هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رأى كاتب وإعلامي مغربي، أنه ليس لدى الرباط أي خيار غير تقوية الجبهة الداخلية وإصلاح الأوضاع، وإنجاح انتقال ديموقراطي جريء وحاسم، لمقاومة ما أسماه بـ "حصار الجيران".
وأوضح المدير العام لصحيفة "الأيام"، رئيس فدرالية الناشرين المغاربة نورالدين مفتاح، في مقال نشره اليوم الجمعة في صحيفة "الأيام"، أن "المغرب محاصر، وأنه في كل ضلع من الحدود هناك قنابل موقوتة كلها تحتوي على منازعات ترابية وتوجسات تاريخية وتحديات جارية".
وأشار إلى أن "المغرب تنفس فعلا الصعداء بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الإسبانية بداية الأسبوع، بعدما كان شبح فوز اليمين القومي المتطرف يقض مضجع المغرب لما له في برامجه من مبادرات مخيفة، ربما أكثرها حماقة وتهوراً هو اقتراح حزب "فوكس" بناء جدار إسمنتي في الحدود المفروضة بين المغرب ومدينتيه المحتلتين سبتة ومليلية، يكون بتمويل مغربي مفروض من طرف مدريد للحد من الهجرة القادمة من الصحراء جنوب الساحل!!".
ورأى مفتاح أن "فوز الحزب الاشتراكي الإسباني يعتبر بمثابة فوز لاستمرار العلاقات التقليدية بين الرباط ومدريد"، لكنه أشار إلى أن "المشكل في إسبانيا هو أن الرأي العام عموما هناك متعاطف مع الانفصال في الصحراء".
وقال: "بالنظر للمسؤولية التاريخية لإسبانيا في الصحراء، وبالنظر لروابطها الثقافية مع سكان شمال المملكة وجنوبها، ورغم أن إسبانيا ليست عضوا دائما في مجلس الأمن، فإن تأثير مدريد في هذا الملف الوطني الأول بالنسبة للمملكة الشريفة يبقى عنصر شد وجذب، وعموما الحكومات في بلد ديموقراطي كإسبانيا تذهب وتجيء، ولكن نبض الشعب هناك يبقى حاجزا غير مرئي ولكنه حاضر، ويمكن في أي حين أن يستغل من طرف اليمين المتطرف ليصبح جدارا إسمنتيا يوجع بلادنا في مفاصلها الأكثر حساسية".
وأكد مفتاح أنه و"على الرغم من كل هذه الصورة الناطقة هنا، فإن الواجهة الشمالية للمملكة هي الأهون"، مقارنة بالواجهة الشرقية مع الجزائر، التي وصفها بـ "جدار العداء".
وقال: "إنها واحدة من أقدم الحدود البريّة المغلقة بين بلدين جارين، وهي ليست حدودا برية بأسلاك وخنادق وجمارك فقط، ولكنها حدود بحمولة تنافر تاريخي وسياسي ثقيل".
وأضاف: "يكفي أن الجزائر تأوي في جنوبها جمهورية صحراوية غير معترف بها من طرف الأمم المتحدة وتسلحها وهي تنازع المملكة في ثلث ترابها الوطني".
ونوّه إلى محاولات المغرب للفصل بين ملف الصحراء والعلاقات الثنائية مع الجزائر، لكن هذه المحاولات فشلت.
وأضاف: "اليوم يعيش الشعب الجزائري أول معركة انتزاع للديموقراطية منذ الاستقلال، وهو منشغل بمصير بلاده وبحقوقه وكرامته واقتلاع الفساد من جذور أرضه، ولا تشكل قضية كالصحراء أولوية بالنسبة له، وفي هذا الحراك الجزائري، تبقى كل الاحتمالات واردة، إلا أن الشيء الأفيد للجميع هو أن تنتصر الديموقراطية وحرية الاختيار في اتجاه العلاقات مع المغرب ستكون للشعب الجزائري، وعموما سيتطلب تكسير الجدار بيننا سنوات، وفي انتظار ذلك فإن البوابة الشرقية ستظل موصدة".
ولا تختلف الحدود الجنوبية للمغرب مع موريتانيا كثيرا عن حدوده مع الجزائر، برأي مفتاح، وقال: "لم يسبق للمغرب أن كانت له علاقات مستقرة مع جاره الجنوبي، إنها دورات من التوترات وسوء الفهم والإحساس لدى الموريتانيين بنوع من الارتياب السياسي الدائم من الشمال، إضافة إلى الضغوطات الرهيبة للبوليساريو والجزائر".
وأضاف: "من هنا يمكن أن نفهم حتى خارج ملف الصحراء كيف أن موريتانيا ارتمت في أحضان الحلف السعودي الإماراتي وقطعت علاقاتها مع قطر يوما واحدا بعد إعلان الحصار عليها، ومنخرطة في شراكة استراتيجية مع أبو ظبي لا ينظر لها في الرباط بعين الرضى".
أما الجهة الأخيرة فإنها الغرب (إسبانيا) الذي، قال مفتاح بأن "الماء حدّ فيه عقبة بن نافع وهو يتوق لفتوحات أخرى لا تتم في المحيط الأطلسي".
وانتهى الكاتب المغربي إلى القول: "إننا في الخلاصة مملكة محاصرة، عندنا جيران وليس فيهم أصدقاء"، على حد تعبيره.