هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد قانونيون وسياسيون، أن التعديلات التي أدخلها مجلس الوزراء المصري على قانون الإرهاب، الذي تم إقراره في 2015، تأتي كخطوة إضافية لنظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، في الاستيلاء علي أموال معارضيه، ومختلف المصريين بحجة الإرهاب.
وكان مجلس الوزراء المصري أقر في اجتماعه الأربعاء الماضى، عدة تعديلات خطيرة على قانون الإرهاب، تحت ذريعة" سد الطريق أمام العناصر الإرهابية، واتخاذ إجراءات عقابية لكل من يثبت تورطه في القيام بعمليات مسلحة".
ومنح التعديل الحق للمحاكم التي تنظر قضايا الإرهاب، بأن تقضي بالإضافة للعقوبة التي سوف تصدرها في حق المتهمين، بمصادرة العقارات، والأموال، والأمتعة، والأسلحة، والأدوات، والمستندات، وغيرها مما يتم استخدمه في ارتكاب الجريمة أو تحصل عنها، مع الوضع في الاعتبار عدم الإخلال بحقوق الغير حسني النية.
وأعطى التعديل الحق للنيابة العامة في إغلاق أي مكانٍ يتم فيه تصنيع أو تصميم الأسلحة، بمختلف أنواعها، والتي تستخدم في ارتكاب أية جريمة إرهابية، وغيرها من الأماكن التي استعملت أو أعدت للاستعمال من قبل "الإرهابي أو الجماعة الإرهابية".
ولم تقتصر التعديلات على ذلك حيث تضمنت مادة إضافية تفرض عقوبة السجن "لمدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه، ولا تجاوز 10 آلاف جنيه، أو بإحدى العقوبتين، لكل من أجّر عقارا أو وحدة دون إخطار قسم الشرطة الواقع العقار في دائرته، بصورة من عقد الإيجار وصورة الرقم القومي للمستأجر المصري أو إثبات الهوية للأجنبي، خلال 72 ساعة من تاريخ شغل العقار، أو إبرام عقد الإيجار أيهما أقرب".
وألزم التعديل أصحاب العقارات المؤجرة، قبل العمل بهذه التعديلات، بتصويب أوضاعها، خلال مدة لا تجاوز شهراً من تاريخ العمل به، على أن يعاقب كل من يخالف ذلك، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 2000 جنيه، ولا تجاوز 5 آلاف جنيه، أو بإحدى العقوبتين.
عبارات مطاطة
من جانبه يؤكد الخبير القانوني أحمد عبد الباقي لـ "عربي21"، أن التعديلات المقترحة تمثل كارثة كبيرة، لأنها جاءت فضفاضة في عباراتها واشتراطاتها، وهو ما يمنح النظام الحاكم الحق في الاستيلاء على أموال معارضيه، بحكم قضائي، دون الحاجة لاستعمال قانون الكيانات والتنظيمات الإرهابية.
ويضيف عبد الباقي أن التعديل الجديد، "يمكن أن ينطبق على أي متهم في قضايا الانضمام لجماعات أسست على خلاف القانون، كما أنه ينطبق على كل من يتم اتهامه في قضايا تنظرها دوائر الإرهاب، وكل من يصدر في حقه حكما بالإدانة من محكمة أول درجة، دون الحاجة لانتظار الأحكام النهائية لمحكمة النقض".
اقرا أيضا : بعد حرمانهم من رواتبهم.. منع التموين عن المعتقلين بمصر
ويرى الخبير القانوني أن التعديلات المقترحة، "لم تحدد أية اشتراطات ملزمة للمحكمة لعدم التوسع في قرارات المصادرة، وأن اشتراط حسن النية، كما جاء في التعديل، هى عبارة مطاطة وتخضع لتحريات جهات التحقيق، ثم تقدير هيئة المحكمة، وهي تقديرات محل شك في ظل التجربة القائمة التي يعاني منها الجميع فيما يتعلق بمحاضر التحريات التي تقوم على الفبركة والافتراء في كل القضايا التي تخص المعارضة".
ويضيف عبد الباقي أن النظام السياسي وجد أن "قانون الكيانات الإرهابية، رغم كل مساوئه، لا يحقق له أهدافه في الاستحواذ على أموال معارضيه، ولذلك لجأ لهذه التعديلات في إطار سياسة الاستيلاء على أموال معارضيه بمختلف الطرق والسبل".
مخبرون للدولة
من جانبه يؤكد عضو لجنة الإسكان بمجلس الشعب السابق عزب مصطفي لـ "عربي21"، أن التعديل الذي أقرته الحكومة المصرية وسوف يناقشه برلمان الإنقلاب العسكري، يجعل عموم المصريين بمثابة "مخبرين للأجهزة الأمنية، فإما أن يبلغوا على بعضهم البعض، أو يتم حبسهم وتغريمهم".
وحول التعديل الخاص بالإيجارات يؤكد مصطفي أنه "ليس جديدا، فهو معمول به على أرض الواقع، حيث يجبر الأمن بالفعل السماسرة وملاك العقارات بتقديم صورة من بطاقة الرقم القومي وعقد الإيجار لقسم الشرطة التابع له، وما يحدث الآن هو مجرد تقنين للإجراءات بما يناقض حرية المسكن والتنقل الذي أقرته الدساتير المصرية".
ويشير مصطفى إلى أن النظام العسكري "يواصل إجرامه وفرض سطوته على المصريين، بوضعهم الدائم تحت مقصلة الأمن، واستخدام هذه العقوبات والإجراءات كورقة ضغط دائمة ضد المواطنين، بذريعة محاربة الإرهاب، التي يستخدمها السيسي فزاعة وشماعة لتبرير فشله السياسي والاقتصادي".
ويتساءل البرلماني السابق عن الوضع القانوني للمساكن والأجهزة والمستلزمات والمصانع التي يتم مصادرتها، ولماذا لم يخضعها التعديل لخزانة الدولة، ولماذا لم يحدد جهة محددة يكون منوط لها التصرف فيما يتم مصادرته، وما هو مصير المساكن والأجهزة التي يتم مصادرتها، إذا حكمت المحكمة بنقض الحكم الخاص بالقضية.
ويشير مصطفى إلى أن السيسي "يستخدم السلطتين التشريعية والقضائية بشكل ليس له مثيل في تصفية حساباته السياسية مع معارضيه، وأن الأمر لن يكون قاصرا على أعضاء الجماعات الإسلامية، وإنما سوف تمتد لكل معارضي النظام".