هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
للمرة الثانية في أقل من عامين يتقدم أحد نواب ائتلاف دعم مصر الداعم لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي بمشروع قانون لمجلس النواب، يطالب فيه بحذف خانة الديانة من المحررات الرسمية وبطاقات الرقم القومي.
ووفقا لعضو البرلمان المصري إسماعيل نصر الدين، الذي قدم مشروع القانون الأخير فإنه يهدف من ورائه إلى تجميل صورة مصر أمام العالم، وأنها دولة متسامحة لا تعرف التعصب، موضحا أنه حصل على دعم عدد كبير من النواب لإلزام البرلمان بمناقشته مشروعه خلال الفترة المقبلة.
وأكد "نصر الدين" في بيان صحفي وصل "عربي 21" نسخة منه أن حذف خانة الديانة خطوة هامة لبناء دولة حديثة، تكتفي بذكر الجنسية فقط، وهو ما يعطي لمصر مصداقية أمام العالم، كما أنها تساعد بشكل كبير في جذب الاستثمارات الأجنبية، علي حد قوله.
يأتي هذا في الوقت الذي سبق فيه للجنة الشؤون الدينية بالبرلمان الاعتراض على مشروع مماثل قدمه عضو الائتلاف أيضا علاء عبد المنعم عام 2016، وسبق للجنة رفض قرار جامعة القاهرة بإلغاء خانة الديانة من محرراتها الرسمية، وقالت اللجنة إنها تصرفات الهدف منها المزايدة وإشعال الفتنة بالمجتمع.
وقد شهدت الساحة المصرية حالة جدل الأيام الماضية بعد تقديم النائبة غادة عجمي لمشروع قانون يحظر ارتداء النقاب بالأماكن العامة والمصالح الحكومية، إلا أنها تراجعت عنه قبل مناقشته بسبب ما اعتبرته منعا للفتنة والانشقاق داخل المجتمع.
إثبات الولاء
من جانبه يؤكد الباحث المتخصص بشؤون البرلمان معاذ الحديدي لـ "عربي 21" أن الهدف من هذه المشروعات ليس مجرد الشو الإعلامي (كما زعم وزير شؤون البرلمان عمر مروان، تعليقا على قانون منع النقاب)، خاصة أن النواب الذين يقدمون هذه التشريعات أعضاء بأكبر تكتل داعم للسيسي، وبعضهم له مواقف عدائية ضد المظاهر والثوابت الإسلامية مثل النائب محمد أبو حامد الذي قدم عدة قوانين مثيرة للجدل ضد الأزهر والإخوان المسلمين.
وأوضح الحديدي أن "الدورة الحالية هي الأخيرة في عمر البرلمان، ما يدفع كثيرا من النواب لإثبات ولائهم للنظام الحاكم الذي لم يعد خافيا موقفه السلبي من الثوابت الدينية، ما يجعل النواب يزايدون على كل ما هو متعلق بالشأن الإسلامي، مثل أزمة النقاب والآن أزمة خانة الديانة، وكأن مشاكل مصر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية انتهت لكي يتفرغ البرلمان لمناقشة هذه الأمور".
ووفقا للباحث البرلماني فإن ما يقدمه النواب يعبر بشكل أو بآخر عن توجهات النظام الحاكم، وفي كثير من الأحيان يستخدمهم النظام لـ "جس النبط" في الموضوعات المثيرة للجدل قبل تبنيها، كمشروعات قوانين الأزهر وفصل الإخوان من الوظائف الحكومية، ومنع النقاب والقانون الأخير المتعلق بخانة الديانة.
واستطرد: "فإذا مرت الأمور بدون جدل تبناها النظام، وإذا كانت النتيجة عكسية تدخل لمنعها، ليظهر في النهاية أنه راعي المصلحة العامة، وأشد المحافظين على تماسك النسيج الوطني، كما يصرح دائما وزير شؤون البرلمان".
"الشو الإعلامي"
وأضاف الباحث السياسي أسامة أمجد لـ "عربي 21" أن النواب يخاطبون من وراء مثل هذه التشريعات جهات معينة سوف تُقيم أداءهم، فإما تقرر استمرارهم بالبرلمان الجديد أو الدفع بغيرهم، وهو ما تشير إليه تصريحات رئيس البرلمان علي عبد العال، الذي وصفها بتشريعات الفضائيات، التي لا ترقى لأن يناقشها البرلمان، مشيرا إلى أن مجلسه يعاني من فوضى تشريعية ليس لها هدف إلا الشو الإعلامي.
وأكد "أمجد" أن "خانة الديانة قضية هامشية ولكنها تمثل رمزية هامة لدىي التيار العلماني الذي يعتبر إلغاءها انتصارا على الرمزية الإسلامية، بينما على أرض الواقع فإن من يقوم بعملية ضد المسيحيين مثلا لا ينظر في بطاقاتهم أولا ليتأكد إن كانوا مسلمين أم مسيحيين".
وتابع: "كما أن المسيحيين خلال السنوات العشرين الماضية، كانوا أكثر حرصا من غيرهم على إظهار هويتهم برسم الصلبان على أيدهم بشكل واضح، وارتداء السلاسل التي تحوي صلبان بارزة، بالإضافة لإظهار الصور الخاصة بالرموز القبطية في منازلهم وأماكن عملهم".
وأوضح الباحث السياسي أنه "إذا كان الهدف من القوانين التي يتم تقديمها لحذف خانة الديانة، عدم التمييز، فما موقف مقدميها من هذه الإجراءات التي يحافظ المسيحيين عليها للكشف عن هويتهم الدينية، وهل سيتم أيضا منعها وتجريمها، أم إن الهدف أن يكون التمييز إيجابيا فقط لصالحهم".
وأشار أمجد إلى أن "مثل هذه التشريعات تمثل خطورة على استقرار المجتمع الذي لم يتعاف حتى الآن من الانقسام الذي خلفه انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، وبالتالي فإنها سوف تعمق مشكلة الاستقطاب الديني والطائفي والسياسي، وتؤدي لعودة ظهور فئات وديانات شاذة مثل البهائية التي كانت سببا في أزمة سياسية ودينية خلال الفترة من 2005 إلى 2010، بسبب إصرارهم على إدراج (بهائي) في خانة الديانة".