هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في يومهم العالمي، يعيش عشرات الآلاف من العمّال المصريين أوضاعا معيشية صعبة، بسبب تراجع قطاع الصناعة وغلق مئات المصانع، وتنفيذ النظام العسكري الحاكم سياسات نزع الدعم وزيادة أسعار السلع والوقود والخدمات والضرائب.
مجموعة من العمال تحدثوا لـ"عربي21"، عن أوضاعهم الحياتية والمعيشية، مؤكدين أنها لا تختلف عن أحوال ملايين المصريين الذين يرزخون تحت خط الفقر العالمي.
وأكد آخر تقرير رسمي في عام 2015، أن نسبة المصريين تحت خط الفقر 27.8 بالمئة، بنحو 30 مليون فقير، لكن خبراء يؤكدون ارتفاع النسبة لـ35 بالمئة لعام 2017، بعد قرارات الحكومة بتعويم الجنيه، وأنه زادت بشكل مطرد حتى 2019.
"أسامة"، يعمل بمجال المعمار بمحافظة الشرقية، قال: "أقترب من الـ50 عاما ومازلت بلا تأمينات اجتماعية وصحية ولا أمل أن يكون لي معاش بعد بلوغ سن الستين، وأصبحت غير قادر على العمل (في الفاعل) يوميا، وما أحصل عليه لا يكفي أسرة من 4 أبناء وزوجة معظمهم بمراحل التعليم".
وأضاف لـ"عربي21"، "أحصل على أجر يومي مائة جنيه ولو عملت طوال الشهر سأحصل على 3 آلاف جنيه، أدفع منها نحو 200 جنيه شهريا للكهرباء، و50 جنيها للمياه، و50 أخرى للتليفون المحمول، ولأنبوبتين من الغاز حوالي 150 جنيه شهريا، وكيلو لحمة أسبوعيا بـ110 جنيهات، يعني 500 جنيه شهريا".
وتابع، "و500 جنيه شهريا للدواجن، ومثلها للبقالة، ومثلهم للخضار، ومثلها للمواصلات، ومثلها للأدوية؛ ما يفوق دخلي الشهري دون شراء أية فواكه أو ملابس أو مصاريف المدارس والدروس الخصوصية والسجائر".
وقال إن رسالتي للنظام: "هل يستطيع أي فرد منكم أن يعيش كما نعيش؟ إننا نفكر في كوب الشاي نشربه أم لا؛ كفاكم سرقة في قوتنا، تعبنا ولم نعد نحتمل".
اقرأ أيضا: لماذا يصر نظام السيسي على "إسكات" صوت العمال؟
"سيد"، يعمل بإحدى شركات الغزل والنسيج الخاصة، قالت زوجته، إنه "عمل لأكثر من 15 عاما وقبل 6 أشهر أصيب بجلطة أفقدته النطق والحركة في شقه الأيمن، وتخلى عنه أصحاب الشركة واكتفوا بدفع راتبه لمدة 3 أشهر، ثم فوجئنا أنه غير مؤمن عليه".
وأوضحت لـ"عربي21"، أنه "نظرا لتلاعب أصحاب الشركات بالقانون فإنهم يغيرون أسماء ونشاطات الشركة كل عدة سنوات حتى يحصلوا على إعفاءات ضريبية وجمركية، ولأن زوجي كان مؤمنا عليه بالشركة الأولى لم يتم نقله تأمينيا للثانية وفصل من التأمينات".
وأضافت: "نسكن بالإيجار بمنطقة شبرا الخيمة، وعلاجه يتكلف كثيرا وحاولنا الحصول على معاش (تكافل وكرامة) الذي يسمونه معاش السيسي، رغم أنه لا يتعدى 350 جنيها فرفض الموظفون بوزارة التضامن".
وخاطبت النظام بقولها إن "من ظلم زوجي وظلمنا هم أنتم بعدما سمحتم لرجال الأعمال يأكلوه لحما ويرموه عظما ويتركوه بدون راتب ومعاش وعلاج".
اقرأ أيضا: عمال فلسطين.. قهر وبطالة بغزة وإذلال على المعابر بالضفة
وتبلغ قيمة معاش "تكافل وكرامة" 325 جنيها شهريا، وبدأ عام 2015، وأطلق عليه الفقراء معاش السيسي، على غرار ما كان يطلق على معاش السادات، ومبارك، فيما كشف مواطنون أن الحصول عليه رغم قلته يخضع لرقابة أمنية ولا يناله إلا مؤيدو السيسي.
"محمد" (27 عاما) قال: "أعمل بإحدى شركة الأدوية التابعة لقطاع الأعمال العام، منذ 5 سنوات، وراتبي لا يتعدى 2000 جنيه، وأدفع إيجار بـ750 جنيها، مع فواتير الكهرباء والمياه والتليفون واستهلاك الغاز نحو 500 جنيه، وما يتبقى لا يكفي حضانة ومدارس لثلاثة أطفال".
وأكد لـ"عربي21"، أنه "كي أعيش كباقي خلق الله أعمل ليل نهار لأكثر من 16 ساعة يوميا؛ حيث أخرج من شركة الأدوية الثالثة عصرا لأقود سيارة تاكسي أجرة لأحد أصدقائي أعود منها منتصف الليل".
وأضاف "عن أي عيد عمال تتحدث؟ لم أعد أحتمل هذا الحال وخاصة مع تضييق الشرطة علي وسحب رخصتي وتغريمي مبالغ كبيرة"، مخاطبا النظام بقوله: "الأجور ميتة والأسعار تقتلنا؛ ولكن ما أطلبه فقط أن تتركونا نأكل عيش".
"عبده"، 22 عاما، من صعيد مصر، قال: "أعمل بائع سريح ببضاعة بسعر آجل أدفعها لصاحب محل الجملة على أقساط، وما أربحه أسكن به في حجرة مع مجموعة من الشباب بمنطقة الكيلو 4.5 الشعبية بالقاهرة، وأرسل بعض المال لوالدتي بسوهاج بالصعيد".
وأضاف لـ"عربي21"، "هاجمتنا شرطة البلدية بمنطقة مسطرد بالقليوبية، وصادرت بضاعتي أنا وزميلي، ورغم توسلاتي إلا أنهم حرروا لي محضرا ومطلوب مني دفع غرامة للبلدية".
وتابع: "لا أعرف ماذا أفعل، لم يتبق لي إلا السرقة أو تجارة المخدرات"، مشيرا إلى أن المنطقة التي يسكنها يتم فيها تجارة المخدرات علنا، قائلا: "الدواليب -مسمى لتجارة البناجو والحشيش والأقراص المخدرة- بكل مكان بالشارع ولكن أخلاقي تمنعني من هذا العمل".
وفي تعليقه يرى الكاتب اليساري حسن حسين، أن العمال دفعوا الثمن الأكبر من سياسات النظام الاقتصادية والسياسية، مؤكدا أنهم "لم يدفعوا إلا ثمن ضعفهم وعجزهم وهوانهم على أنفسهم، وتجاهل أنهم قوة إجتماعية تحسب لها الأنظمة الحاكمة بكل العالم وعلى مر التاريخ ألف حساب، وبالتالي ما نال العمال من ظلم هو نفس ما أصاب بقية الشعب المستسلم لقدره".
المعارض المصري، قال لـ"عربي21": "على العمال أن يدركوا أنهم القوة الاجتماعية الأكثر قدرة على التنظيم، وأن دفاعهم عن حقوقهم السياسية والاقتصادية هو دفاع عن الأمة بأسرها".
وتابع، "لكن تزييف وعي العمال بالخمسين عاما الأخيرة ساهم بقسط وافر بتخليهم عن واجبهم الطبقي والوطني مما أدى للتدهور الحاد الذي تعيشه الطبقة العاملة، والاقتصاد الوطني بعد بيع القطاع العام، والتخلي عن التصنيع كهدف استراتيجي".
وخاطبهم قائلا: "على العمال أن يدافعوا عن وحدتهم وتنظيماتهم النقابية من جديد، ليتمكنوا من دعم أهداف ثورتي يناير ويوليو من قبلها، ويتخلصوا من التهديد بالقضاء عليهم كقوة منظمة بالمجتمع".