هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت التعديلات الضريبية التي أقرتها الحكومة المصرية على عوائد الاستثمار في أدوات الدين الحكومية مخاوف كبيرة لدى القطاع المصرفي في مصر.
ووافق مجلس الوزراء المصري، الأربعاء الماضي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل، يسمح بفصل إيرادات عوائد أذون وسندات الخزانة العامة في وعاء مستقل عن باقي الإيرادات الأخرى.
وأبدت البنوك المصرية اعتراضها على التعديلات الجديدة، خوفا من فرض ضرائب إضافية على البنوك، وشكل اتحاد البنوك المصرية لجنة لمناقشة تلك التعديلات، تكونت من ممثلي بنوك الأهلي المصري ومصر والتجاري الدولي وقطر الوطني وفيصل الإسلامي والزراعي المصري.
وخلصت لجنة اتحاد البنوك إلى تقديم مقترح للحكومة يتضمن تغيير طريقة احتساب التكاليف الخاصة بعوائد أذون وسندات الخزانة بهدف تخفيضها، مؤكدة أن التعديلات لا تمثل حساباً دقيقاً للتكلفة الخاصة بعوائد أذون وسندات الخزانة.
خسائر أولية
ورصدت "عربي21" الخسائر الأولية التي تلت الإعلان عن موافقة الحكومة المصرية على التعديلات الضريبية الجديدة، والتي تمثلت في تراجع ملحوظ في المبالغ المعروضة من قبل البنوك للعطاء الأخير الذي طرحه البنك المركزي نيابة عن وزارة المالية، الخميس الماضي، إلى جانب الخسائر التي تكبدتها أسهم البنوك المدرجة في البورصة المصرية.
وقدمت البنوك نحو 7.9 مليار جنيه مقابل عطاء مطلوب بنحو 9.5 مليار جنيه لأجل 182 يوما، كما قدمت 9.3 مليار جنيه مقابل عطاء مطلوب بنحو 9.5 مليار جنيه لأجل عام، فيما سجلت أسهم البنوك المدرجة في البورصة المصرية سلسلة خسائر متتالية على مدار الأسبوع الماضي، وخسرت خلال تعاملات جلسة أمس الاثنين ما بين 0.7% إلى 5%.
اقرأ أيضا: ما سر الخلاف الحكومي بمصر حول سرية الحسابات المصرفية؟
ومن جانبها، دافعت وزارة المالية عن التعديلات، مؤكدة أنها تستهدف "التعامل بحيادية وشفافية وبقدر من العدالة والمساوة الضريبية فيما يخص استثمارات المؤسسات المالية في الأوراق المالية الحكومية وضمان عدالة تحصيل الضرائب المستحقة على الأرباح المحققة عن بقية أنشطة تلك المؤسسات المالية".
وقالت في بيان لها، إن "التعديل المقترح سيعمل على فصل الإيراد والتكلفة المرتبطة بالاستثمار في أذون وسندات الحكومة في وعاء مستقل يخضع للضريبة القائمة كما هي عند 20% والتعامل مع باقي إيرادات ومصروفات المؤسسات المالية كوعاء منفصل يخضع صافي الربح المحقق من تلك الأنشطة لضريبة الدخل الحالية بسعر 22.5%".
وردا على الاستفسارات التي طلبتها إدارة سوق المال من البنوك المدرجة في البورصة المصرية بشأن التأثيرات المتوقعة على نتائج أعمالها تأثرا بالتعديلات الجديدة، قالت بنوك التجارى الدولى وأبوظبى الإسلامى، وفيصل الإسلامى، والشركة المصرفية إنها تنتظر نتائج الاجتماعات بين اتحاد بنوك مصر ووزارة المالية ومصلحة الضرائب، للتوافق على الصيغة النهائية للقانون واللائحة التنفيذية وموعد التطبيق، حتى تتمكن من دراسة وتحديد التأثيرات على نتائج أعمالها، وفقا لصحيفة البورصة.
ويتم تداول أسهم 14 بنكا فى البورصة المصرية، ويعد البنك التجارى الدولى هو أكبر شركة مدرجة فى السوق وصاحب أكبر وزن نسبى فى المؤشر الرئيسى إيجيكس 30.
اقرأ أيضا: في ذكرى التعويم.. مخاطر كبيرة تواجه الجنيه المصري
موارد جديدة
وخلال حديثه مع "عربي21"، أيد الخبير المصرفي محسن خضير التعديلات الضريبية الجديدة على عوائد الاستثمار في أدوات الدين الحكومية قائلا: "البنوك لديها أرباح كبيرة لا يتم الإعلان عنها، والتعديلات الجديدة لن يكون لها آثار سلبية على أداء القطاع المصرفي".
وقال خضير إن "الحكومة المصرية تقوم الآن بتعديل عدد من القوانين الخاصة بالضرائب بهدف البحث عن موارد جديدة لتمويل الموازنة العامة للدولة، معتبرا أن هذا الاتجاه يمثل "فكرا اقتصاديا صحيحا"، بحسب رأيه.
وعن الآثار السلبية التي ترتبت على الإعلان عن تلك التعديلات، أرجع الخبير المصرفي ذلك إلى "فشل الحكومة المصرية في تسويق مشروعها بشكل مناسب"، مؤكدا أن "التأثير السلبي لتلك التعديلات سيكون محدودا خاصة وأن البنوك لديها أرباح كبيرة".
ودائع البنوك
وفي المقابل، أكد الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي أن هذه التعديلات ستؤثر سلبا على أموال المودعين في البنوك المصرية.
وقال الصاوي في تصريحات لـ "عربي21"، إن معظم أرباح البنوك تأتي من الاستثمار في أدوات الدين الحكومية المتمثلة في أذون وسندات الخزانة، وتأثر تلك الأرباح سيؤثر بلا شك على العوائد التي تدفعها البنوك للمودعين.
وأضاف الصاوي: "قد تؤدي تلك التعديلات إلى اتجاه البنوك لخفض سعر الفائدة على الإيداع نتيجة لتراجع أرباحها من أذون وسندات الخزانة التي كانت تغطي مخاطر استثمارات البنوك الخارجية"، لافتا إلى "البنوك لا تملك سوى حصة بسيطة من رؤوس الأموال التي لديها والباقي أموال المودعين، وأي تأثر في رؤوس أموال أو أرباح البنوك ينعكس بالسلب على المودعين".
وأوضح الصاوي أن طريقة الحساب الضريبي الجديدة وفقا للتعديلات الحكومية، قد تؤدي إلى "ازدواج ضريبي"، مؤكدا أن الحكومة المصرية تبحث عن أي باب من أبواب زيادة الإيرادات العامة دون النظر إلى التأثير السلبي المترتب على ذلك.