هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اختلفت المواقف حول نتائج حادثة التصادم بين
الأجهزة الأمنية اللبنانية "شعبة المعلومات" مع أنصار رئيس حزب التوحيد
وئام وهاب، فبينما يرى البعض أنّ وهاب وضع نفسه في مواجهة مباشرة مع القضاء والأمن
الداخلي اللبناني، ذهب آخرون إلى توصيف ما حصل بأنّه انتصار كبير حصده القيادي
الدرزي على المستوى الشعبي لطائفته، وأيضا سياسيا من خلال فرض أمر واقع و حصانة
خاصة عنوانها "حليف الأقوى"، في الإشارة إلى حزب الله.
وإذا كان فتيل الأزمة اشتعل بفعل تصريحات متوالية من وهاب ضد الرئيس المكلف سعد
الحريري اتهمه فيها بالسرقة والفساد، فإنّ "القضاء تحرك" قبل أيام بناء
على إخبار من محامي تيار المستقبل وآخرين مستقلين ضد الحليف الدرزي لحزب الله على
خلفية تسريب فيديو للأخير يتناول فيه رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري سبا وشتما،
ولكن في الوقت عينه تلميحا من دون تسميته.
ويقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى جانب الحريري لا بل دعم
التحركات الأمنية ضد وهاب ومناصرية معتبرا إياه "حالة شاذة"، إلا أنّ
اللافت إلى أن الزعيم التاريخي للدروز في لبنان يجد نفسه عاجزا عن وقف ما يوصف
بالتنامي المتسارع في حضور وهاب في الشارع الدرزي تحديدا مستمدا قوته ونفوذه من
الدعم والغطاء من حزب الله.
و بدا لافتا في الآونة الأخيرة ثقة وهاب في
التعاطي مع الاستدعاء القضائي بحقه، حيث أشار محاميه معن الأسعد إلى رفع دعاوى من
موكله ضد قائد قوى الأمن الداخلي ومدعي عام التمييز.
مشادة فتصادم
ورأى النائب في اللقاء التشاوري (سنة 8 آذار)
وليد سكرية أنّ "حادثة الجاهلية بدأت بمشادة كلامية على شاشات التلفزة قبل أن
تأخذ بعداً أمنياً "، متابعاً: "التحول الذي حصل جاء بفعل إرسال قوة
أمنية كبيرة لإحضار الوزير السابق وئام وهاب بالقوة مما كاد أن يسفر عن اشتباك
واسعة وخسائر بشرية من الطرفين، وبالفعل سقطت ضحية (مرافق الوزير السابق وئام
وهاب)".
ولفت في تصريحات لـ"عربي21" إلى أنّ
التدخلات السياسية لجمت الأزمة في بدايتها، لأنّ الهدف كان إحضاره وإبقاؤه موقوفا إلى
يوم الإثنين لكون يوم السبت عطلة قضائية"، مؤكدا أن المخطط لو نفذ لأُشعلت
الاحتجاجات من قبل مناصري وهاب مما قد يؤدي إلى اشتباكات وأحداث متفرقة لا يعلم
أحد تداعياتها أوانعكاساتها على الأوضاع في لبنان".
وأشار إلى أن "خطوة إحضار وهاب لم تكن
مدروسة على مستوى ردود الفعل"، وردا على سؤال حول مخاوف اللبنانيين من هشاشة
الوضع الأمني، قال: "الأمن ممسوك في لبنان وما حدث في الجاهلية ناتج عن
تقديرات خاطئة كادت أن تؤدي إلى انفجار معين"، مشيرا إلى أن "المسألة
ستترك حين وقوع التأزم في عهدة المعالجات من دون معرفة المآلات المتوقعة على
الساحة اللبنانية".
وعن سبل معالجة الأزمات المتراكمة من النواحي كافة، دعا سكرية إلى "تشكيل
الحكومة للبدء بمعالجة الأوضاع"، مستغربا "غياب السلطة التنفيذية التي بيدها مفاتيح الحلول للأزمات
التي يكابدها اللبنانيون"، وحذّر من المخاطر المحدقة بالبلاد عند "وقوع
أي حادث عرضي بين فريقين".
وشدّد على أنّ الحلّ يكمن في تشكيل حكومة وحدة
وطنية للشروع في المعالجات الاقتصادية بالدرجة الأولى وصولا إلى المشاكل الأمنية
وغيرها"، ورأى أنّ تقليل شريحة واسعة من اللبنانيين لأهمية الدولة في معالجة
أزماتهم مَرده إلى غيابها لفترة طويلة عن مقاربة ومعالجة الأزمات التي عصفت
بلبنان"، مضيفا: "الدولة فشلت في معالجة أزمة الكهرباء، وعجزت عن إيجاد
حلول للمديونية التي يرزح تحت وطأتها الاقتصاد".
وطالب سكرية بأن تكون السلطة التنفيذية في
البلاد فاعلة عبر التوقف عن سياسة لحس المِبْرَد وسياسات الفساد والمحاصصة بين
النافذين على حساب مال الشعب اللبناني.
الأزمة الأصعب
وحول التطورات الأخيرة أكد النائب في كتلة
المستقبل هنري شديد أنّ "ما يحصل حاليا في لبنان ليس جديدا بل اعتدنا عليه،
بيد أنّ نسبة المخاطر ارتفعت ما يستدعي معالجة سريعة للأوضاع الحساسة التي تمرّ
بها البلاد من خلال الحكومة".
وبيّن شديد في تصريحات لـ"عربي21"
أن "الأزمة التي يمرّ بها لبنان حاليا هي الأصعب منذ فترة طويلة"،
موضحا: "يتكرر المشهد على الصعيد السياسي بشكل قد تعايش معه اللبنانيون"،
غير أنّه أشار إلى "التخوفات الكبيرة إزاء التدهور الاقتصادي والتداعيات
القاسية التي قد تنتج لو تطوّرت الأمور سلبيا".
ولفت إلى أنّ "الأوضاع قد تتبدل في
لبنان إلى الأفضل بشكل مفاجىء على غرار ما حدث مرات عدة سابقا"، منوها إلى أنّ"الأمل
ما زال حاضرا، واللبنانيون قادرون على اختراع طرق عدة لحلّ أزماتهم"، وحول
أسباب سخونة الشارع في لبنان، حمّل شديد ما وصفه بالخطاب السياسي المسؤولية
"لانحداره إلى مستوى سلبي لا يليق بالسياسيين ولا بالشعب اللبناني"،
مشيرا إلى أنّ"المستوى السياسي والاجتماعي في لبنان مرتفع، لكنّ الممارسات
الحالية ليست بالمستوى المطلوب".
وتناول شديد "عقدة تأليف الحكومة"،
قائلا: "من المحتمل أن يكون الهدف من وراء عقد التأليف تأخير تشكيل الحكومة
لأسباب متعددة، خصوصا أنّ التوقعات التي أطلقت خلال عملية التأليف ذهبت إلى مسافة
10 إلى 15 يوما إلا أنّ المدّة طالت"، ونوّه إلى أن الأسباب الكامنة وراء
عرقلة التأليف "تعود لعناصر داخلية وخارجية"، معربا عن تفاؤله في أن
"تبادر الأطراف اللبنانية إلى تذليل العقبات لما فيه صالح البلاد".
اقرأ أيضا: دعوة للهدوء في بلدة لبنانية إثر محاولة القبض على وزير سابق