هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال خبراء لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن أستراليا تعد "أرضا خصبة للإسلاموفوبيا"، بسبب تاريخها الطويل مع الجماعات اليمينية المتطرفة، وجهود تطبيع الخطاب المعادي للمسلمين عن طريق وسائل الإعلام اليمينية، التي يملكها الملياردير الأسترالي روبرت مردوخ.
جاء ذلك في تقرير نشرته الصحيفة الأمريكية، السبت، تعقيبا على تأكيد رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، بعد فترة وجيزة من الهجوم الإرهابي على مسجدين في نيوزيلندا، أنّ المشتبه الأول في الهجوم "مواطن أسترالي"، ووصفه بأنه "إرهابي يميني".
وأكد غسان حاج، أكاديمي أسترالي من أصل لبناني، في جامعة ملبورن الأسترالية أنّ "ما يتم نشره (في وسائل الإعلام اليمينية) يشيع ثقافة الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا)، ما يجعل من السهل على المتطرفين التفكير بأن نزواتهم القاتلة شرعية".
ورغم إشارة الخبراء إلى أن أستراليا قد تكون أرضًا خصبة للتطرف اليميني، إلا أن بيان منفذ هجوم نيوزيلندا الإرهابي، يوحي بأن الدافع وراء ما حدث "لم يكن شكلا من أشكال القومية اليمينية المتطرفة التقليدية، بل هو نوع جديد من أشكال التطرف المستمد من الإنترنت".
اقرأ أيضا: تعرف على دلالات رموز عنصرية استخدمها إرهابي نيوزيلندا
وأوضح أوريليان موندون، وهو خبير في اليمين المتطرف بجامعة باث البريطانية قائلا: "الحقيقة أن (مرتكب مذبحة نيوزيلندا) اختار نيوزيلندا بعناية فائقة، لأنه أراد أن يثبت للمسلمين بأنهم ليسوا آمنين في أي مكان".
وحسب "واشنطن بوست" تمتلك أستراليا تاريخا طويلا مع الجماعات اليمينية المتطرفة التي استهدفت المهاجرين والأقليات.
فمنذ بداية القرن العشرين، تبنت البلاد عددا من سياسات التمييز المصممة لاستبعاد المهاجرين من أصل غير أوروبي، وهي التدابير المعروفة باسم "سياسة أستراليا البيضاء"، وتم التخلي عنها بشكل كامل في عام 1973.
وفي منتصف تسعينيات القرن الماضي، تمكنت أحزاب سياسية يمينية متطرفة، مثل حزب "أمة واحدة" للسياسية بولين هانسون من الاستفادة من المشاعر المعادية للمهاجرين (لدى المواطنين) لاستخدامها ضد الآسيويين، لكسب موطئ قدم صغير في السياسة المحلية.
وخلال السنوات الأخيرة، اكتسب حزب "أمة واحدة"، وغيره من الجماعات اليمينية سياسة جديدة من خلال التركيز على قضية هجرة المسلمين من الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
جيل جديد من اليمين الأسترالي
وأوضحت "واشنطن بوست" أنه رغم تركيز هذه الجماعات على المخاوف الأسترالية، إلا أن البيان الذي صدر قبل هجوم أمس في نيوزيلندا، لفت أن المسلح انتقل إلى نيوزيلندا تحديدا لتنفيذ هجومه، ما يشير إلى أنه "أراد أن يظهر للمسلمين أنهم ليسوا آمنين حتى في المناطق البعيدة (المنعزلة) في العالم".
كما لفتت: "البيان الذي نشره مرتكب هجوم نيوزيلندا، وفيديوهات الهجوم، حملت ذكرا عابرا لأستراليا، فيما كانت هناك إشارات متكررة للحركات اليمينية المتطرفة، وعبارات التندر التي عادة ما تستخدمها هذه الجماعات على الإنترنت".
وركز مرتكب المذبحة في بيانه على الحوادث الأخرى (أغلبها ارتكبت ضد المسلمين) في بلدان أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، وفرنسا، والنرويج، وصربيا.
اقرأ أيضا: NYT: مروجو العداء للإسلام أيديهم ملطخة بمجزرة نيوزيلندا
وفي هذا الشأن، أكد "موندون" أن الإشارات الظاهرة في بيان منفذ هجوم نيوزيلندا والفيديوهات المذكورة "تدل على وجود جيل جديد من اليمين المتطرف الأسترالي".
وتابع لـ"واشنطن بوست": "هذا النوع من اليمين البديل، والذي يحمل طابعا دوليا، يعتمد (في أفكاره) على الإنترنت".
ومضى قائلا: "إنه (اليمين الأسترالي الجديد) أقرب لما رأيته في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، أكثر عنفا وأقل اهتماما بالسياسة على عكس الحركات اليمينية الأسترالية السابقة (مثل حزب أمة واحدة)".
وفيما أحجمت أحزاب يمينية أسترالية بينها "أمة واحدة" عن التعليق على مجزرة نيوزيلندا، وجه فريزر أنينغ، وهو عضو مستقل في مجلس الشيوخ الأسترالي، للمسلمين رسالة قال فيها: "ربما كان المسلمون ضحايا اليوم (في نيوزيلندا) لكن عادة ما يكونون هم الجناة".
وأرجع "أنينغ" في بيان السبب الحقيقي لإراقة الدماء في شوارع نيوزيلندا إلى "برنامج الهجرة الذي سمح للمتعصبين المسلمين بالهجرة إلى نيوزيلندا".
وعليه، اتهمت مرين فاروقي، أول مسلمة تحظى بعضوية مجلس الشيوخ في أستراليا، بولين هانسون وفريزر أنينغ "بتطبيع اللغة المستخدمة لاستهداف المسلمين".
وقالت "فاروقي" على تويتر إنّ ما حدث في نيوزيلندا نتيجة "الكراهية العنصرية والإسلاموفوبيا".
والجمعة، شهدت مدينة كرايست تشيرتش النيوزيلندية مجزرة إرهابية بالأسلحة النارية والمتفجرات استهدفت مسجدي "النور" و"لينوود"؛ ما خلف أكثر من 50 قتيلا وعددا كبيرا من الجرحى، حسب محصلة أولية غير رسمية.
ومثل الإرهابي الأسترالي برينتون هاريسون تارانت (28 عاما)، منفذ المجزرة، أمام محكمة جزئية في كرايست تشيرش، التي أمرت بحبسه إلى حين عرضه على المحكمة العليا في 5 أبريل/نيسان المقبل.