هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
"التخلص من الفاشية الإسلامية"، و"هزيمة ساحقة للإخوان المسلمين"، كانت أهم محاور تناول الأذرع الإعلامية للنظام العسكري الحاكم بمصر لأحداث خلع الرئيس السوداني عمر البشير.
والخميس، أعلن وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف، عزل البشير واعتقاله، وبدء فترة انتقالية لمدة عامين، وإعلان الأحكام العرفية 3 أشهر.
وتبنت معظم الصحف، والمواقع، والفضائيات المصرية مواقف مماثلة؛ أهمها الإشادة بدور الجيش السوداني، وانحيازه للجماهير، واستخدام نفس مفردات انقلاب عبدالفتاح السيسي 3 تموز/يوليو 2013، فيما لم تشر أيا منها لرفض المتظاهرين بيان الجيش واعتباره انقلابا عسكريا على الثورة.
واستخدمت صحيفة "اليوم السابع"، المحلية مصطلحات انقلاب السيسي قبل 6 سنوات مثل "خارطة الطريق"، و"مرحلة انتقالية"، و"الرئيس المعزول"، وقالت الجمعة: "المجلس العسكري السوداني يرسم خارطة طريق المرحلة الانتقالية..".
والخميس، وصفت البشير، بنفس وصف الرئيس محمد مرسي، قائلة: "السودان يطوي صفحة البشير.. والتحفظ على الرئيس المعزول"، فيما أشادت بما أسمته استجابة الجيش للشعب.
واستخدمت صحيفة "المصري اليوم"، لفظ وزير الدفاع السوداني "اقتلاع النظام" وكتبت الجمعة: "الجيش السوداني يقتلع البشير والمتظاهرون يقولون نريدها مدنية"، دون الإشارة لرفض المتظاهرين بيان الجيش واعتباره انقلابا عسكريا.
ونشرت وكالة "أنباء الشرق الأوسط" الرسمية، وصحيفة "الأهرام" الحكومية بيان الجيش السوداني، والتزمت معظم الصحف بخط النظام وبيان الخارجية بأن مصر مع خيار السودانيين.
اقرأ أيضا: ابن عوف يتنازل عن منصبه رئيسا للمجلس العسكري بالسودان
واستغل إعلام السيسي، الموقف للهجوم على جماعة الإخوان المسلمين، وأكدت فضائية "إكسترا نيوز"، أن عزل البشير، خسارة جديدة للإسلاميين ولجماعات الإرهاب والإخوان، وأن الجيش اقتلع نظام حكمهم الفاشي، وتصدى لمليشيات الخارج، وأجهض خططهم ومحاولاتهم توجيه المتظاهرين ووقف سيناريو الفوضى والتخريب وأن الشارع السوداني رفضهم.
إلا أن معارضين مصريين، أكدوا أنه ليس انقلابا على حكم إسلامي، لأن البشير تخلص من الإسلاميين، قبل سنوات، وأنه رجل عسكري تماما كالسيسي، حسب تدوينة للكاتب الصحفي سليم عزوز عبر "فيسبوك".
عزوز، انتقد بتدوينة ثانية، حديث الإعلام المصري عن هزيمة الإسلاميين، مؤكدا أن "الثورة السودانية على الحكم العسكري المستبد، والبشير الإسلامي عقيدته العسكرية مقدمة على انتمائه للحركة الإسلامية، وهو صديق السيسي وقرينه كعسكري وكمستبد وكفاشل أيضا".
"دعوات للإقصاء ليس وقتها"
وفي تعليقه قال الباحث السياسي عزت النمر، إن "الإسلاميين ينطلقون من مبادئ وقيم رسالية مضمونها أن الحرية فريضة إسلامية، وأن العدو الأول للاسلام هو الاستبداد والعبودية والتسلط والفساد".
النمر، أضاف لـ"عربي21": "ربما كانت هناك فئات محدودة محسوبة على الإسلاميين تعايشت مع الاستبداد ولازالت، لكن عصب الإسلاميين وتيارهم الأصيل هم أكثر أبناء الشعوب دفعا لفاتورة الاستبداد، وكانوا دوما طليعة التصدي للطغاة، وكانوا ولازالوا رأس حربة الربيع العربي وشامته بكل الأقطار".
وقال إنه "حتى بالسودان؛ فمن الإجحاف القول بأن نظام الإنقاذ يمثل الإسلاميين وما حدث للبشير هزيمة لهم، وربما يقول ذلك العامة، لكن يتعفف عن هذا الربط المخل أي محلل عليم بالواقع ومثقف محترم".
وأوضح أن "الإسلاميين مكون رئيس بالحراك السوداني، وموجودون بالشارع ووقعوا على مذكرة الجبهة الوطنية التي دعت البشير للتنحي وحل الحكومة والمجالس التشريعية".
اقرأ أيضا: هذه أبرز تصريحات رئيس اللجنة السياسية في "العسكري" السوداني
ويرى النمر، أن "من يروج لهذا الهراء قنوات صفراء من سدنة الانقلاب بمصر وعبيد العسكر لخداع الجماهير، بجانب فصيل نخب عربية للأسف يعيش حالة الإسلاموفوبيا ويعتبر الإسلاميين فزاعة يرجون زوالهم؛ إما تأثرا بثقافة غربية أو تلونا وانحرافا عن مواجهة الطغاة، وربما حسدا من أن الإسلاميين هم خيارات الشعوب أمس واليوم وغدا".
وتوقع، استمرار الإسلاميين كقوة مؤثرة؛ لن يتجاوزها إلا موتور يقدم خدمة للاستبداد، مضيفا: "ونقول لهؤلاء إن الصراع الحقيقي بين الشعوب وبين الاستبداد والقهر، وليس بينكم وبين الإسلاميين، وإياكم أن تعميكم عداوتكم فتصروا على إعادة استدعاء الخونة والمستبدين والعسكر كرها بالإسلاميين رفقاء الدرب ورأس الحربة لكم وللشعوب لا عليكم بطريق الحرية والكرامة".
وأكد أنها "دعوات للإقصاء ليس وقتها؛ فالسودانيون لم تكتمل ثورتهم، وعلى الجميع بذل الجهد لإتمام التغيير الحقيقي، ولئلا يستفيد العسكر من هذه الدعوات الخبيثة بتفريق الكلمة والعودة بوجه جديد كما حدث لمصر، وهو ما بدت نذره جلية بالبيان الأول".
"هزيمة.. ولكن ماذا عن المس
تقبل؟"
وعلى الجانب الآخر يرى الباحث والمحلل السياسي، محمد حامد، أن "تنحية البشير هزيمة للإسلاميين بشكل كبير وتراجع لهم"، متسائلا: "ولكن بالمستقبل هل سيتم دمج (حزب المؤتمر) مرة أخرى بالحياة السياسية؟ وكيف يبدو مستقبل الحركة الإسلامية بظل الأوضاع الجديدة؟".
حامد، قال لـ"عربي21": "لا يبدو أنه سيكون مستقبل جيد لهم؛ خاصة أن الإقليم معاد لفكر تيار الإسلام السياسي، وتجمع المهنيين والمعارضة أكد أنه لا عودة للإخوان المسلمين، والقوميين الإسلاميين، وتيار حسن الترابي، والبشير، وحزب المؤتمر".
وحول المخاوف من صناعة فاشية جديدة، يعتقد حامد، أن "الأمور مازالت قيد النظر بمرحلة انتقالية"، مشددا على أن "مستقبل السودان مهم لمصر"، ومتوقعا "حدوث تفاهمات أكثر قادمة بملف المياه مع مصر، وأن السودان سيتبدل وتحالفاته الإقليمية ستتغير".