم، من منطلق أن الرئيس يتعامل مع حركة فتح من منطق (العزبة) وليس ضمن نطاق المؤسسة التنظيمية التي تحكمها قوانين وتسلسل إداري يجب احترامه ونظام قانوني لمحاسبة المقصرين، ولكن ما يجري على الأرض هو أن حركة فتح باتت بيد مجموعة من الأشخاص يتمتعون بنفوذ واسع، هم من يقررون سياسية الحركة وفقا لأهوائهم ومصالحهم الشخصية".