مبهج اللواء "مُهاب مميش"، رئيس هيئة قناة السويس، فالرجل يشع بهجة، وينافس
السيسي في مجال إنتاج الفكاهة، وهو عندما يفتح فمه فإنه يكون كالتي قتلت صاحبها!
يعيد السيسي ويزيد في أنه لم يتآمر على الدكتور محمد
مرسي، وأنه تحرك لإنقاذ
مصر، بعد استدعاء الشعب لجيشه، فيأتي صديقه "مميش" برواية مختلفة تؤكد أن ما جرى كان بتخطيط من قبل المجلس العسكري الذي عز عليه أن يعمل تحت رئاسة "مدرس" مدني، وأن الجيش لم يتقبل فكرة أن الرئيس غير عسكري!
ويشيع المقربون من حكم العسكر، أن الرئيس محمد مرسي لم يجرؤ على عزل المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان، فهما من رفضا العمل تحت رئاسته، فيأتي "مُهاب مميش"، وهو في كامل قواه العقلية، فيجعل من هذه الرواية كأنها عصف مأكول، فالرئيس مرسي عزله معهما، وعندما وصله أنه أقيل سعد بذلك، بحسب روايته في "المصري اليوم"!
ليس المقربون من حكم العسكر من يتبنون رواية رفض العسكريين الكبار العمل مع الرئيس المدني، فمن بين أنصار الشرعية من يتبنون هذه الراوية، بل ويزيدون عليها أن الرئيس مرسي لم يختر عبد الفتاح السيسي، فهو مفروض عليه من قبل الجيش، وأن ترك طنطاوي لعمله كوزير للدفاع كان قراره الحر، وهو من اختار السيسي قبل أن يغادر!
هذا الفريق لا مانع لديه من أن يظهر الرئيس مرسي على أنه كان مغلوباً على أمره، وأنه "قليل الحيلة"، على أن يكون من أهل الغفلة، حيث ثقته المتناهية في عبد الفتاح السيسي، وغير المبررة في كثير من الأحوال، وهم ليسوا موضوعنا!
فموضوعنا هو "مُهاب مميش" الذي جاء يكحلها فأصابها بالعمى، وذلك بالنظر إلى ما قاله في حوار أجرته معه "المصري اليوم"، عندما تحدث عن موقع الأستاذ الجامعي باستهانة عسكري محترف، فهو ليس أكثر من "مدرس"، وإذا كانت وظيفة "المدرس" معتمدة في السلك الجامعي، فإنه ذكرها على سبيل الاستهانة والتقليل من القدر، والشائع عن الوظيفة أنها تخص المعلمين في مرحلة التعليم قبل الجامعي، وعلى طريقة "حسن جاويش" في المسلسل التلفزيوني القديم: "مارد الجبل" في تعامله مع المصري المتمرد بأنه "فلاح خسيس" والمسلسل يروي جانبا من الوجود العثماني في مصر، بشكل سلبي بطبيعة الأشياء!
وإذا كان الأستاذ الجامعي هو الأعلى في السلك الوظيفي المدني، فهو عند العسكر ليس أكثر من "مدرس"، وقد قيلت على طريقة "حتة مدرس"، فكيف للجنرالات الكبار أن يقبلوا "مدرساً" يشغل موقع رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟! وهو ما يمثل دليلاً على حالة التعالي غير المبررة من قبل العسكريين، وهو ما يفسر انزعاجهم الشديد، من هتاف شباب الثورة بأنهم فاشلون دراسياً، وفشلهم هو الذي دفع بهم إلى الالتحاق بالكليات العسكرية التي كانت تقبل الناجحين بالكاد!
وهذا الرفض لتولي مدني الحكم، فإنه يؤكد أن المؤامرة على الرئيس الشرعي، لم تكن تدخلا من قبل القوات المسلحة لاستدعاء الجماهير لها في 30 حزيران/ يونيو، فالنية منعقدة على إزالة هذا الحكم، حيث لا يجوز للجنرالات، رجال الليل، وأبطال الصحراء، وأصحاب الصولات والجولات في حرب الباسوس، أن يقبلوا بوجود مدني، فخططوا للإطاحة به!
يذكرنا العبقري "مُهاب مميش" بعبقري آخر، كان أيضاً كالدبة التي قتلت صاحبها، وقد سبق له أن شغل وكيل جهاز المخابرات، وأحيل للتقاعد قبل فترة الرئيس محمد مرسي، لكنه في حالة الفوضى تقدم ليتحدث باسم جهاز المخابرات العامة، كما لو كان لا يزال وكيلاً عاماً، وأعلن أن جهازه كان يدرك أن محمد مرسي عميلاً لقوى دولية وإقليمية، لذا فإنهم لم يطلعوا على التقارير والوثائق الحقيقية، وهو كلام لو أخذ على محمل الجد، ولو كنا أمام محاكمات جادة، لأنهى قضيتي التخابر مع قطر وحماس التي يحاكم بسببها الرئيس ولمثلت الشهادة دليل براءة، فكيف يُتهم بتسليم وثائق الدولة للأعداء، بهدف الحاق الضرر بها، في وقت تطوع فيه جنرال بإعلان أنها وثائق مزورة؟!
لقد استشعر الحكم العسكري الحرج من هذا التهريج فأسكت الجنرال (الدبة)، ولا أعتقد أنه سيعامل "مميش" بنفس المعاملة؛ لأنه صديق السيسي، والذي من الواضح أنه معجب بإبداعه في مجال الخيال العلمي، فالمذكور هو من روى قصة أوامره للضفادع المصرية بالإحاطة بالأسطول الأمريكي الذي جاء ليهدد مصر ليلة عزل الرئيس محمد مرسي، وكيف أن "مُهاب مميش" أصدر الأوامر لقائد الأسطول بمغادرة المياه المصرية، وعندما لم يستجب للأوامر، كان القرار بأسره. ولأننا لم نسمع خبر إطلاق سراحه إلى الآن، فالمعنى أنه لا يزال رهن الأسر وقيد التحفظ!
وعندما يكون هذا هو أداء واحد من قيادات الدولة المصرية في هذه الأيام، فلا يكون عجباً أن يتعالى فيصبح الأستاذ الجامعي هو مجرد "مدرس" ويصبح "المدرس" منزوع القيمة في دولة "البيادة"، فأين هم "المدرسون" من هؤلاء العباقرة، الذين يخوضون معاركهم الليلية وهم نائمون، فيختلط في أذهانهم الواقع بالأحلام!
لقد اعترف "مُهاب"، والاعتراف سيد الأدلة، بأن الرئيس محمد مرسي عزله، كما عزل المشير طنطاوي وآخرين، وإن أعلن سعادته بذلك فإنه مردود عليه بأنه لم يبادر بالاستقالة، مع استهجانه لأن يعمل تحت رئاسة مدني وباعتباره صاحب فتوحات عسكرية "في المنام"، ولا يجوز لعسكري مقاتل على خط النار مثله أن يعمل تحت رئاسة "مدرس"!
مبدع "مُهاب مميش" هذا!