أثار التقارب بين نظام الانقلاب في مصر والمجلس
العسكري الحاكم في
السودان مخاوف المعارضين المصريين، وأصبح هاجس تسليمهم للقاهرة
يلاحقهم، خاصة في ظل تجارب سابقة مع معارضين في دول أخرى.
احتمال وارد
وأثارت هذه المخاوف تساؤلات حول ما إذا سيتم
التضييق على المعارضين المصريين أو يتم ترحيل بعضهم من السودان أم لا؟ وأجاب أحد
المعارضين مفضلا عدم ذكره اسمه على هذا التساؤل بالقول: "من الوارد أن يحدث
ذلك نتيجة للظروف الاقليمية".
وتابع المعارض في حديث لـ"
عربي21": "ولكن
في كل الأحوال نحن نقدر ظروف السودان دولة وشعبا، ولن نسمح لأنفسنا أن نكون عامل
ضغط على أي نظام في السودان، وذلك من منطلق حرصنا على مصلحة الشعب ونجاح ثورته
التى نشعر بشراكة حقيقية فيها".
لا تهديد يُذكر
من جهته عبر المحلل السياسي السوداني أحمد علي
عثمان عن "اعتقاده بأن المجلس العسكري السوداني بشكله الحالي لن يسلم أي
معارض مصري للقاهرة".
وتابع عثمان في حديث لـ"
عربي21":
"يحوي المجلس العسكري الحالي أعضاء من الإخوان المسلمين، وأيضا أشخاصا مقربين
من فكرهم، بالتالي وجود هؤلاء في هذا المجلس سيمنع تسليم أي معارض مصري، فهم
يعتبرون الأمر مسألة مبدأ".
وأضاف: "ولكن إذا رضخ المجلس العسكري
لمطالب مجلس المهنيين وحدث هناك تغيير في داخله وأصبح هناك توازنات سياسية يمكن أن
يحدث تسليم لبعض المعارضين المصريين للقاهرة".
بدوره قال الكاتب والصحفي المصري سليم عزوز:
"أعتقد أنه لن يكون هناك تهديد يُذكر، فالمصريون في السودان هم في حماية
الثورة السودانية الآن، ويدرك عبد الفتاح
السيسي أن موقفه حرج، ويدرك المجلس
العسكري السوداني أيضا بأن تسليم المعارضين المصريين الآن سيضعه على المحك مع
الثورة".
وتابع عزوز في حديث لـ"
عربي21":
"أيضا تدخل السيسي لدعم وتأييد المجلس العسكري السوداني يُواجه برفض شعبي
سوداني، ورأينا اليوم كيف تظاهروا أمام السفارة المصرية بالخرطوم منددين بتدخل
السيسي في شؤونهم".
وأشار إلى أن "السيسي رغم علاقته القوية بعمر
البشير وبجهاز المخابرات هناك، إلا أنه كان يدرك حساسية هذه الملف، ولم يُعلن أنه
طلب من البشير تسليمه المعارضين"، مضيفا: "وبرغم أنه استخدم الإعلام
لفترة في الهجوم على السودان لأنه يأوي إرهابيين بحسب وجهة نظرهم، إلا أن الملف تم
طيه سريعا، بالتالي لا خوف على المعارضين المصريين في السودان على الأقل في هذه
المرحلة الانتقالية".
خروج آمن
وأوضح عزوز بأنه "في حال فكرت السلطة
الحاكمة بدراسة وضع المعارضين المصريين، فإن خياراتها ستكون محدودة، وعلى الأغلب
ستمكنهم من الخروج الآمن إلى تركيا، إلا أن هذا الأمر سيؤخذ عليها ثم إن كثيرا منهم
انتهت صلاحيات جوازات سفرهم الأمر الذي يمنع خروجهم إلا لمصر، وهذا لن يحدث على
الأقل الآن"، بحسب قوله.
بدوره قال رئيس المكتب الإعلامي لحزب المؤتمر
الشعبي صديق محمد عثمان: "لا يوجد معارضون مصريون بمعنى كيانات سياسية، نعم
قد يوجد أشخاص هنا وهناك، ولكن في الغالب كان وجودهم في ظل نظام البشير نتيجة
لتفاهم وتنسيق مع نظام السيسي، لذلك لا أعتقد أن تسليم المعارضين المصريين من
المواضيع المهمة أو المطروحة للنقاش في اَي تقارب مصري سوداني قادم".
وتابع صديق في حديث لـ"
عربي21":
"أيضا لا أظن أن هذا الأمر من أولويات النظام المصري، فهناك أمور أكثر حساسية
تشغل باله الآن وعلى رأسها التدخل الخليجي في ما يعتبره حديقته الخلفية، فنظام
السيسي مهما تماهى مع تطلعات السياسة الخليجية التوسعية، يبقى هناك اعتقاد راسخ
لدى الدولة العميقة في مصر بأنها الأحق بدور الريادة في العالم العربي".
وختم حديثه بالقول: "إضافة لذلك لا يشكل
تسليم أي معارض مصري للقاهرة موضوعا له أولوية للمجلس العسكري السوداني، وذلك
لضآلة الوجود المصري في السودان، وأيضا أي معارض مصري يعلم بأن استخبارات السيسي
تستطيع الوصول إليه في السودان إذا شاءت".
الخيارات المتاحة
وحول خيارات المعارضين المصريين في حال بدأت
السلطات السودانية الحالية ملاحقتهم قال الكاتب والصحفي سليم عزوز: "لا
خيارات أمام المعارضين بعد السودان سوى تركيا، لكن على أية حال هذا الملف لن يُفجر
الآن".
وتابع: "لقد شاهدنا كيف تم الإفراج عن
المعارض السوداني الدكتور الجزولي بعد ساعات من اعتقاله رغم أن الاعتقال تم بتحريض
إماراتي، وعلاقة الإمارات أقوى مع المجلس العسكري من علاقته مع السيسي، وذلك نظرا
لأن أبوظبي تقدم المساعدات المالية له، ومع ذلك لم يتمكن المجلس العسكري من
الاستمرار في اعتقاله مجاملة للإماراتيين لأن هذا من شأنه أن يمثل مشكلة للمجلس
العسكري مع الثورة هو في غنى عنها".