هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حجم التآمر والخيانة والخداع كان أكبر من الجميع ولم يكن بمقدور أي أحد مواجهة الانقلاب منفردا
التخطيط للانقلاب على ثورة يناير ورموزها كان في أعقاب تنحي مبارك
الرئيس مرسي عرض على شخصيات عديدة مشاركته في الحكم لكنهم رفضوا
وصول أول رئيس مصري مدني منتخب للسلطة غيّر كل الموازين في الشرق الأوسط
الانقلاب كان عملية مؤامراتية خبيثة متكاملة بمشاركة جميع الأطراف المناوئة للثورة في الداخل والخارج
السيسي كان يشعر بالخوف والقلق من الرئيس مرسي خاصة في الأيام الأخيرة
حينما تُتاح الفرصة كاملة للرئيس مرسي سيكشف كل جوانب المؤامرة وأبعادها
الرئيس قال إنه لن يتراجع مطلقا عن مواقفه الوطنية وسيظل صامدا في محبسه دون أي استسلام
قال عبد الله، نجل الرئيس المصري محمد مرسي، إن الانقلاب العسكري على والده لم يكن وليد "الساعات الأخيرة"، كما قال البعض، لأنه بدأ فعليا قبل أن يفوز رسميا بانتخابات الرئاسة التي جرت منتصف عام 2012، مؤكدا أن التخطيط للانقلاب على ثورة يناير ورموزها كان في أعقاب تنحي المخلوع محمد حسني مبارك.
ولفت عبد الله في حديث خاص مع "عربي21"، إلى أن: "الرئيس مرسي كان يُدرك جيدا منذ البداية أبعاد ما كان سيُقدم عليه، وحاول التعاطي معه بمسؤولية كاملة، وعمل بكل جهد ليل نهار، إلا أن حجم التآمر والخيانة والخداع كان أكبر من الجميع، ولم يكن بمقدور أي أحد مواجهته منفردا".
وكشف أن "الرئيس مرسي عرض على شخصيات عديدة (رفض الكشف عن هويتها) من تيارات سياسية واتجاهات مختلفة تولي مواقع المسؤولية ومشاركته في الحكم، سواء في مؤسسة الرئاسة أو الحكومة أو غيرها، إلا أنهم جمعيا رفضوا ذلك وتركوه يواجه مصيره وحيدا".
ونوه إلى أن "مرسي قال نصا أثناء ترشحه لانتخابات الرئاسة في لقاء له مع الإعلامي عماد الدين أديب إن (السلطة التنفيذية الآن في مصر حالة من حالات الانتحار، ولولا الإحساس بالمسؤولية والرغبة في خدمة وطني لكان التفكير في ترشحي للرئاسة أمر صعب جدا. وينبغي أن نحرص جميعا على تحمل هذه المسؤولية معا، ولابد أن يكون للمواقف رجال يحملون تلك المسؤولية). وبالتالي فقد كان يعلم ويستشرف ما كان يُقبل عليه".
بداية المعركة الحقيقية
وذكر أن "الرئيس مرسي كان يقول دائما لأسرته وللمقربين منه قبل فوزه بانتخابات الرئاسة أن المهمة صعبة للغاية، وأن نجاحه في الانتخابات ليس نهاية المطاف بل بداية المعركة الحقيقية مع دولة العسكر ودول الثورة المضادة في المنطقة والعالم، وكان يعلم جيدا أن التحديات خطيرة جدا، وأنه سيخوض معارك من أشرس ما تكون".
واستطرد قائلا: "الرئيس كان يرى أن جعل الحكم في مصر مدنيا وإنهاء حكم العسكر الذي جثم على صدور المصريين لأكثر من 60 عاما؛ أمر غاية في الصعوبة والخطورة، خاصة أنه كان يريد تطهير هذه الدولة العسكرية، والتي تلقى دعما غير مسبوق من إسرائيل والغرب، فضلا عن دول المنطقة وعلى رأسها الإمارات والسعودية".
وأكمل: "وصول أول رئيس مصري مدني منتخب للسلطة جعل كل الموازين تتغير تماما في الشرق الأوسط، بل وفي العالم أجمع، خاصة أن هذا الرئيس كان يمثل ثورة يناير وجماعة الإخوان المسلمين، ولذا كان ذلك أمر جلل بالنسبة للعالم كله".
ولفت إلى أنه: "كانت هناك تحديات كثيرة داخلية وخارجية أمام الرئيس مرسي الذي تعرض لحصار ظالم وتآمر خبيث على المستوى الخارجي قبل أن يكون على المستوى الداخلي من كل مؤسسات الدولة وأجهزتها التنفيذية".
صراع الدولة العميقة
وأوضح أن صراع مرسي مع الدولة العميقة: "كان شرسا وطويلا وممتدا طوال فترة حكمه، وقد طلب المساعدة من الجميع سواء قوى سياسية أو شخصيات وطنية نعلمهم جميعا لكننا لن نفصح عن أسمائهم، إلا أن هؤلاء جميعا خذلوا الرجل وخذلوا الوطن وتخلوا عن مساعدته في لحظة كان في أشد الحاجة لهم".
وذكر أن الانقلاب كان عملية مؤامراتية خبيثة متكاملة الأركان بمشاركة جميع الأطراف والجهات المناوئة لثورة يناير في الداخل والخارج؛ حيث تم افتعال وتصدير أزمات في جميع المجالات، وبمشاركة ومباركة عدد كبير من القوى المدنية المحسوبة على ثورة يناير، وتخاذل الجميع عن المشاركة في القرار".
ونوه إلى أن علاقة مرسي بمؤسسات وأجهزة الدولة: "لم تكن جيدة بسبب فساد جميع هذه المؤسسات والأجهزة ورغبتها في العودة للمشهد كما كان الحال قبل ثورة يناير، فضلا عن رفضهم التام لتولي رجل مدني منتخب زمام الحكم".
وأشار إلى أن تمويل الانقلاب بدأ قبل تولي مرسي الحكم من قبل بعض الدول العربية وعلى رأسهم السعودية والإمارات، مؤكدا: "وجود حملات تشويه وتضليل إعلامي لتزييف وتغييب الوعي من خلال قنوات رجال أعمال مبارك لضمان وجود غطاء شعبي للانقلاب علي الرئيس والشرعية والدستور، وتمت مباركة الانقلاب من أمريكا والصهاينة وأتباعهم".
لقاء الفراق
ولفت إلى أن: "أسرة مرسي كانت مرافقة له قبل الانقلاب بأيام كثيرة بمقر دار الحرس الجمهوري، وظلت مرافقة له حتى ظهر 3 تموز/ يوليو 2013 إلى أن قرر والدي مغادرة الأسرة إلى سكنها الخاص فغادرت الأسرة بقرارها وإرادتها، وهنا افترقت الأسرة عن الرئيس بعدما قال لنا نصا أنه سيختار ما اختاره سيدنا عثمان ابن عفان حتى لا تكون نهج من بعدي بالتخلي والابتعاد".
وردا على حديث خالد القزاز سكرتير الرئيس مرسي بشأن استراحة مرسي ونومه بعيد الانقلاب، قال:" الرئيس لم ينم ملء جفنيه، ولم يقل إنه لأول مرة ينام هذا النوم العميق. كما أنه لم يقدم أحدا لإمامة الصلاة في إقراره بأنه لم يعد الرئيس، حسبما ادعى".
وأضاف: "ولو قدّم أحدا لإمامة الصلاة فهذا ليس معناه إقرار بالتنازل على الإطلاق. وأما من وقف على باب غرفته وهو قائم يصلي ويدعو ربه فهو أنا وإخوتي ورجال معدودين، وهم الآن معتقلين في سجون العسكر".
واستطرد قائلا: "على مدار عام الحكم كنّا نحاول ألا نكون عبء على الرئيس بأي صورة من الصور، وكنّا بجواره معظم الوقت دون أي تدخل منا في أي شيء، فالرئيس لم يسمح لأولاده التدخل من الأحداث لإدراكنا جميعا سخونة الوقت وخطورتها".
وأضاف: "كنت أتمنى أنه حينما يتحدث أحد أعضاء الفريق الرئاسي يتحدث عما جرى على مدار العام الكامل الذي حكم فيه الرئيس وفريقه، ولا يتحدث فقط عن الساعات الأخيرة، وأن يتحدث أيضا عن مجمل أداء الفريق الرئاسي، وكيف كان يتعاطى مع الأحداث وتطوراتها وليس عن شخص الرئيس فقط، لأنه من المفترض أن هذا عمل مؤسسي يتحمل مسؤوليته الجميع".
ووجه عدة أسئلة إلى القزاز قائلا: "أين النزاهة والأمانة والمسؤولية والصدق في توثيق ونقل ما جرى؟ ولماذا أظهرت الأمر وكأن الرئيس مرسي هو المسؤول الأول والأخير؛ بينما أنت شخصيا أحد أعضاء فريقه الرئاسي؟ ولماذا لم تذكر تفاصيل المواجهة مع الدولة العميقة؟ ألم يكن من الأجدى ألا تختزل الأمر في ساعاته الأخيرة وتتحدث عنه بكل هذه البساطة والسهولة؟".
خوف وقلق السيسي
وأوضح أن "السيسي كان يشعر بالخوف من الرئيس مرسي طوال الوقت، وكان قلقا خاصة في الأيام الأخيرة قبل انقلابه المُجرم من انكشاف أمره"، لافتا إلى أن: "السيسي شخص متملق، وشخصيته ضعيفة، وكان دائما منكسر القامة والهامة أمام الرئيس، إلى أن حدث ما حدث، وهذا يفسر معاملته للرئيس مرسي وفي السجن، حيث أنه يتبع سياسة كيد النساء بالفعل".
وأشار نجل مرسي إلى أن "السيسي مثلما تآمر وخان وخدع الرئيس مرسي فعل ذلك لاحقا مع الجميع وخاصة رفقائه بالمؤسسة العسكرية والقوى السياسية التي وثقت فيه وتآمرت معه"، مؤكدا أن: "السيسي أطاح بجميع شركائه في الانقلاب، كي لا يبق أي أحد سوى هو فقط في صدارة المشهد".
خيانة الحرس الجمهوري
وبسؤاله عن دور الحرس الجمهوري في الانقلاب على مرسي، أجاب: "الوظيفة الرئيسية لسلاح الحرس الجمهوري هي حماية رئيس الدولة والحفاظ على الشرعية من أي انقلاب عسكري محتمل أو أي تمرد قد يحدث داخل القوات المسلحة، بينما ما قام به هو العكس تماما، فقد كان هذا السلاح بقائده محمد أحمد زكي متواطئون للنهاية في خيانة الرئيس".
وتابع: "قائد الحرس الجمهوري المنوط به الدفاع عن شخص الرئيس وحمايته هو من نفذ أوامر الانقلاب بإلقاء القبض على الرئيس، وهو من سلّم الرئيس يوم 5 تموز/ يوليو للانقلابيين بعدما تم نقله من مقر دار الحرس الجمهورية إلى قاعدة أبو قير البحرية".
وشدّد على أن والده "ظل يقاوم ويواجه وحده تدبير وتخطيط كل من خطط وشارك ونفذ الانقلاب العسكري، بل أنه قدم حياته وحريته ثمنا وضريبة لذلك وفي سبيل تحرير مصر من سيطرة العسكر عليها، وقضى حياته منذ الانقلاب وحتى اليوم في عزلة وحصار كامل لا يحترم أدنى حقوق الإنسان".
وأشار إلى أنه "لم يتح للرئيس مرسي التحدث عن أبعاد المؤامرة والخيانة الشيطانية التي تعرض لها، وأنه حينما تُتاح له الفرصة كاملة بالطبع سيكشف ويفضح كل جوانبها وأبعادها في وقتها المناسب"، منوها إلى أن والده أكد سابقا أنه ليس من حق أي أحد التحدث باسمه حتى أسرته نفسها ليس من حقها ذلك.
وشدّد على أن مرسي كان "حريصا كل الحرص على عدم إراقة دماء المصريين، وسعى جاهدا للحفاظ على تلك الدماء مع الحفاظ على الدولة المصرية بمؤسساتها وأجهزتها التي حاول تطهيرها بطرق مختلفة وبشكل تدريجي ومرحلي، وقبل ذلك سعى للحفاظ على مكتسبات ثورة يناير وأهدافها من الحرية والديمقراطية والتقدم الاقتصادي واستقلال القرار الوطني".
ثبات وصمود مرسي
وجدّد عبد الله تأكيده على ثبات الرئيس مرسي على موقفه من رفضه الكامل لانقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، وأنه: "لن يتراجع مطلقا عن مواقفه الوطنية، بغض النظر عن أي ضغوط أو مساومات قد يتعرض لها، حيث أكد لنا سابقا أنه سيظل صامدا في محبسه دون أي تراجع أو استسلام".
وختم بقوله: "نطالب بحق الرئيس مرسي في الحديث ومخاطبة الناس بما حدث لكسر حالة الحصار الشديدة التي يتعرض لها، وليتحدث هو بنفسه عن نفسه دون أن يتحدث آخرون نيابة عنه؛ فليس من المروءة أو الشهامة أو الرجولة الثرثرة دائما عن طرف أصيل لا يستطيع الرد عن نفسه ولا يمكنه الإفصاح عن كواليس ما جرى".