هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار الحكم الذي أصدرته محكمة جنايات قنا بصعيد مصر، بحبس الطفل محمد أبو الحسن بخيت (6 سنوات)، بالحبس 6 أشهر، مع 28 متهمًا آخرين بتهمة مقاومة السلطات، ردود أفعال غاضبة ضد تجاوز السلطات المصرية في تعاملها الأمني والقانوني مع السيدات والأطفال.
وتزامن الحكم الذي لا يعد الأول من نوعه، مع اعتقال
9 نشاطات حقوقيات وإخفائهن قسريا منذ عشرة أيام، بالإضافة لإخفاء زوجة القيادي
الإسلامي عمر رفاعي سرور، وأطفالها الثلاثة، بعد أن سلمتهم السلطات الليبية للأمن
المصري في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعد مقتل والدهم بليبيا.
وتشير إحصائية أعلنتها المتحدثة باسم حركة "نساء
ضد الانقلاب" أسماء شكر، أن السجون المصرية يوجد بها حاليا 75 معتقلة، محكوم
على بعضهن بالمؤبد وأخريات بمدد أقل، فضلا عن المحبوسات احتياطيا، ووجود 10 سيدات
مختفيات قسريا.
ويشير قانونيون وسياسيون تحدثوا لـ"عربي 21" إلى أن توسع النظام في اعتقال الأطفال والنساء يمثل تجاوزا لكل الخطوط
الحمراء التي تعارف عليها المصريين، بإخراج النساء والأطفال من الخلافات والصراعات
السياسية، وهو ما تجاوزه الانقلاب العسكري الذي يتعامل مع معارضيه أيا كان عمرهم
أو نوعهم بإفراط شديد في القسوة.
اقرأ أيضا: محكمة بمصر تحكم بالسجن على طفل في السادسة.. والسبب؟
من جانبه، يؤكد الباحث القانوني بكر عمران لـ"عربي21"
أن قضية حبس طفل قنا، بتهمة مقاومته للسلطات قبل عام، سبقتها قضايا أكثر غرابة
متعلقة بالأطفال سواء كانت جنائية أم سياسية، منها الحكم العسكري في 2016 بالسجن
المؤبد ضد الطفل منصور قرني أحمد (3 سنوات)، لمشاركته في مظاهرات مؤيدة للرئيس
محمد مرسي بمحافظة الفيوم غرب القاهرة.
ويشير عمران لقضايا أخري كحبس 13 طفلا في 2015 بتهمة
قلب نظام الحكم، ومؤخرا إخفاء عبد الرحمن وفاطمة وعائشة أبناء الداعية الإسلامية
عمر رفاعي سرور، الذي قتلته السلطات الليبية وسلمت أسرته للقاهرة، ومحاكمة طفل
الدقهلية "7 سنوات" بتهمة التحرش بزميلته في الفصل، وكذلك الطفل
"عبد المسيح" بتهمة سرقة 5 أرغفة خبز.
ويؤكد الباحث القضائي أنه منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013 قام الأمن باعتقال مئات
الأطفال من بينهم أطفال لا يتجاوز عمرهم 7 سنوات، وقد حصل 52 منهم على أحكام
قضائية بالسجن، منهم 41 طفلا دفعة واحدة حكم عليهم بالحبس عامين في 2016 بقضية
"الترحيلة" الشهيرة، بالإضافة لطفلة أخري بمحافظة الدقهلية (17 عاما)
حكم عليها بالسجن 8 سنوات، للتحريض على الإرهاب.
وطبقا لعمران، فإن التهم تتنوع بين مقاومة السلطات
والانضمام لجماعة إرهابية وفي بعض الأوقات التمويل، وسرقة معدات عسكرية كالمدرعات،
مشيرا إلى أن التعديلات التي أدخلها السيسي على قانون الطفل مؤخرا، منحته الحق في
تقنين الإجراءات القانونية ضد اعتقال وحبس الاطفال في القضايا السياسية.
ويؤكد عضو البرلمان المصري السابق أمير بسام لـ"عربي21"
أن الانقلاب العسكري، أنتج نظاما دمويا تجاوز كل الحدود الأخلاقية قبل السياسية
والأمنية، وبالتالي فإن صدور قرارات بحبس الأطفال أو النساء، لم يعد غريبا في بلد
يحكمها عسكر دمويين.
اقرأ أيضا: لليوم العاشر.. إخفاء حقوقية ستينية قسريا في مصر
ويشير بسام إلى أن الأمن يستخدم في بعض الأحيان
الأطفال والنساء والطاعنين في السن، كرهائن لإجبار ذويهم لتسليم أنفسهم، وهو ما
يمثل انتهاكا آخر يضاف لسجل السيسي الإجرامي، مضيفا أن "التعويل على
الإجراءات القانونية لمواجهة ذلك، غير ذات جدوي، لسيطرته التامة على القضاء المدني
والعسكري".
ويضيف البرلماني السابق أن "المجتمع الدولي
مطالب بوقف هذه التجاوزات، والتعامل مع الأطفال المصريين، كأطفال الكهف بتايلاند،
فهم أيضا لهم حقوق على المجتمع الدولي تتطلب حمايتهم والدفاع عن حقوقهم، والتصدي
لانتهاكات النظام العسكري ضدهم باستخدام الآليات الدولية التي يمكن أن تمثل وسيلة
ضغط عليه".
وعن نوعية هذه الإجراءات يؤكد بسام أنها تشمل وقف
تصدير السلاح والمعدات العسكرية والرصاص والخرطوش والآليات وغيرها من الأجهزة التي
يستخدمها النظام في قتل وتعذيب ومواجهة معارضيه، والتي تستوردها مصر من فرنسا وألمانيا،
وبريطانيا وغيرهم.
ومن الإجراءات أيضا طبقا لبسام، وقف المعونات
والقروض الاقتصادية الدولية التي يقدمها صندوق النقد الدولي وشركاءه الدوليين
للنظام المصري، بما يساعده على الاستمرار في تجاوزاته وانتهاكاته، خاصة وأن القروض
التي حصل عليها لم تستفيد منها سوي المؤسسات الأمنية والعسكرية، بينما الشعب هو من
يدفع فاتورة هذه القروض بمزيد من ارتفاع الأسعار ومزيد من القهر والفقر.
ويضيف بسام أن "السجون المصرية مليئة بمئات
الأطفال والنساء، وبعضهم في السجون والمعتقلات منذ 5 سنوات، دون أن تتحرك المنظمات
المعنية بحقوق الأطفال والمرأة المصرية والدولية في الدفاع عنهم والعمل علي إنهاء
هذه المأساة".
ويحذر بسام من سجن الأطفال مع الجنائيين بهدف
إرهابهم وتعذيبهم، لأنه يمثل خطرا على المجتمع في المستقبل، خاصة وأن السجون
الجنائية تمثل بيئة خصبة لصناعة الإجرام، ويبدوا أن هذا ما يريده السيسي في إطار
خطته لتدمير المجتمع المصري.