العراق يواجه ضغطا أمريكيا إيرانيا.. هل ينحاز إلى أحدهما؟

أثارت زيارة مسؤولين إيرانيين إلى العراق، عقب أيام من زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، تساؤلات حول حجم الضغوط التي تتعرض لها بغداد، بعد مطالبة واشنطن بتقليص شركات طهران والالتزام بالعقوبات ضد إيران.

ووصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى العراق على رأس وفد كبير ضم 30 شخصية سياسية واقتصادية، بعد أقل من أسبوع على زيارة وزير النفط الإيراني الذي زار بغداد بعيد يومين من زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.

وفي حديث لـ"عربي21" قال النائب العراقي السابق وائل عبد اللطيف إن "الحكومة السابقة كانت تتبنى سياسة عدم الانخراط في أي محور دولي، وإنما دولة يجب أن تكون مستقلة ذات سيادة ولا تؤثر عليها أي دولة من دول العالم".

اقرأ أيضا: وزير الخارجية الإيراني يزور العراق لتعزيز التعاون بين البلدين

وأضاف أن "الوضع العراقي فيه عقدة يبدو أن أغلب القوى السياسية لم تفهمها حتى الآن، هو أن العراق لا يرتبط بأي دولة من دول العالم باتفاقيات استراتيجية تفصيلية أمنية إلا مع الولايات المتحدة".

ولفت محافظ البصرة الأسبق أنه "عندما تتحدث الولايات المتحدة الأمريكية عن تعاون استراتيجي فهذا من حقها، وكذلك عندما تتحدث عن تواجد قوات أمريكية على أرض العراق فكله يأتي طبقا لاتفاقيات موقعة بين بغداد وواشنطن عام 2007- 2009، وهذه الاتفاقيات لم تلغ أو تشهد تغييرا".

إيران تريد تطويع العراق

وعلى الجانب الآخر، تحاول إيران أن تؤثر على المشهد السياسي في العراق وتتخذه إلى جانبها، وهي صرحت بذلك بعد انتخاب الهيئات الرئاسية الثلاثة بالعراق، حيث قالت إن "اللعب مع أمريكا كانت نتيجته لإيران 3- 0، ولم ترد أي جهة عراقية وهذا يعني أن الكلام صحيح"، بحسب عبد اللطيف.

وأكد أن "الموقف الأمريكي حتى الآن يشوبه نوع من المجهول، هناك قوات أمريكية في العراق وقاعدة لهم، والتصريح الأخير لبومبيو بشأن ضرورة تقليص الفصائل المسلحة الموالية لإيران ونعيد تصحيح العملية السياسية بما لا تؤثر عليها إيران".

وشدد عبد اللطيف على أن "إيران تريد تطويع العراق للاستفادة من اقتصاده لغرض تجاوز الحصار المفروض عليها من إيران، وتريد أن تجعل من الأرض العراقية ساحة لتصفية الحسابات مع الولايات المتحدة، وهذا ما لا نرضى به".

وبخصوص قدرة العراق على التخلص من ضعط إيران أو الاستغناء عن أمريكا، قال عبد اللطيف إن "ذلك يتعلق بالوضع الأمني والعسكري والاستخباراتية المعلوماتية، إضافة لقوة العملية السياسية، فالأخيرة حتى الآن ضعيفة، والمؤسسة العسكرية بظهور داعش من جديد".

وأوضح أن "إيران أصبح لها نفوذ كبير بحكم مفهوم ولاية الفقيه، فهناك فصائل عراقية وصلت البرلمان الآن وهي تؤمن بولاية الفقيه ولا تريد تواجدا أمريكا، فستكون القوى الرافضة للتواجد الإيراني في مأزق أمام القوى المؤيدة للتواجد الإيراني".

ورأى عبد اللطيف أن "الموقف صعب جدا بالنسبة للحكومة العراقية، فلذلك يجب أن ينأى العراق بنفسه عن سياسة المحاور ويرتبط فقط بما وقعه من اتفاقيات مع دول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية".

تغييرات جذرية بالمنطقة

من جهته، ربط الكاتب عبد الجبار الجبوري في مقال له، اطلعت عليه "عربي21" زيارة مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة، بتغييرات جذرّية ستحصل في المنطقة كلّها.

اقرأ أيضا: عبد المهدي وبومبيو يبحثان الانسحاب الأمريكي من سوريا

وأضاف: "سيُعاد رسم خريطة المنطقة، بعد التخّلص من خطر النظام الإيراني، وتغوّله في المنطقة اعتمادا على أذرعه فيها، لإكمال البدر الشيعي، الذي بدأَ يأفل سريعا في ظلِّ العقوبات الاقتصادية الخانقة، والتواجد الأمريكي على الحدود العراقية السورية، الذي قطع الاتصال بين طهران وسوريا، في قاعدة التنف وربيعة وسنجار والأنبار".

 وذكر الكاتب العراقي أن "الحصار بدأ يفعل فعله ويؤثر على إيران، وهكذا فإنه يعطي ثماره في خنق إيران، واستسلامها لشروط الإدارة الأمريكية الـ(12) المهينة".

ووفقا للتسريبات الإعلامية عن لقاء بومبيو مع رئيس الحكومة العراقية ببغداد الأسبوع الماضي، فقد طالب وزير الخارجية الأمريكي، عبد المهدي بالعمل على تقليص أنشطة الشركات الإيرانية العاملة في العراق، بحسب موقع "روسيا اليوم".

وذكرت أن "الزيارة الأخيرة لبومبيو ركزت كثيرا على الملف الاقتصادي وكيفية التزام العراق بالعقوبات المفروضة على إيران"، لافتة إلى أن "واشنطن أبدت مخاوفها من إرسال أموال لإيران من أحزاب وشخصيات حليفة لها بالعراق، للتخلص من الحصار".