هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر مختصون من تداعيات وخطورة دخول قرار الإدارة الأمريكية بخفض تمثيلها لدى الفلسطينيين عبر دمج القنصلية الأمريكية في القدس بالسفارة الأمريكية لدى الاحتلال الإسرائيلي والتي تم نقلتها لمدينة القدس المحتلة.
سلسلة خطوات
وأعلن مسؤول أمريكي، السبت، أن قرار الولايات المتحدة خفض تمثيلها لدى الفلسطينيين سيدخل حيز التنفيذ غدا الاثنين؛ عبر دمج القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة بالسفارة الأمريكية لدى "إسرائيل"، وفق ما نقله موقع "i24" الإسرائيلي.
وزعم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، عند إعلان الدمج في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن الهدف هو "تحسين الفاعلية، وهو لا يشكل تغييرا في السياسة".
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 6 كانون الأول/ ديسمبر 2017، الاعتراف بالقدس المحتلة "عاصمة لإسرائيل"، وقام بشكل عملي بنقل سفارة بلاده من "تل أبيب" إليها في 14 أيار/ مايو 2018، والذي تزامن مع الذكرى الـ 70 للنكبة الفلسطينية.
وحول خطورة وتداعيات القرار الأمريكي، أوضح أستاذ العلوم السياسية هاني البسوس أن "هذه الخطوة الأمريكية تأتي ضمن سلسلة خطوات أحادية الجانب لتطبيق صفقة القرن، من بينها ومن أهمها، إعلان مدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، وبالتالي لا حاجة لوجود القنصلية في وجود السفارة في ذات المدينة".
اقرأ أيضا: أمريكا تخفض تمثيلها الدبلوماسي لدى السلطة الفلسطينية
وأشار، في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "القنصلية الأمريكية في القدس كانت تقدم خدمات للفلسطينيين في مناطق السلطة الفلسطينية، ولكن الآن سيكون هناك إجراءات جديدة تتمثل في تخفيض التمثيل الدبلوماسي الأمريكي لدى السلطة، وعدم الاعتراف بأي حقوق فلسطينية في القدس المحتلة".
تداعيات كبيرة
ورأى البسوس، أن "المشكلة في عدم وضوح الرؤية الفلسطينية تجاه السياسة الأمريكية في القدس. والتوتر حاصل بين الجانبين. والسلطة تعيش أكبر أزمة مالية وسياسية"، لافتا إلى أن "هناك تخبط في القرارات وعدم انضباط في السياسة الفلسطينية".
من جانبه، أوضح الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية منصور أبو كريم، أن القرار الأمريكي يهدف إلى "تثبيت الوضع القائم، وإجبار الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية على التعامل مع السفارة الأمريكية في مكانها الجديد بالقدس المحتلة في كل ما يتعلق بأمور الفيزا، والإقامات، والمعاملات القنصلية والسياسية".
ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "القرار يعكس ما صرح به ترامب خلال إعلانه القدس عاصمة لإسرائيل، حيث أكد أن المقاربة السابقة للتعامل مع وضع القدس أثبتت فشلها، ولذلك لابد من تبني مقاربة جديدة، تقوم على أساس الاعتراف بالوضع القائم، أي وضع القدس تحت الاحتلال".
وأكد أبو كريم، أن لهذا القرار "تداعيات سياسية وإدارية كبيرة، وسيضع الشعب الفلسطيني أمام خيارين؛ إما التعامل مع الوضع القائم وإجراء المعاملات الإدارية مع السفارة الأمريكية في القدس المحتلة؛ وهذا فيه اعتراف غير مباشر بالقرار الأمريكي، أو مقاطعة السفارة بعد دمج القنصلية فيها، ولهذا تداعيات كبيرة على حركة السفر من وإلى الولايات المتحدة الأمريكية".
ومن الناحية الدبلوماسية، سيكون للقرار "انعكاسات كبيرة لأنه سيزيد من حالة القطيعة بين السلطة والجانب الأمريكي نتيجة دمج العمل القنصلي بالعمل الدبلوماسي"، وفق الباحث الذي قدر أنه "لا تأثيرات مالية على السلطة جراء هذا القرار، ولكن هناك تأثير ثقافي وفني ومعرفي كبير، لأن القنصلية كانت تقوم بدور مهم في المنح الدراسية والأعمال الفنية ودعم مشاريع المرأة والطفولة".
تهميش القضية
وذكر أبو كريم، أن "القنصلية الأمريكية بالقدس، كانت تقوم أيضا بدور حلقة الوصل بين المستوى السياسي في الجانبين، لذلك هذا القرار سيؤثر على العلاقات الفلسطينية الأمريكية في كافة المجالات".
أما الخبير الاقتصادي عمر أبو شعبان، أوضح في منشور على صفحته على "فيسبوك"، أن "قرار إنهاء عمل القنصلية الأمريكية في القدس، ينهي 175 عاما من التمثيل الأمريكي المستقل إلى حد كبير مع القدس ومع الفلسطينيين".
اقرأ أيضا: نتنياهو يدعو "كل دول العالم" لنقل سفاراتها للقدس المحتلة
ولفت إلى أن "القنصلية الأمريكية كانت في القدس كالسفارة الفعلية لأمريكا مع الفلسطينيين"، موضحا أن القنصل الأمريكي في القدس، كارين، غادرت القدس هذا الأسبوع بعد عدة أشهر فقط من توليها هذا المنصب في تشرين الأول/ أكتوبر 2018.
وذكر أبو شعبان، أنه "بموجب هذا القرار سيتم التعاطي مع الملف الفلسطيني من قبل "دائرة الشؤون الفلسطينية" في السفارة الأمريكية، وسيصبح كذلك السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، هو العنوان الرسمي لأمريكا في فلسطين، خاصة بعد إغلاق الإدارة الأمريكية للممثلية الفلسطينية في واشنطن".
وأشار الخبير، إلى أن "الادارة الأمريكية الحالية تواصل تطبيق سياساتها بشكل منفرد، وهي تهدف إلى تهميش وضع القضية الفلسطينية"، متسائلا: "كيف لأمريكا أن تواصل لعب دور الوسيط في ظل هذه السياسة التي لا تهمش القضية الفلسطينية فقط، بل تهمش دور الولايات المتحدة ذاتها؟".