هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد خبراء ومختصون أن احتلال العاصمة المصرية للمركز الثالث بالمؤشر الدولي بين أكثر المدن ارتفاعا في معدلات الجريمة لعام 2018، وفي نفس الوقت احتلال مصر المركز قبل الأخير في تقرير جودة التعليم الذي يصدره المنتدى الاقصادي العالمي، يعكس الوضع السيئ الذي وصلت إليه مصر على يد نظام الانقلاب العسكري برئاسة السيسي.
وكان المؤشر الدولي لمعدلات الجريمة وضع العاصمة المصرية القاهرة للعام الثاني على التوالي ضمن أكثر المدن التي تمثل خطرا نتيجة ارتفاع معدلات الجريمة بها، لنسب تجاوزت 56% طبقا للمؤشر الدولي، بينما وضع التقرير مصر بشكل عام في المركز الثالث عربيا بعد سوريا وليبيا بين الدول الأقل أمنا، وهو نفس ترتيب عام 2017.
ويشير تقرير مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية المصرية حول معدلات الجريمة بمصر لعام 2018 لارتفاع معدلات الجرائم بشكل عام، وجرائم القتل والسرقة بالإكراه وسرقة السيارات بشكل خاص، حيث زادت الأخيرة بنسبة 500% عن الأعوام السابقة، بينما زادت السرقة بالإكراه بنسبة 350%، وجرائم القتل العمد بنسبة 130% عن الأعوام السابقة.
وعلى صعيد آخر كشف التقرير النهائي لجودة التعليم لعام 2018 الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي أن مصر مازالت في الترتيب قبل الأخير دوليا، محافظة على المركز 139 من بين 140 دولة، وهو ما قد يهدد بخروجها النهائي من التصنيف الدولي إذا استمرت على نفس سياساتها التعليمية.
"الأمن السياسي أولا"
وفي تعليقه على انتشار الجريمة بمصر يؤكد الخبير الأمني هشام عطوة لـ "عربي 21" أن كل التقارير الصادرة عن الجهات المحلية و الدولية تشير لارتفاع معدلات الجريمة بمصر، ولذلك لم يكن غريبا أن تكون العاصمة ضمن أكثر المدن خطرا على مستوي العالم في ظل حرص نظام السيسي على الأمن السياسي مقابل تراجع الأمن الجنائي.
ويوضح عطوة أن تقديم الأمن السياسي على الأمن الاجتماعي، سياسة وضعها وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي لحماية نظام مبارك بالتوسع في حملات الاعتقال، والقضايا العسكرية التي كان للإخوان المسلمين النصيب الأكبر فيها، إلا أنه في الأعوام الأخيرة بدأ يلتفت للأمن الجنائي، وهو ما أدي لتفاقم الأزمة بينه وبين الشعب، نتيجة تجاوزات الشرطة، التي لم يكن هناك رقيب على تصرفاتها.
ويضيف عطوة أن نفس السياسة يتبعها السيسي الذي يعتبر حقوق الإنسان من أشد أعداء نظامه، وهو ما عبر عنه أكثر من مرة باستخدام القوة الغاشمة، والتي ركزت على جانب واحد وتغافلت الجوانب الأخرى الهامة لحماية استقرار المجتمع في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تدفع فئات كثيرة للبحث عن لقمة العيش باستخدام القوة والعنف وبالتالي السرقة والقتل.
تراجع التعليم
وحول تراجع مصر في تقارير معدلات جودة التعليم تؤكد الخبيرة بشؤون التعليم مجيدة إمبابي لـ "عربي 21" أن السياسات التعليمية بمصر لم تشهد أي تقدم، بل تعيش في حالة من التخبط الإداري والتخطيطي، وهو ما تعبر عنه الفوضي التي يشهدها مشروع تطوير التعليم الذي يتبناه الوزير الحالي، وبدأ تطبيقه بشكل عشوائي منذ مطلع العام الدراسي 2018/ 2019.
وتشير إمبابي أن جودة التعليم تخضع لعدة معايير منها المناهج وكثافة الفصول وتأهيل المدرسين والمشاركين في المنظومة التعليمية والمشاركة التفاعلية، والأبحاث العلمية التي تساهم في الارتقاء بالبحث العلمي، وتحقق استفادة بعملية التنمية، وهي المعايير التي تغيب بالكلية عن التعليم المصري، ولن يعرفها في المدي القريب، لأنه ببساطة مازال حقل تجارب لكل وزير أو مسؤول، ولم يرتق لأن يكون التعليم مشروعا قوميا تشارك فيه كل فئات المجتمع ومؤسساته وهيئاته الحكومية وغير الحكومية.
وتؤكد إمبابي أن ما صرح به رئيس جامعة أسيوط قبل أيام بأن ميزانية جامعته مليار جنيه في العام (56.5 مليون دولار) يتم تخصيص مليون جنيه فقط منها للبحث العلمي والباقي للرواتب والبدلات، هو انعكاس واضح لتردي الوضع البحثي والتعليمي بمصر.
الثالوث القاتل
من جانبه يؤكد الباحث بعلم الاجتماع السياسي سالم الجريدي لـ "عربي 21" أن التقريرين رغم أنهما صادمان إلا أنهما يعبران عن الحالة المصرية الراهنة، خاصة وأن مستوى جودة التعليم يعكس حالة تقدم الدولة، كما تعكس معدلات ارتفاع الجريمة حالة التفكك التي يعيشها المجتمع.
ويري الجريدي أن المشكلة ليست فقط في المؤشرات الكارثية، وإنما في عدم قناعة النظام السياسي بأنه يسير بالمجتمع نحو الهاوية، حيث بات الشعب المصري يعيش بدون تعليم أو أمن، وبإضافة الأزمة الاقتصادية الطاحنة، فإن ثالثوت الأمن والفقر والجهل، ينهش في المجتمع المصري بشكل خطير.
ويري الباحث بعلم الاجتماع السياسي أنه في الوقت الذي يحاصر الثالثوت القاتل (الفقر والجهل والجريمة) الشعب المصري، فإن الطبقة الحاكمة والمستفيدة من ثروات الشعب تعيش في ثراء فاحش، وتتلقى تعليما أجنبيا متميزا، وتعيش في مدن محصنة تجعلها بمنأى عن الجريمة، وهو ما يعكس الانقسام الخطير الذي أحدثه السيسي في تركيبة المجتمع المصري.