هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلطت صحيفة إسرائيلية
الضوء على ما أسمته بـ"حقل الألغام" الذي يواجه روسيا في سوريا، في
الوقت الذي يجري فيه الحديث عن "تحالف" روسي إسرائيلي لطرد إيران من سوريا.
وأوضحت صحيفة
"هآرتس" العبرية في مقال للكاتب تسفي برئيل، أنه "بعد أن نقلت
السيطرة على معظم أراضي سوريا لبشار الأسد، كان بإمكان الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، أن يسجل لنفسه إنجازا عسكريا هاما؛ إلا أن هذا الإنجاز ما زال لا يشكل
انتصارا".
وأضافت: "في
اليوم التالي تبين له أنه أمام حقل الغام سياسي، حيث يضع أمامه تحديات جديدة غير
مخططة، والتي من شأنها أن تقضم من إنجازاته العسكرية".
وذكرت الصحيفة، أن
"الخطة السياسية التي رسمتها موسكو ظهرت وكأنها عملية مرتبة ومعقولة؛ فكان من
الواجب على روسيا أن تبدأ بسحب جزء من قواتها من سوريا؛ وحل مسألة تفكيك القوات
المعارضة للأسد في محافظة إدلب بطرق دبلوماسية، بالأساس بواسطة تركيا، وتشكيل لجنة
لصياغة الدستور الذي سبق وكتبت مبادئه على أيدي المستشارين الروس؛ وتحديد موعد
للانتخابات والبدء بإعادة إعمار سوريا".
ونوهت إلى أن
"بدايات الفصول تم الاتفاق عليها في لقاء القمة الذي عقد في أيلول/سبتمبر
2018 بين إيران وتركيا وروسيا، وتم قبولها من قبل الأسد وعدد من الجماعات السورية،
ولكن في كانون الأول/ديسمبر الماضي بدأت الأمور تتشوش؛ حيث أعلن الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب عن نيته سحب قواته من سوريا، وهو القرار الذي لم يطبق بعد".
وأشارت إلى حدوث
"شرخ عميق بين ترامب وتركيا عقب حماية القوات الأمريكية عن القوات الكردية،
ووافق ترامب على إقامة قطاع أمني في المناطق الكردية شمال سوريا بعمق 32 كم، لكنه
طلب أن تقوم قوات أوروبية بالإشراف عليه والقيام بأعمال الدورية في المنطقة، في
حين أن تركيا طلبت أن تكون قواتها هي المسؤولة عن ذلك".
إقرأ أيضا: قناة إسرائيلية: الأسد الخاسر الأكبر من صفقة جثة "باوميل"
ونبهت
"هآرتس"، أنه في حال "لم يتم الاتفاق على هذا الأمر فسيتأجل
الانسحاب، وفي هذه الأثناء يتباحث الطرفان للتوصل لتسوية تناسب الأكراد"،
موضحة أن "روسيا وسوريا تعارضان سيطرة تركيا في شمال سوريا، لكن في نفس الوقت
تطلبان من تركيا تطبيق الاتفاق حول حل المنظمات المسلحة التي تتركز في إدلب،
وبالأساس قوات جبهة النصرة، وهو الاتفاق الذي منع هجوم عسكري روسي – سوري على
الإقليم، حسب طلب تركيا".
وتابعت: "تركيا
لم تحل المنظمات، وروسيا بدأت بالتهديد بأن صبرها آخذ بالنفاد، ومعركة على إدلب
الذي يعيش فيه 3 ملايين مواطن يعني موجة جديدة من اللاجئين نحو تركيا، التي تستضيف
أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوري"، مؤكدة أنه "بدون حل مشكلة إدلب فسيتأخر
استكمال سيطرة الأسد على كل سوريا، ومعه باقي الخطوات السياسية التي خططت لها
موسكو".
كما أن "هناك لغم
آخر يكمن في غياب اتفاق على تعيين لجنة للدستور، التي يجب عليها العمل برعاية
الأمم المتحدة، و في الجمعة الماضي انتهت الجولة 12 من محادثات في عاصمة
كازاخستان، بدون أي نتائج، وأساس الخلاف يتركز حول تشكيل الطواقم التي ستعمل على
صياغة الدستور".
وبينت الصحيفة، أن
"روسيا معنية بتمثيل كبير بقدر الإمكان لقوى المعارضة إلى جانب ممثلي النظام،
وتركيا تعارض إشراك الأكراد، والأسد يعارض مشاركة عدد من منظمات المعارضة، وإيران
من ناحيتها تريد الحفاظ على نفوذها في سوريا إزاء السيطرة الاقتصادية لروسيا على
مواردها مثل حقول النفط والغاز التي اعطيت حقوق تطويرها لشركات روسية، إلى جانب
تأجير ميناء طرطوس لروسيا مدة 49 عاما".
وأفادت بأن "هذا
الصراع الاقتصادي تعاظم إلى جانب ما تسميه إيران تعاونا بين روسيا وإسرائيل، في
مؤامرة لطردها من سوريا"، منوهة إلى أن هناك العديد من الدلائل- بحسب محليين
إيرانيين – التي تشير إلى طرد طهران من سوريا منها؛ منح الضوء الأخضر لمهاجمة
أهداف إيرانية؛ ضبط النفس الروسي بشأن قرار ترامب الاعتراف بهضبة الجولان كجزء من
إسرائيل؛ وإطلاق سراح أسيرين سوريين مقابل جثمان زخاريا باومل".
واعتبرت
"هآرتس"، أن كل هذه الأمور هي "خطوات تدل على وجود تحالف روسي
إسرائيلي ضد طهران؛ وهذا التفسير الإيراني له مؤيدون في الحكومة التركية، وهو يخدم
في الحقيقة إسرائيل التي تبدو كمن تستطيع التأثير على سياسة روسيا في الشرق
الأوسط".
وزعمت أنه "ليس
من المؤكد أن روسيا راضية عن هذا التشبيه، لا سيما عندما تكون موجودة ضمن ضفيرة من
الخطوات السياسية في سوريا، التي من الأفضل لها أن لا تظهر كمن تعمل حسب أجندة
إسرائيل"، مشيرة إلى أن "روسيا تحتكر إدارة العمليات السياسية،
وهذا الاحتكار يقتضي صيانة ومرونة تجاه المنافسين الآخرين كي يتحقق".