هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت مصلحة السجون المصرية أنها أنهت إجراءات العفو الرئاسي عما يقرب
من 500 سجين بمناسبة احتفالات انتصارات أكتوبر المقبلة، وهي القائمة الخامسة لها
خلال العام الجاري، التي تخلو من السجناء السياسيين وتقتصر على الجنائيين فقط.
وطبقا
لبيان صحفي أصدرته المصلحة، فإنها فحصت أوراق المسجونين طبقا للقرار الرئاسي رقم
391 لسنة 2018، الذي أصدره رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بالعفو عن الذين قضوا
نصف مدة عقوبتهم أو ثلاثة أرباعها.
وأشارت مصادر داخل المصلحة لـ "عربي21" إلى
أن قرارات العفو الرئاسية التي يصدرها السيسي لا تشمل المعتقلين السياسيين، سواء
الذين صدرت ضدهم أحكاما قضائية، أو الذين ما زالوا رهن الحبس الاحتياطي.
وأكدت
المصادر ذاتها أن المعتقلين السياسيين أصبحوا تحت ولاية لجنة العفو الرئاسية التي
شكلها السيسي في 2016 بناء على توصية مؤتمر الشباب، وهي اللجنة التي تقدم تقريرا
للسيسي بأسماء المقترح الإفراج عنهم، وقد قدمت أربعة قوائم منذ تشكيلها بأسماء
آلاف المعتقلين، ولكن في النهاية خضعت القوائم لمراجعة أجهزة المخابرات والأمن
الوطني، ليتم إطلاق سراح 900 معتقلا فقط.
ولم
تنف المصادر أن قوائم لجنة العفو السياسية ضمت عدد كبيرا من المساجين الجنائيين
مثل صبري نخنوخ الذي شمله قرار العفو الأخير في أيار/ مايو الماضي، رغم أنه متهم
في قضايا بلطجة وحيازة مخدرات وأسلحة غير مرخصة.
من
جانبه، كشف عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين المحامي أحمد عبد الباقي لـ"عربي21" أن المعتقلين السياسيين
يتم استبعادهم من قرارات العفو بعد قضاء نصف المدة أو ثلاثة أرباع المدة، وما يعرف
بالإفراج الشرطي، موضحا أن المعتقلين الذين حكمت ضدهم المحكمة في أيار/ مايو 2017
بالسجن خمس سنوات في قضية غرفة عمليات رابعة، كانوا قد قضوا بالفعل أكثر من ثلاثة
أرباع المدة، ومع ذلك لم يتم إطلاق سراحهم، وقضوا المدة كاملة.
وأوضح
عبد الباقي أن هذا ما حدث أيضا في قضية الفتح وقضايا أخرى، رغم أنهم يحاكمون
إجرائيا طبقا لقانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات كباقي المتهمين الآخرين،
ويخضعون لإجراءات السجن ذاتها التي تحددها لوائح مصلحة السجون، ولكن في النهاية هم
ليسوا ضمن قوائم العفو الرئاسي.
ويشير
الباحث القانوني عادل زكريا لـ "عربي21" إلى
أن العفو الرئاسي نظمه القانون لتشجيع المساجين على تغيير سلوكهم للأحسن، وبالتالي
فإن كل مسجون يتمتع بحسن السير والسلوك، وقضى نصف مدة العقوبة المقررة أو ثلاثة
أرباعها، ولم يكن متهما في قضايا مخلة بالشرف، ومن غير المحكوم عليهم في قضايا قتل
العمد والمخدرات، من حقه قانونا العفو عن باقي مدة العقوبة، ولكن في الواقع فإن
هذا العفو يخضع لأهواء وحسابات أخرى غير قانونية.
ويؤكد
زكريا أن الرؤساء الذين حكموا مصر، باستثناء الرئيسين أنور السادات ومحمد مرسي، لم
يُفَعِلوا العفو مع السياسيين، بل في كثير من الأحيان كان يتم وضع الذين قضوا مدة
العقوبة رهن الاعتقال كما كان يحدث فترة حكم عبد الناصر ومبارك، وهو ما يقوم به
السيسي الآن ولكن بأسلوب ملتو، مستغلا سيطرته على القضاء في استمرار بقاء معارضيه
بالسجون ولكن بإجراءات قانونية.
ويشير
زكريا إلى أن القوائم التي قدمتها لجنة العفو الرئاسية التي شكلها مؤتمر الشباب في
2016، شهدت مزايدات كثيرة وخضعت لسطوة الأجهزة الأمنية، التي استغلت حلم الحرية
لإجبار عدد من الشباب للتوقيع على إقرارات بالتوبة والاعتراف بشرعية السيسي، وهو
ما استجاب له عدد من الشباب أملا في الخروج من السجن، ولكن قوائم العفو خلت من
معظمهم.
ويضيف زكريا أن إقرارات التوبة نفسها تؤكد أن القضايا التي اعتقل على
ذمتها أكثر من 60 ألف معارض منذ انقلاب 2013 هي قضايا سياسية ولا تخضع لقانون أو
دستور، بدليل أن الأجهزة الأمنية بيدها محو العقوبة التي تحددها المحكمة إذا أرادت
ذلك مع من تريد.
وفيما يتعلق بقوائم العفو التي يصدرها السيسي في المناسبات المختلفة،
يؤكد الباحث القانوني أن الحكومات المصرية اعتادت استغلال مناسبات عيدي الفطر والأضحى
واحتفالات أكتوبر وذكرى 23 يوليو، ومؤخرا ذكرى 25 يناير و30 يونيو، في تنفيذ
عمليات العفو الرئاسية المعتادة، وهي غالبا لا تضع السياسيين ضمن هذه القوائم
باعتبار أن ملف التعامل معهم يخضع لسلطة الأمن الوطني وليس مصلحة السجون.
ويشير زكريا إلى أن السيسي يستغل قضية العفو الرئاسي عن السياسيين
لتحسين صورته دوليا في ظل تزايد الانتقادات لملف حقوق الإنسان المصري، وتدني مرتبة
مصر في التقييمات الدولية ومؤشرات النزاهة والعدالة، موضحا أن السيسي لو كان حريصا
على إطلاق سراح المعتقلين، فإنه ليس بحاجة لإصدار عفو رئاسي، ولكن عليه فقط أن
يعطي أوامره للقضاء والأجهزة الأمنية بتنفيذ القانون، وفي هذه الحالة لن يتبقى
بالسجون سياسيون، ولكن هذا لا يريده السيسي على الإطلاق.