هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت مقارنة رئيس سطلة الانقلاب العسكري بين جيشي مصر، وإسرائيل، أثناء حرب أكتوبر 1973، غضب المصريين، ما دفع البعض لاتهامه بإهانة والتقليل من قدرات جيش العبور الذي اقتحم المانع المائي "قناة السويس" وحطم "خط بارليف" وقهر أسطورة "الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر".
وبالندوة التثقيفية للقوات المسلحة الخميس، بالتزامن مع احتفالات نصر أكتوبر؛ وصف السيسي، الحرب ضد إسرائيل بذلك الوقت بأنها كانت محاولة "انتحار" معلالا قوله بالفارق الهائل بالقوة العسكرية لصالح إسرائيل.
وبمقارنة اعتُبرت مُهينة للجيش المصري بعهد أنور السادات، وصف السيسي، أيضا قوة الجيش المصري آن ذاك بسيارة من نوع "سيات" في مواجهة قوة الجيش الإسرائيلي الذي وصفها بسيارة ماركة "مرسيدس".
وطالما أهان السيسي، مصر والمصريين بتعليقاته خارج الخطب الرسمية واستعماله لمصطلحات مثل "شبه الدولة"، و"إسقاط الدولة"، و"أمة من العوز"، و"إحنا غلابة أوي"، و"فقرا أوي"، و"يعمل إيه التعليم في وطن ضايع" وغيرها، لكنه بنهاية 2014، شبه مصر بالسيارة "سيات" يريدها بقوة "مرسيدس"، لتطال إهانته الجيش هذه المرة بتلك المقولة.
وفي تعليقه على حديث السيسي عن جيش العبور، اعتبره العميد محمد بدر، إهانة للجيش المصري، وقال: "كلام السيسي، عن حرب أكتوبر، مع الأسف الشديد مخجل ومخز"، مؤكدا أنه "لا يليق بتلك الحرب العظيمة ولا بمصر".
الضابط السابق بالجيش، أوضح لـ"عربي21"، أن تشبيه السيسي، جيش مصر في 1973، بالسيارة "السيات" مقابل تشبيه الجيش الإسرائيلي بـ"المرسيدس"، لا يقلل من معنويات الجيش وضباطه، مؤكدا أن "الجيش المصري أكبر من هذا بكثير".
وحول إذا ما كانت قد صدرت تلك الإهانة عن شخص آخر غير السيسي، ألا يستوجب ذلك محاكمة هذا الشخص بتهمة إهانة المؤسسة الوطنية العسكرية، أكد الضابط المصري، أن هذا الأمر (عقاب السيسي) ليس بيده ولا بيد أحد.
وحول دلالات كلمات السيسي، وهل يمكن اعتبارها إهانة للجيش المصري، يرى رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري، عمرو عادل، أن هذه الإهانة ليست جديدة، وتم الحديث بمثلها عشرات المرات وفي كل احتفال أو تجمع تقريبا يطرح السيسي نفس الإهانات.
اقرأ أيضا: لماذا غاب صدقي صبحي عن احتفالات السيسي بنصر أكتوبر؟
الضابط السابق بالجيش المصري، تعجب خلال حديثه لـ"عربي21"، من أن السيسي، هذه المرة أهان الجالسين أمامه بينما كانوا يصفقون له، واصفا تلك الحالة بأنها تنطبق على "اللا جيش وتتوافق فقط مع العصابات المسلحة وربما أسوأ حيث أن بعض العصابات المسلحة ترفض أن يهينها أحد"، معتقدا أن هذا هو التوصيف الصحيح لهذا الوضع.
وحول ترديد السيسي، لوجهة النظر الإسرائيلية عن حرب أكتوبر وكونها من عدمه محاولة لهدم الروح المعنوية للضباط الصغار، يرى عادل، أنها بالفعل كانت "حربا محدودة ولم تستمر إلا أياما وكان الجيش الإسرائيلي فعلا على مشارف القاهرة".
وبشأن تقليل شأن الجيش من شخص يدعي أنه (رئيس الدولة) وما قد يترتب عليه من هزيمة معنوية للضباط غير المستفيدين من الانقلاب، قال الضابط السابق، إن "هذه مشكلة صغار الضباط من يقبلون أن ينتموا لجيش احتلال بالوكالة، وهم يدركون ذلك ومن كان لا يدرك فقد أدرك الآن".
ويعتقد السياسي المصري، أنه لو كانت هذه الإهانة من شخص غير السيسي كان سيحاكم بتهمة إهانة الجيش، قائلا إنهم "يعتبرون الشعب مجموعة من الرعاع ليس لهم حق؛ فكيف يقبلون كلمة إساءة من عبيدهم".
تصريحات السيسي، أثارت الغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقال الباحث السياسي خالد الأصور، عبر "فيسبوك": "السيسي، يهوّن ويهين انتصار أكتوبر"، مضيفا: "سفّهت الدعاوى والافتراءات حول نصر أكتوبر العظيم والزعم بأنه مجرد تمثيلية بالاتفاق مع الصهاينة والأمريكان، أو التقليل من حجم الانتصار"، منتقدا ما أطلقه السيسي من تصريحات معتبرا أنها "غريبة عجيبة مريبة"، ومتعجبا من وصف الحرب بأنها كانت "محاولة (انتحار) نظرا للفارق (الهائل) بالقوة العسكرية لصالح الكيان الصهيوني".
واعتبر الأصور، أن وصف السيسي، قوة جيش مصر بـ"عربية سيات" في مواجهة قوة وسرعة "عربية مرسيدس"؛ مبالغة تصل لحد التجني بحق الجيش المصري، واصفا تلك التصريحات بـ"غير المسؤولة وتصنع حالة من اليأس وتفرط في تصوير قوة العدو الصهيوني التي زعم أنها لا تقهر وقهرناها، ويمكن أن نقهرها مجددا، برغم أنف كل من يزرع اليأس في قدرة مصر وجيش مصر".
اقرأ أيضا: ما دلالات الإطاحة بوزيري الدفاع والداخلية المصريين
وعبر برنامجه بفضائية "مكملين" قال الإعلامي المعارض حمزة زوبع، إن السيسي يبث روح اليأس لدى المصريين، وعندما يتكلم عن الاقتصاد يقول أريد رفع الروح المعنوية، لكن عندما يتكلم عن الحرب يقولك نحن "سيات" وهم "مرسيدس".
وتحت عنوان "لماذا يكرر السيسي الرواية الإسرائيلية"، كتب الباحث محمد سيف الدولة، بمدونته الشخصية: "أن يكرر ذات الرواية، (رئيس الدولة) أمام العالم، فهذا يمثل خطيئة كبرى بحق مصر وشعبها"، مضيفا: "حتى أنور السادات، نفسه لم يجرؤ على ترديد هذا الكلام، وكان يقدم رواية أخرى مفادها: أننا كدنا أن نحقق النصر الكامل لولا تدخل أمريكا بالحرب".
وقال: "حتى إذا كانت رواية إسرائيل والسيسي صحيحة، وهي ليست كذلك، فلا يصح أن تصدر علانية على لسان مسؤول مصري، فما بالك حين يكون هو (رئيس الدولة)"، مضيفا: "وليست هذه هي المرة الأولى التي يردد فيها السيسي هذا الكلام الذي يكسر الشعوب ويضعف ثقتها بنفسها ويضرب روحها المعنوية ويضخم من قوة إسرائيل".