هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الذي يدرك مدى صعوبة وتعقيد وضع الفلسطينيين دون أن يحرك ساكنا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد مرور 14 سنة على احتلال رام الله، نجح محمود عباس في تهدئة الأوضاع في الضفة الغربية مقابل التعاون بشكل وثيق مع دولة الاحتلال. ويبدو أن عباس يدرك تماما أن إضاعة المزيد من الوقت ليس في صالحه، وقد يؤدي غيابه إلى اندلاع الفوضى بين الفلسطينيين.
وذكرت الصحيفة أنه في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، استقال وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، وهو واحد من أكثر السياسيين الإسرائيليين تطرفا، لكن ذلك لم يمنعه من الاجتماع سرا بالعديد من القادة الفلسطينيين قبل بضعة أيام من مغادرة الحكومة. وقد كان هذا الاجتماع في غاية الأهمية، نظرا لأن محمود عباس قد سبق وأكد، بشكل مباشر أو غير مباشر، أن القادة الفلسطينيين لن يجتمعوا مع القادة الإسرائيليين.
وسنة 2004، عندما توفي الرئيس ياسر عرفات، ظهر عباس بصفة غير متوقعة كخليفة له. أما بالنسبة للخلفاء الأكثر شعبية في ذلك الوقت، مثل أبو جهاد وأبو إياد، فقد تعرض بعضهم للاغتيال في منازلهم على يد قوات الاحتلال.
اقرأ أيضا: ذكرى عرفات تشعل اتهامات بين أنصار عباس ودحلان بغزة (شاهد)
وأضافت الصحيفة أنه بعد الموت المفاجئ للرئيس ياسر عرفات، والارتباك الذي خلفه غيابه، لم يكن هناك في ذلك الوقت أي شخص مؤهل لتولي المسؤولية أكثر من عباس. وكان العديد من الفلسطينيين يدركون أنه لم يكن من الأشخاص الذين يحبون عرفات، لكنه عرف كيف يتحرك بسرعة في تلك الظروف. وبدعم من دولة الاحتلال والولايات المتحدة، تمكن عباس من الاستقرار في رام الله.
والجدير بالذكر أن ياسر عرفات لم يكن يثق كثيرا في عباس. وفي حياة عرفات، تمكن عباس من السيطرة على رقعة صغيرة من السلطة في الظل، الأمر الذي رحبت به إسرائيل، لكنه لم ينجح في كسب شعبية بين صفوف الشعب الفلسطيني. وكان عرفات يراقبه عن كثب ويعتبره شخصا ضعيفا ومرنا، كما لاحظ خلال السنوات الأخيرة من حياته أن أفكار عباس قريبة جدا من أفكار إسرائيل.
وأوردت الصحيفة أنه في خريف 2000، عندما اندلعت الانتفاضة الثانية، سمح ياسر عرفات للناشطين والميليشيات بممارسة أنشطتهم. في ذلك الوقت، كان من الواضح جدا أن الاحتلال لم يكن ينوي الانسحاب من الأراضي المحتلة. لذلك يمكن القول إن عرفات منح الضوء الأخضر للثورة، وبطبيعة الحال، أمر بذلك خلافا لوجهة نظر عباس، الذي لم يكن لرأيه أي قيمة بالنسبة لياسر عرفات.
وأشارت الصحيفة إلى أنه كان من الواضح أن اتفاقيات أوسلو لم تكن جديرة بالثقة. فمنذ أيلول/ سبتمبر من سنة 2000 إلى غاية وفاة الرئيس ياسر عرفات، ظل عباس في الصف الثاني طيلة أربع سنوات دون أن يعبر عن دعمه للثورة بتاتا. وعندما تولى رئاسة السلطة، بدأ عباس العمل عن كثب مع إسرائيل نظرا لأن مساعدتها ضرورية لإنهاء الثورة. ولم يقتصر الأمر على اضطهاد الناشطين ورجال الميليشيات الذين شاركوا في الانتفاضة الثانية، بل وصل إلى درجة تسخير الشرطة الفلسطينية لخدمة وكالة المخابرات المركزية وإسرائيل، وهو أمر مستمر إلى الآن.
ونوهت الصحيفة إلى أن الشرطة الفلسطينية تواصل اليوم على نفس المنوال، حيث تتولى مهمة استهداف الأماكن التي يختبئ فيها أهم النشطاء طوال النهار، وفي الليل تقوم قوات الاحتلال باعتقالهم. وفي ظل هذه الظروف، بات الخوض في السياسة من بين المخاطر الكبرى التي يمر بها أي فلسطيني يعيش في مدن وبلدات الضفة الغربية.
اقرأ أيضا: عباس: هناك مؤامرة من حماس لتعطيل قيام الدولة المستقلة
وأوضحت الصحيفة أنه مقابل هذا التعاون من جانب وحدات الشرطة المدربة على يد وكالة الاستخبارات المركزية، لم يحقق عباس أي شيء على الإطلاق خلال السنوات الأربعة عشر التي قضاها في القيادة.
وتمثل إنجازه الوحيد في البقاء على قيد الحياة، بينما تعمل دولة الاحتلال على توسيع المستوطنات اليهودية. فبإعتباره زعيما لحركة فتح، لطالما رفض عباس الكفاح المسلح على أن هذه الطريقة تضر بمصالح الفلسطينيين، على الرغم من أن الواقع يشير إلى أن دولة الاحتلال لم تكن لديها أبدا إرادة حقيقية لحل النزاع، وقد تصرفت على الدوام وفقا لذلك.
وذكرت الصحيفة أن محمود عباس يبلغ من العمر 83 سنة، ولا يوجد أي خليفة له من بين مسؤولي السلطة الفلسطينية جدير بهذا المنصب. لذلك، ربما تشهد فلسطين فوضى لم يسبق لها مثيل، ولعل ذلك ما تنتظره دولة الاحتلال منذ فترة طويلة.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن تعاون عباس الوثيق مع الإسرائيليين، ومع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على وجه الخصوص، قد جعله يفقد مصداقيته لدى الشعب الفلسطيني، مما ينذر بإمكانية اندلاع فوضى بعد رحيله. ويمكن أن يمتد هذا الوضع إلى خارج حدود الضفة الغربية. ومن جهته، انتقد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان رئيس السلطة لرفضه الجلوس على طاولة المفاوضات مع الاحتلال.