نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية تقريرا تطرقت فيه إلى
عمل المحكمة العليا في
بريطانيا على التسريع في إصدار قرارها حول بطلان أو صحة
استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد التحقيق الذي خضع له رجل
الأعمال أرون بانكس، والتجاوزات التي شابت عملية التصويت في الاستفتاء.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن
المحكمة العليا البريطانية ستصدر حكمها قبل أعياد الميلاد المسيحية التي تنطلق في
ليلة 24 كانون الأول/ ديسمبر، حول صحة استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي،
في دعوى قضائية تلقت دفعة قوية بفضل التحقيق الجنائي حول الدور الذي لعبه رجل
الأعمال أرون بانكس في تمويل حملة مغادرة الاتحاد.
وحسب الصحيفة، فإن القضاة يستعدون للتسريع في النظر في هذه القضية
الحساسة، خاصة بعد رفض رئيسة الوزراء تيريزا ماي التحرك إزاء الأدلة المتزايدة حول
وجود عدد من الإخلالات القانونية التي رافقت حملة الاستفتاء سنة 2016. وقد وصف
محامون موقف ماي بأنه غريب، بالنظر إلى التحقيق الذي تجريه الوكالة البريطانية
لمكافحة الجريمة حول شبهات وقوع العديد من الجرائم التي اقترفها أرون بانكس وبقية
القائمين على حملة مغادرة الاتحاد.
ومن المنتظر أن يتم عقد جلسات استماع مطولة في هذه القضية، ثم إصدار
حكم بعد أسابيع قليلة من بداية الجلسات في السابع من كانون الأول/ ديسمبر، في ظل
ضيق الوقت واقتراب موعد خروج بريطانيا من الفضاء الأوروبي في آذار/ مارس المقبل.
ويعتقد المحامون والباحثون الأكاديميون أن حظوظ نجاح هذه الدعوى
القضائية تلقت دفعة كبيرة، بعد الفضيحة التي كشفت حيثيات تمويل حملة المغادرة،
ورفض الحكومة الاعتراف بفداحة التجاوزات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة ستعتمد على السير جيمس إيدي، المحامي
البارز لدى المحكمة العليا، الذي قاد معركة خاسرة لتمكين الحكومة من تفعيل الفصل
50 دون موافقة البرلمان، وهو ما يشير إلى أهمية هذه القضية.
ونقلت الصحيفة عن إيوان ماكغوهي، الأستاذ المحاضر في القانون في معهد
كينغ في لندن، أنه "يمكن أن يتم الحكم ببطلان قرار رئاسة الوزراء من خلال
تفعيل الفصل 50 والشروع في التفاوض مع الاتحاد الأوروبي حول المغادرة. والآن ستكون
صحة استفتاء
البريكست موضع تدقيق". وأضاف ماكغوهي أنه "إذا تم سحب
الميداليات من الرياضيين الروس الذين فازوا بها في الألعاب الأولمبية بعد ثبوت
تعاطيهم للمنشطات، فإنه يمكن تطبيق نفس الأمر على التصويت المزور".
وحسب أحد قيادات حزب المحافظين فإنه "إذا تمت إدانة أرون بانكس
في التحقيق الجاري، فإن مآله سيكون السجن. وبما أنه هو الرجل الذي لعب دورا كبيرا
في تحديد نتيجة التصويت فإنه قد يتسبب الآن في إلغائها".
وأوضحت الصحيفة أن هذه الدعوى القضائية تسعى لاستصدار حكم ببطلان
البريكسيت وإلغاء الإشعار، بتفعيل الفصل 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، المتعلق
بالخطوات التي تتخذها أي دولة راغبة في مغادرة هذا الاتحاد. وتعليل هذا القرار
سيتمثل في وقوع "مخالفات جنائية متعددة". ويمكن أن يصدر في حق أرون
بانكس حكم بالسجن لعامين، إذا ثبت تورطه في تعمد إخفاء حقيقة أن شركة مقرها في
جزيرة مان، كانت مصدر تمويلات بقيمة ثمانية ملايين جنيه إسترليني لحملة مغادرة
الاتحاد الأوروبي، في وقت يمنع فيه القانون الحصول على تبرعات أجنبية.
وعلى الرغم من التجاوزات الأخرى التي أكدتها اللجنة الانتخابية في
بريطانيا، المتعلقة أساسا بالجانب المالي في حملة مغادرة الاتحاد الأوروبي، إلا أن
الحكومة البريطانية رفضت الدعوات لإنشاء لجنة تحقيق تشبه لجنة روبرت مولر، التي
تحقق في شبهة وجود اتصالات بين روسيا وحملة ترامب في الانتخابات الرئاسية
الأمريكية. وأمام هذه الدعوات، أصرت ماي على التقليل من شأن النتائج التي خلصت
إليها اللجنة الانتخابية، على الرغم من أنها ترقى إلى مرتبة جرائم.
وذكرت الصحيفة أن مكتب كروفت للمحاماة وجه مراسلة إلى رئيسة الوزراء
في السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر، يدعوها فيها إلى "إعادة النظر في رفضها
اتخاذ أية إجراءات، على إثر قيام وكالة مكافحة الجريمة بفتح تحقيق". كما
دعاها هذا المكتب إلى القيام بتحقيق مستقل وسريع حول التجاوزات التي رافقت حملة
الاستفتاء، والتفكير في أفضل السبل لإقامة استفتاء آخر.
ونقلت الصحيفة عن روبرت كروفت، الممثل عن الجالية البريطانية في دول
الاتحاد الأوروبي، قوله إن: "موكليّ يعتقدون أنه من الغريب أن ترفض رئيسة
الوزراء اتخاذ أي إجراءات من أي نوع، في علاقة بالمعلومات التي كشفت حول طريقة
إجراء استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، والتجاوزات التي تطرح شكوكا حول مدى
قانونية العملية".
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن رئيسة الوزراء تواصل دفاعها عن
نتيجة الاستفتاء، حيث قالت في مجلس العموم يوم الأربعاء الماضي: "لقد رأينا
أعدادا غير مسبوقة من الناخبين يشاركون في ذلك التصويت. لقد كان تمرينا رائعا على
الديمقراطية في هذه البلاد، وأنا أعتقد أن ذلك الاستفتاء أسفر عن هذه التعليمات
للبرلمان، يجب علينا الحرص على مغادرة الاتحاد الأوروبي، مثلما اختار
الناخبون".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)