هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رسم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي صورة قاتمة عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بالمغرب، مسجلا أن الفقر والبطالة تجاوزت حدود المقبول في البلاد، معتبرا أنها كانت المحرك الأول للاحتجاجات التي عرفها المغرب في الفترة الأخيرة.
جاء ذلك في التقرير السنوي لسنة 2017 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة دستورية)، الذي يرفعه إلى الملك، ونشر على الموقع الرسمي للمؤسسة نهاية الأسبوع.
الفقر والبطالة.. قنبلة موقوتة
وشدد تقرير المجلس الذي جاء في 188 صفحة على أن الحركات الاحتجاجية التي عرفتها البلاد، خلال السنة الماضية، كان سببها المباشر هو نقص فرص الشغل.
وكشف المجلس أن اطراد الاحتجاجات ذات المطالب الاجتماعية في بعض المناطق، خلال الفترة الأخيرة، يفيد بأن "الفقر والبطالة في صفوف الشباب والفوارق أصبحت تتجاوز حدود المقبولية".
وتابع التقرير المجلس، أن محاربة الفقر والفوارق "تشكل ضرورة للحفاظ على التماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي".
اقرأ أيضا: تقرير رسمي: شباب المغرب يعيش "إقصاء" سياسيا واقتصاديا
وقال التقرير، إن الحركات الاجتماعية المسجلة خلال الفترة الأخيرة، سببها الفقر والبطالة في صفوف الشباب والإقصاء، والفوارق أضحت ظواهر ينظر إليها المواطنون بشكل متزايد بصفتها شكلا من أشكال الحيف، وربط التقرير الرفض المتزايد للفوارق بالمغرب بالتغييرات التي شهدها المجتمع المغربي.
وسجل أن الاحتجاجات التي شهدتها بعض أقاليم المملكة هذه السنة كجرادة، والتي كان من بين أسبابها نقص فرص الشغل اللائق وموارد الدخل المستقرة، ومحدودية نماذج التنمية القائمة في بعض المجالات الترابية والمعتمدة على مورد طبيعي واحد أو التي تتوفر على بنية إنتاجية غير متنوعة بالقدر الكافي.
وخصص المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الموضوع الخاص لتقريره السنوي برسم سنة 2017 لمسألة الفوارق الاجتماعية والمجالية.
ورصد التقرير خمسة عوامل تشكل العراقيل الرئيسية التي تحول دون تحسـين مناخ الأعمال بالمغرب، وتتعلق بالفساد، وضعـف نجاعة الإدارة العمومية، والحصول على التمويل، والنظام الضريبي، بالإضافة إلى التعليم غير الملائم لحاجيات سوق الشغل.
عراقيل وتراجعات
وأضاف: "وتنضاف إلى هـذه العراقيل الإشكالية تمديد آجــال الأداء، حيث واصلت منحاها التصاعـدي لتبلغ 99 يوما في المتوسط سنة 2017، في وقت لم يتم فيه بعد نشر النصوص التطبيقية للقانون المتعلق بسن الأحكام خاصة بآجال الأداء المعتمد فــي سنة 2016.
وسجل تراجعا اقتصاديا خلال سنة 2017، خصوصا فيما يتعلق بوتيـرة الأحداث المقاولات المسجلة (5.2 فـي المائة مقابل 8.3 بالمائة خلال السنة المنصرمة).
اقرأ أيضا: دراسة: رُبُع شباب المغرب بلا عمل ونصف العمال بلا شهادات
فيما لا تزال المقاولات حديثة النشأة تواجه صعوبات فـي البقاء، حيث إن 37 فـي المائة مـن المقاولات التي تم التشطيب عليها خلال سنة 2017 يقل عمرها عن خمس سنوات وحوالي 69 في المائة منها يقل عمرها عن عشر سنوات.
وختم مجلس فيما يخص هذه النقطة أن استمرار هـذه العوامل المعرقلة يضع مسألة فعالية الإصلاحات المتعددة التي تم إنجازها إلى حد الآن موضـع التساؤل، كما أنه يكشف عن البطء المسجل في تنفيذ سياسات النهوض بمناخ الأعمال وتحسين أداء المرفق العام.
مقترحات الخروج من النفق
واقترح في هذا الصدد جملة من المداخل ذات الأولوية، منها استعادة ثقة المواطنين في قدرة المؤسسات والسياسات العمومية على تحسين ظروف عيشهم، وتعزيز قيمة الاستحقاق، والحد من حجم الفوارق، وذلك من خلال تركيز الجهود على محاربة الفساد، وتعميم مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وزجر الممارسات المنافية للتنافس، ومحاربة الامتيازات، وتقليص الآجال الفاصلة بين اعتماد القوانين وبين إصدار النصوص التطبيقية المتصلة بها.
ودعا إلى بلورة اسـتراتيجية حقيقيـة لتنويـع الأنشطة القطاعية وفرص الشغل فـي المناطـق.
كما يقترح المجلس، إعادة إحياء الارتقاء الاجتماعي، عن طريق إعادة تأهيل المدرسة العمومية بما يمكنها من توفير تعليم ذي جودة ومتاح للجميع، وتوسيع القاعدة الضريبية وإرساء نظام ضريبي منصف ومتدرج يضمن إعادة توزيع المداخيل والثروات، بالإضافة إلى تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، من خلال تسريع عملية توجيه المساعدات العمومية للمواطنين وفق مبدأ الاستهداف، واستكمال إرساء نظام الحماية الاجتماعية الشاملة، وتجميع أنظمة التقاعد، بالإضافة إلى تقليص الفوارق المجالة عبر تحسين الحكامة والديمقراطية المحليتين، وتعزيز آلية التضامن المجالي.
وخلال الفترة الأخيرة، أصدرت عدد من المؤسسات الرسمية بالمغرب تقارير نشرت في أغلبها صورة سلبية عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.