هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بث معتقلون في سجن حماة المركزي، التابع للنظام السوري، بيانا مصورا من السجن، أعلنوا فيه إضرابهم عن الطعام بعد أحكام إعدام صدرت بحق البعض منهم.
وقام أحد المعتقلين بإلقاء بيان يطالب بالنظر في ملف المعتقلين المعلّق منذ سنوات، مؤكدا أن جل ما كانوا يدعون إليه الديمقراطية والتعددية والعدالة الاجتماعية والبعد عن الطائفية والمذهبية، الأمر الذي كان واضحا بحسب اللافتات التي رفعها المعتقلون أثناء تصوير الفيديو.
وأكدت مصادر لـ"عربي21"، الثلاثاء، أن المعتقلين في سجن حماة المركزي، بدأوا إضرابا عن الطعام منذ أمس الاثنين، معبرين عن قائمة من المطالب.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن المعتقلين في سجن حماة، أضربوا بعد صدور أحكام إعدام 11 شخصا منهم، مطالبين بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين الذين اعتقلوا منذ 2011 بعد اندلاع "الثورة السورية".
ما قصة الإضراب؟
من جهته، أكد رئيس الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين، فهد موسى الموسى، أن الإضراب لا يزال بالفعل جاريا في سجن حماة، وأن المعتقلين المضربين هم معتقلون سياسيون، جرى اعتقالهم لأسباب سياسية، واتهامهم بتهم "إرهاب".
وقال لـ"عربي21"، إن المعتقلين يطالبون نظام بشار الأسد بالإفراج عنهم وعدم نقلهم إلى سجن صيدنايا، وأن سبب الإضراب يعود إلى حضور قاضي الفرد العسكري في حماه فراس دنيا إلى سجن حماة، من حوالي 10 أيام، وطلب أن يتم ترحيل 11 معتقلا إلى سجن صيدنايا العسكري، و هم كانوا سابقا موجودين فيه، وتمت محكاكمتهم أمام المحكمة الميدانية ونقلهم إلى سجن حماة".
وأوضح: "لكن النظام عاد مؤخرا وطلبهم للحضور إلى سجن صيدنايا، وفي مثل هذه الحالة يكون الطلب هو لتنفيذ حكم بالإعدام، صادر عن المحكمة الميدانية، لأنه حين تصدر أحكام بالأشغال الشاقة المؤقتة أو المؤبدة يبقى المعتقل في سجن حماة، لتنفيذ العقوبة بالسجن، لكن عندما تكون العقوبة الإعدام فيتم ترحيل المطلوبين لصيدنايا بحجة حضور محاكمات.
ولفت إلى أن المحاكم الميدانية تعد أحكامها وقت السلم جريمة ضد الإنسانية، ووقت الحرب تعد أحكامها جريمة حرب، وفقا للمادة الثامنة من نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998، بقولها: "تعتبر جريمة حرب تنفيذ احكام الاعدام دون وجود احكام قضائية صادرة عن محاكم مشكلة تشكيلا نظاميا تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف عموماً بأنه لا غنى عنها".
وبحسب الموسى، فإن القضاء العسكري التابع للنظام السوري قضى على 11 من المعتقلين في سجن حماة بالإعدام، بعد نقلهم من مكان حبسهم إلى "المسلخ البشري"، سجن صيدنايا، سيئ السمعة، في ريف دمشق.
وأشار إلى فيديو مصور بثه المعتقلون في سجن حماة بشأن إضرابهم، وأنه "يثبت للعالم أجمع أن المعتقلين هم من كل الطوائف، ولا يوجد إرهاب في سوريا، وإنما هي كذبة من نظام الأسد للصقه بالطائفة السنية".
ولا يعرف كيف حصل المعتقلون على الكاميرا واللوحات والخطاطات لإعلان إضرابهم عبر بيان مصور، إلا أن الموسى أشار إلى أن السجن تعرض لعصيان كامل في 2015، واستمرت آثاره لليوم ما يسهل تواجد مثل هكذا أمور.
وأوضح أن "السجون المدنية في سوريا تخضع لعناصر الضابطة العدلية الذين يتعاطفون أحيانا مع المعتقلين، وهناك جمعية للسجناء يمكن أن تؤمن مستلزمات للمساجين والمعتقلين، لممارسة بعض الحرف داخل السجن، بالإضافة إلى الرشاوي ومنظومة الفساد".
وجاء في بيان المعتقلين: "أيها الشعب السوري العظيم بنسيجه المتكامل بكل أطيافه وانتماءاته وتوجهاته، نخاطب ضمائركم المشعة نبلا وإنسانية.. ويا أصحاب الأيادي الحانية البيضاء والنوافذ المشرعة دائما لعمل الخير، نناشدكم بكل الحب والإخاء للحد من عذاباتنا، وتبديد معاناتنا".
وأضاف البيان: "نحن القابعون منذ سنوات في ظلمات الزنازين شهيقنا تعب، وزفيرنا تعب، من حقنا أن نعيش، ويؤخذ موضوعنا على محمل الجد".
وتابع بأن "أفكارنا مترعة بالمدنية مشبعة بالديمقراطية، لا للمناطقية، نابذين كل أشكال الطائفية"، موضحا أن "جهات عدة قامت بالقدوم إلينا ووعدنا بوعود لا تغني ولا تسمن، فنناشد ضمائركم النظر لهذا الملف المعلق منذ سنوات، وكلنا أمل لأبناء أسرتنا الواحدة المتنوعة كل الجمال الرافدة لكل الطيوب على امتداد أرض الوطن الحبيب".
وفي التسجيل المصور نفسه، ظهر أحد المعتقلين وقال إنه من مدينة حماة من الديانة المسيحية، كما ظهر سجين آخر من مدينة القرداحة مسقط رأس الأسد، وطالبا بتسوية "أوضاع السجناء وإصدار عفو عام عنهم".
هاشتاغ حقوقي
وأطلق النشطاء والحقوقيون هاشتاغ على "تويتر"، وفق ما تابعته "عربي21"، "#إضراب_معتقلي_سجن_حماه"، طالبوا فيه بالإفراج عن المعتقلين السياسيين الذي اعتقلوا منذ 2011، ومنددين بأحكام الإعدام، ونقل المعتقلين إلى "صيدنايا" سيئ الصيت.
وعلقت منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" على أحكام الإعدام، التي صدرت، موضحا أنها أتت بعد يومين من زيارة مسؤولين في نظام الأسد للسجن، واجتماعهم مع المعتقلين، وقاموا خلاله باطلاعهم على لوائح تحمل أحكاما مختلفة بحق 68 معتقلا.
وأصدرت الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين بيانا وصل "عربي21"، نسخة منه، ناشدت فيه كافة الدول المعنية بالقضية السورية، والأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، والجمعية العامة للأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان، والمجتمع الدولي بأكمله، العمل على تنفيذ القرارات الدولية الصادرة أمميا بخصوص قضية المعتقلين.
وطالبت الهيئة التي يرأسها الموسى، بإلغاء القضاء الاستثنائي في سوريا، بما فيه المحكمة الميدانية العسكرية، وما يسمى "زورا وبهتان" بمحكمة الإرهاب، لـ"مخالفتها المبادئ القضائية والقواعد الدستورية كافة المعمول بها منذ استقلال سوريا.
وطالبت ذلك بـ"إعلان بطلان كافة الأحكام الصادرة عن المحكمة الميدانية العسكرية ومحكمة الإرهاب كقضاء استثنائي يفتقد للشرعية القانونية و الدستورية".
وشددت على أهمية "تأمين الحماية الحقوقية دوليا للأشخاص الذين ظهرت صورهم بمقطع الفيديو حتى لا ينتقم نظام الأسد منهم" و"العمل بشكل جدي و سريع على اتخاذ سياسات دولية لتنفيذ القرارات الدولية بشأن ملف المعتقلين، والعمل على إطلاق سراح كافة الأسرى والمعتقلين من السجون السورية، و بيان مصير المفقودين".
مطالب بنصرة المعتقلين
بدوره، طالب المحامي عبد الناصر العمر حوشان، عضو هيئة القانونيين السوريين، بالعمل على إنهاء معاناة المعتقلين السوريين في معتقلات النظام التي وصفها بأنها "غير شرعية"، لا سيما سجونه المدنية، وإطلاق سراح من بقي حيا منهم، والكشف عن مصير المفقودين ومجهولي المصير الذين تمت تصفيتهم في زنازين فروع المخابرات و"المعتقلات الخارجة على القانون"، وفق قوله
وأوضح لـ"عربي21"، أن "ما قام به معتقلو الرأي في سجن حماة، يأتي بعد أن شعر هؤلاء بالخذلان من المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، بحيث لم يعد لهم أمل إلا القيام بهذه الخطوة، آملين أن تساهم في صحوة الضمير الإنساني للدول الفاعلة في الملف السوري".
وطالب بأهمية "العمل على إعادة ملف المعتقلين السوريين في زنازين النظام إلى ملف إنساني، بعد أن جعله النظام وروسيا ملفا تفاوضيا، يخضع للمساوامات السياسية والابتزاز السياسي على حساب حرياتهم وحياتهم".
وقال: "بالنسبة لنا نحن هيئة القانونيين السوريين، أرسلنا مذكرات قانونية مهنية عدة إلى أكثر من ثلاثين دولة فاعلة في الملف السوري، عبر الطرق الرسمية، وكذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان وعدد من المنظمات الحقوقية، بيّنا فيها عدد المعتقلين والمفقودين والظروف التي يعيش بها هؤلاء، وأهاليهم، وأماكن الاعتقال غير الشرعية".
وأضاف: "طالبنا بتشكيل لجان تقصي حقائق، ولجان كشف مصير المفقودين، وتسليم رفاة من توفي منهم إلى أهاليهم".
وطالب "الإخوة الأحرار في المناطق المحررة الوقوف إلى جانب معتقلي سجن حماة، الذين دخلوا بالإضراب المفتوح عن الطعام، والخروج بمظاهرات، وتنظيم اعتصامات نصرة لهم، والمطالبة بوقف أحكام الإعدام وإطلاق سراحهم".
يشار إلى أن سجن حماة المركزي سبق أن شهد عصيانا من السجناء في آب/ أغسطس 2015، وما تزال آثاره مستمرة لليوم.