هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طرحت
الاحتفالات العارمة غربا وشرقا بالذكرى الثامنة للثورة الليبية ضد نظام القذافي، العديد
من التساؤلات حول دلالة هذا الزخم والرسائل التي أرسلها المحتفلون الذين رفعوا شعارات "الثورة مستمرة"، وليبيا دولة
مدنية ديمقراطية، وسط تكهنات بنجاح الحكومة الحالية في كسب ود الشارع بعكس الحكومات
السابقة.
وشهدت
عدة مدن ليبية احتفالات عارمة بذكرى ثورة 17 شباط/ فبراير، التي أطاحت بحكم العقيد معمر
القذافي، ونتج عنها عدة مؤسسات منتخبة وعدة حكومات، آخرها حكومة الوفاق الليبي، والتي
شاركت في الاحتفالات وقامت بتأمينها.
"بنغازي تنتفض"
ورغم
تجاهل القنوات المؤيدة للواء الليبي خليفة حفتر لاحتفالات الثورة وعدم حديث الأخير
عن هذه الذكرى أو الاهتمام بها، خرج ناشطون في مدينة بنغازي (شرق ليبيا ومعقل حفتر)
للاحتفالات، ونددوا بأي محاولات للانقلاب على الثورة أو أهدافها، وقدموا التحية والدعاء
لشهداء الثورة في الشرق.
ورأى
مراقبون أن "الاحتفالات في بنغازي، وكذلك إجدابيا وطبرق في الشرق الليبي، تؤكد تمسك
أغلب الناشطين هناك بمبادئ الثورة، وأنهم سئموا من ممارسات حفتر وقواته، لذا احتفلوا
رغما عن الأخير وضد رغباته".
"فلول القذافي
غاضبون"
في المقابل،
ندد مؤيدو القذافي بهذه الاحتفالات وبالأعداد الكبيرة التي حضرت، واصفين الثورة بـ"النكبة"
على الشعب الليبي، وأنها سبب خراب البلاد، مطالبين مؤيديهم بـ"التمسك بمبادئ وكلمات
العقيد الراحل"، وفق بيان لهم.
"ثورة شعب مستمرة"
بدوره
قال رئيس منظمة "ليبيا السلام" وأحد المشاركين في احتفالات طرابلس، محمد
عبيد، إنه "رغم معاناة الشعب الليبي حاليا، إلا أن أغلبهم متفقون على أن "فبراير"
هي ثورة شعب ذاق الظلم كثيرا، وأنها كانت سببا في الخلاص من نظام ديكتاتوري جثم على
قلوبنا أمدا طويلا".
وأوضح
في تصريحات لـ"عربي21" أنه "لا توجد ثورة مضادة في ليبيا بالمعنى المعروف،
بل هناك مجموعة شراذم لا تعني شيئا سوى أنها تصطاد في الماء العكر، وهؤلاء من يترحمون
على طاغية انتهى وانتهت أحلامهم معه".
"لا دور للحكومة"
وأشار
الناشط من الشرق الليبي، فرج بوغرارة، إلى أن "العامل الرئيسي والمشترك بين تظاهرات
الشرق والغرب هو رفضهم جميعا لعودة حكم الفرد، هذا عدا الأسباب الثانوية، فهناك من لديه
شهيد ويرى في عدم احتفاله خيانة له"، مضيفا: الاحتفالات خرجت بعفوية، وليس لها
دعم من أي حكومة أو جهة"، كما قال لـ"عربي21".
وقال
الناشط من الجنوب الليبي، إسماعيل بازنكة، إن "الاحتفالات العارمة التي عمت أغلب
ساحات وشوارع المدن الليبية ومن ضمنها منطقة "مرزق" (جنوب) المحاصرة هي أكبر
دليل على أن الشعب وفي لثورته التي رسمها بدماء أبنائه الزكية، وأنه مهما ضاقت السبل
فلن يتخلى عن حريته وكرامته".
وتابع
لـ"عربي21": "وجود أصوات معارضة وتمارس حقها في ذلك هو أيضا مؤشر على
أن سنوات تكميم الأفواه واللون الواحد انتهت بلا رجعة، وأن ليبيا اليوم حرة، ومن حق
الجميع أن يعبر عن حريته ورأيه ما لم يؤذ غيره أو يتعدى قوانين الدولة".
"حفتر في حالة
حرب"
لكن
الناشط المقرب من القيادة العامة في الشرق الليبي، فتح الله غيضان، أكد أن "من
احتفل بـ"فبراير" يعلم يقينا أن ما قامت به هذه الانتفاضة لم يتحقق منه
شيء، بل اشتد البلاء على الناس في هذه السنوات، لكنهم يعيشون على أمل أن تتحقق مكتسباتهم
التي خرجوا من أجلها، خاصة في مدينة بنغازي شرارة الانطلاقة التي عانت وما زالت تعاني"،
حسب كلامه.
وبخصوص
عدم مشاركة حفتر في الاحتفال أو الاهتمام به، قال غيضان لـ"عربي21":
"المشير حفتر ليس متجاهلا للاحتفال، لكن همه الوحيد الآن هو تحرير الوطن وبسط
الأمن والأمان، والاحتفال يأتي في أي وقت مستقبلا. أما الآن فوقت إنقاذ الوطن".
وأضاف:
"أما أنصار النظام السابق، فهم لا يملكون من أمرهم شيئا إلا التنديد بهذا الاحتفال،
وخروج الناس لا يرجع طبعا إلى الحكومة الحالية الميتة، والمطلوب الآن بعد الاحتفال
أو التنديد هو النهوض بليبيا بكامل تركيباتها، سواء مناصري القذافي أو فبراير".
"إهانة للفلول"
وقالت
رئيس الجمعية العمومية لمنظمة "حلم الشباب" (مستقلة)، سلمى عبد العزيز، إن
"الاحتفالات بثورة فبراير كانت احتفالات شعبية، ولم يفرض على أي شخص أو مدينة الخروج
لهذه الاحتفالات، بل كانت تحركات ذاتية، ولا ننكر طبعا دور حكومة الوفاق في محاولة احتواء
كل الأطراف، وكذلك دور مؤسسات المجتمع المدني".
وأضافت
لـ"عربي21": "أما بخصوص فلول القذافي، فهذا رد فعل طبيعي كونهم يعتبرون
هذه الاحتفالات بمثابة إهانة لهم، كون الأغلب منهم تسيطر عليه صفة التعنت، لكن علينا
جميعا الاحتواء بقدر الإمكان من أجل خروج بلادنا من هذه الأزمة، كون الثورة ليست حفتر
أو السراج أو غيرهم، لكنها حلم شعب بالتغيير للأفضل".
ورأى
مدير مؤسسة "مبادر" الريادية (مستقلة)، طاهر النغنوغي، أن "البعض كان
راغبا في الاحتفال، وبعضهم شارك فقط في حفل ساهر، وهذا كان في طرابلس، أما بنغازي فوضعها
مختلف، كون البعض هناك يرى أن هناك ثورة بديلة لفبراير هي ثورة الكرامة، لكن البعض احتفل
حبا للثورة ولبنغازي مهد هذه الثورة".
وبخصوص
أتباع القذافي، قال: "بعضهم منزعج من خروج الناس بعفوية وحبهم للاحتفال بذكرى
فبراير، رغم كل هذه التحديات والصراعات، وهذا ما جعلهم يقفزون في الهواء ببيانات وكتابات
سلبية يبثون فيها أحقادهم الباقية، أما حكومة الوفاق فقد نجحت في إدارة وتنظيم الاحتفال
عن العام الماضي".
اقرأ أيضا: في الذكرى الثامنة لثورة ليبيا ضد القذافي.. ماذا قال ناشطون؟