هاجمت الخارجية
الروسية توسع وتمركز مقاتلي "داعش" بقوة في
ليبيا وصلتهم بتنظيم
القاعدة، مرجعة ذلك إلى انهيار حكومة الوفاق وكذلك حالة الانقسام، مؤكدة أن الوضع
في الجنوب معقد، وسط تساؤلات عن دلالة هذه التصريحات الآن، وما إذا كانت موسكو
تدعم عمليات "
حفتر" في جنوب البلاد بشكل غير مباشر.
وقال نائب وزير
الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إن "إرهابيي
تنظيم الدولة يتمركزون بصورة
كبيرة في ليبيا في الآونة الأخيرة، وباتوا يعززون من صلاتهم مع تنظيم
"القاعدة" الإرهابي في المنطقة، خاصة في العاصمة طرابلس، وأنه يستغل
انهيار الحكومة وتقسيم البلاد".
وأشار المسؤول الروسي
إلى أن "تنظيم الدولة يقوم مؤخرا بتعزيز العلاقات مع تنظيم القاعدة، المتواجد
بالقرب من الهلال النفطي، وموانئ النفط، على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط ،
شرقًا، وخاصة مدينة درنة، محذرا من بدء وصول مقاتلي تنظيم الدولة إلى
أفغانستان في ظروف غامضة، حسب وصفه.
أزمة الجنوب
وتناول بوغدانوف،
الوضع في الجنوب الليبي، واصفا إياه بأنه وضع "معقد" بسبب اختراق
"المتطرفين" من دولة تشاد للحدود الليبية، وذلك خلال كلمته اليوم
الثلاثاء في مؤتمر "الشرق الأوسط: مرحلة جديدة، مشاكل قديمة".
وأثارت هذه التصريحات
في هذا التوقيت تساؤلات حول محاولة روسية لدعم عمليات "حفتر" في الجنوب
الليبي، من خلال إظهار المنطقة هناك بأنها تعج بالمتطرفين الأجانب وهو ما يدعم موقف
الجنرال الليبي في معاركه التي ترفضها الحكومة.
"فيتو" ودعم مثل "بشار"
من جهته، رأى الكاتب
والمحلل السياسي الليبي، عزالدين عقيل أن دلالة هذه التصريحات في هذا
التوقيت تؤكد اقتناعا تاما من قبل الروس بأهمية الجيش (قوات حفتر) ودعمه، ويؤكد أيضا
أن موسكو ربما يكون هذا هو موقفها في مجلس الأمن لو كانت هناك أي محاولات من
المجلس لاتخاذ أي قرار ضد القيادة العامة للجيش حال قررت الأخيرة التحرك إلى
طرابلس وستستغل
روسيا حق "الفيتو" لمنع ذلك".
وأضاف في تصريحات
لـ"
عربي21" أنه "من الآن فصاعدا ستكون العلاقة بين موسكو والقيادة
العامة أشبه بالعلاقة الاستراتيجية بين موسكو وبشار الأسد في سوريا، لكن ما يؤخذ
على هذه التصريحات أنها لم تدعم بشكل مباشر "الجيش" وعملياته في الجنوب
ربما تحاول الحفاظ على علاقتها بحكومة "السراج"، وفق تقديره.
دعم معنوي
وقال الناشط السياسي
الليبي، أسامة كعبار إن "تصريحات الخارجية الروسية تأتي فقط من باب الدعم
المعنوي لـ"حفتر" فقط ولا تتعدى هذا المستوى، وليبيا ليست بحصة روسية
ولا تستطيع موسكو تغيير هذا الأمر".
وأوضح
لـ"
عربي21" أن "شماعة الإرهاب هي دائما جاهزة للتبرير كما استعملت
من قبل في مدن بنغازي ودرنة، وهذه التصريحات الروسية هي فقط للاستهلاك الإعلامي
ومن باب جبر الخواطر لا أكثر"، حسب تعبيره.
زخم دولي
وبدوره، قال عضو حزب
"العدالة والبناء"، إبراهيم الأصيفر إن "التصريحات هي محاولة من
روسيا لإعطاء زخم دولي لما يقوم به "حفتر" في الجنوب خاصة بعد استياء
الدول الكبرى ومنهم أميركا من التوتر الأمني هناك، فتسعى موسكو لإظهار حليفها
الاستراتيجي بمظهر المنقذ ومحارب الإرهاب في ليبيا".
وتابع: "والغريب
أن روسيا تهاجم حكومة "السراج" وتصفها بالضعف السياسي والفشل في إنهاء
الانقسام متناسية أن "حفتر" ومن وراءه وكذلك البرلمان هم حجر العثرة أمام
أي تسوية سياسية"، كما صرح لـ"
عربي21".
"استفزاز واشنطن"
وأشار الباحث السياسي
الليبي، علي أبو زيد إلى أنه "ليس غريبا على الروس مثل هذه المواقف كونها
المورّد الرئيسي لأسلحة "حفتر" وإن كان عبر وسطاء، ويأتي هذا الموقف
الروسي أيضاً في سياق مشاكسة أمريكا وأوروبا في مناطق الصراع في المنطقة".
وأضاف
لـ"
عربي21": "ويبدو أن موسكو تريد أن تستفزّ هذه الدول لإحداث
توازن في ملفات إقليمية، إضافة إلى أن الروس لهم موقف واضح من تغييرات الربيع
العربي ولا شك أن استخدام شماعة الإرهاب هدفه دعم مشروع "حفتر" العسكري
للوصول إلى السلطة"، حسب كلامه.
وأكد أستاذ القانون
الدولي، السيد أبو الخير أن "ليبيا هي المحطة الحالية لمخطط الغرب في
المنطقة، ومثل هذه التصريحات تقال غالبا قبيل إنزال وتواجد قوات غربية لتقسيم أي
دولة، ويبدو أن الدور جاء على ليبيا بعد جعل سوريا والعراق واليمن دول
فاشلة"، وفق تعبيره.
وقال في تصريح
لـ"
عربي21": "حفتر فشل في تحقيق أهداف ممولين لمشروعه، لذا وجب
تغيير الخطة عبر دعم خارجي دولي".