يحتفي مجلس الشورى بخطاب سلمان المنتظر قبل النطق به!!! وذلك يوم الاثنين 19 من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الشورى السعودي في
خطاب من المفترض أن يحدد بحسب المتابعين ملامح السياسة الداخلية والخارجية للدولة
السعودية!
ساعات تفصل
الملك سلمان عن خطابه الذي ينتظره الخارج قبل الداخل هذه المرة، لسماع القول الفصل في قضية واحدة لا شريك لها.. قضية جمال خاشقجي التي حيكت أول خيوطها في الرياض لكن انفلت زمامها وتشعبت وتعقدت لتمسي حبلا غليظا يتهدد رقبة الدولة السعودية من أقرب حلفائها قبل المغررين والمتربصين بها !!
لابد للملك سلمان وهو يتحضّر ليوم الإثنين الموعود.. لابد له أن يستحضر كقائد ما الذي تمليه عليه القيادة
قبل ساعات من خطاب الملك سلمان لابد له أن يكون قد ألقى السمع لمناشدة الرئيس التركي حين خاطبه صادقا من أنقرة يوم الثلاثاء 23 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي طالبا الحقيقة من الملك سلمان في قضية مواطنه السعودي جمال خاشقجي، ولا بد أن يكون الملك سلمان وهو يسطر كلمات خطابه للظرف الدولي الذي يتربص ببلاده بصيرا!!
ومرة أخرى لابد لسلمان وهو يتحضّر ليوم الإثنين الموعود.. لابد له أن يستحضر كقائد ما الذي تمليه عليه القيادة، ولا ضير من يستدعي تاريخا قريبا ويستخلص العبر وأن يتأسّى بملك عربي مثله استحضر ما تمليه عليه القيادة حينها وذلك قبل أكثر من 21 عاما.. لم يتردد الملك الأردني الحسين بن طلال من أخذ زمام المبادرة حين تعرض أحد مواطنيه لمحاولة اغتيال في 25 أيلول/سبتمبر 1997.
تلكأ وزير إعلامه ومن خلفه حكومته وتردد أعلاه بين رواية رسمية هشة وواقع يؤكد ان مواطنه خالد مشعل بين الحياة والموت إثر محاولة اغتيال اسرائيلية فاشلة.. لم يتردد الملك الأردني بأخذ زمام المبادرة ولم يلجأ إلى راعية السلام الولايات المتحدة حينها في محاولة الضغط على إسرائيل أو استجداء اعتراف منها بما اقترفته، أخذ زمام المبادرة ولم يسمح لوزير أو رئيس حكومة أو مدير مخابرات أن يتحايل أو يتملص أو يميع الموضوع أو يستمر في تقديم روايات لا تحترم عقل ولا كرامة ولا حياة مواطنيه، أخذ زمام المبادرة من أول لحظة تأكد له ومن أول يوم أن هناك من دبّر ونفذ محاولة اغتيال لأحد مواطنيه، أخذ زمام المبادرة ولم يصمت أو ينتظر مثلا استقبال وزير خارجية الولايات المتحدة من ولي عهده لخلق مقاربة أو مخرج ما!! أخذ زمام المبادرة دون النظر لحسابات السياسة بما قد يتهدد اتفاقه المبرم مع إسرائيل اتفاق وادي عربة الذي كانت الأردن بأمسّ الحاجة السياسية إليه وفق رؤية الملك حسين نفسه، والذي قد يتهدده تصعيد من الملك حسين مع إسرائيل في المتابعة والإصرار على اتهام وادانة إسرائيل بمحاولة اغتيال أحد مواطنيه، أخذ زمام المبادرة ولم ينتظر نتائج التحقيقات وهو يعلم أن كل دقيقة تمر هي بمثابة مزيد من الخطر، الذي يتهدد حياة مواطنه الأردني إن لم يُعط ترياق الحياة في حينه، أخذ زمام المبادرة دون كل الإعتبارات السابقة وأبلغ اسرائيل رسالة واحدة في خطابه الشهير الذي وصلت صدى كلماته للخارج قبل الداخل: حياة مسيرة السلام معلقة بحياة هذا الأردني!.. وكان للملك الأردني ما كان ورضخ نتنياهو وحكومته وتبعته الولايات المتحدة وكل الغرب في إدانة الحماقة التي اقترفتها إسرائيل... وسطر بفعله وقوله عبرة للتاريخ.
في ذلك التاريخ من أيلول/سبتمبر 1997 أظهر الملك حسين ما تقتضيه روح القيادة عليه من الوقوف إلى جانب مواطنه الأردني وإلى جانب الحق والحقيقة.. أما اليوم والملك سلمان يتحضّر لإلقاء خطابه المنتظر لابد من استعادة زمام المبادرة وأن يستحضر روح القيادة التي تملي عليه مسؤولية أمام شعبه والعالم وتاريخ أسرته وقبل كل ذلك أمام ضميره فيضع حدا في خطابه لكل ما اقترفه أقرب المقربين إليه ويضع حدا لكل محاولات التستر والاستهتار في عملية اغتيال واحد من نخبة مواطنيه على أرض غريبة.. لابد للملك سلمان وهو يخطو بتؤدة نحو منبر الشورى متكئا على عصاه (عصى حكمة وقيادة لا عصى يهش بها على غنمه!!) ان يستحضر روح القيادة ويقول القول الفصل: حياة هذا المواطن السعودي المهدورة دونها الرقاب وقول الحقيقة!.. خطاب الملك سلمان المنتظر سيكون فصلا بين أن يكون قائدا او غائبا!!