هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ثمة تعبئة شيعية في العراق، تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية، وخصوصاً عقب زيارة وزير الخارجية الأمريكي جورج بومبيو، إلى بغداد (الثلاثاء) الماضي، تستهدف إبعاد إيران وحمايتها من ضربة أو هجوم أمريكي قد تتعرض لهما قريباً أو لاحقاً، وذلك من خلال إشغال واشنطن بمعركة جانبية في الأراضي العراقية، وهذا يعني في المفاهيم العسكرية المتعارف عليها، أن العراق سيكون ساحة صدام متقدمة في المواجهة العسكرية عند اندلاعها بين البلدين، مع ما يترتب عنها من أخطار مدمرة للعراق، وتجنيب إيران مخاطر الحرب، خصوصاً أن الأخيرة تعمل جدياً، وتحرص كثيراً، على دفعها، خارج حدودها، خوفاً من تداعيات الداخل الإيراني، المحتقن شعبياً، والمتضرر اقتصادياً.
مخاوف أمريكية من خطة إيرانية
وإذا صدقت التقارير التي نُشرت أو تسربت عن زيارة بومبيو البغدادية، ومفادها أن مساعدين للوزير الأمريكي كانوا يرافقونه، قد اجتمعوا مع مسؤولين في جهازي المخابرات ومكافحة الإرهاب العراقيين، وأطلعوهم على خطة إيرانية تقضي بقيام قوات الحشد الشعبي باحتلال بغداد وحصار المنطقة الخضراء والسفارات الأمريكية والأوروبية فيها، ومهاجمة أقرب قاعدتين أمريكتين إلى العاصمة، التاجي وبلد، شمالي بغداد، عند إطلاق أول صاروخ أمريكي على إيران، أو حدوث أول اشتباك جوي بين طيران البلدين، أو نشوب أول مواجهة بحرية بينهما، فان ذلك يعني ببساطة أن العراقيين سيدفعون ثمن مواجهة عسكرية كارثية في نتائجها وآثارها، وهم أساساً لا علاقة لهم بها، ولكن لأن فصائل الحشد مصرة على خوض حرب بالنيابة عن الجيش والحرس الثوري وفيلق قدس وغيرها من القوات الإيرانية، انطلاقا من العراق.
التصعيد العسكري الأمريكي ـ الإيراني يعطي انطباعاً بأن المواجهة العسكرية بين واشنطن وطهران، باتت قريبة
جزء من صفقة القرن
ولأن العراق الرسمي الحالي معني بالحالتين، صفقة القرن التي ذكرت تقارير أوروبية وأمريكية، أن حكومته ستتلقى ثمناً بمليارات الدولارات، لإنعاش اقتصادها المضطرب، مقابل موافقتها على إسكان مئات الآلاف من الفلسطينيين في مناطق الغرب العراقي، حددتهم بعض المصادر بمليون فلسطيني، ومعني أيضاً رغم أنفه بالمواجهة الأمريكية ـ الإيرانية التي سيكون العراق في القلب منها، وأبرز ساحاتها، الأمر الذي سينتج انقساماً عمودياً وأفقياً في البنية الهشة للمجتمع العراقي، قد يقود إلى اقتتال طائفي جديد أخطر من اقتتال عامي 2005 و2006، خصوصاً وأن قطاعات واسعة من السنة العرب تتمنى أن تنشب الحرب الأمريكية ـ الإيرانية اليوم وليس غداً، بعد أن عانت كثيراً من التدخل الإيراني، وانتهاكات وجرائم المليشيات الشيعية الخاضعة لها.
وإذا كانت صفقة القرن عند الشروع بها، لا تترك آثاراً دموية أو تخريبية في العراق بعد انحسار الاهتمام بالقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية حكومياً وحتى شعبياً، منذ نيسان (أبريل) 2003، إلا أن الحرب الأمريكية ـ الإيرانية ومشاركة أطراف وتنظيمات شيعية عراقية فيها، ستسفر عن نتائج أقل ما يقال عنها، إنها مرعبة، وتشمل كل العراق من شماله إلى جنوبه، وعلامة ذلك أن الحشد الشعبي، وهو جيش شيعي خالص، مكون من مليشيات طائفية مسلحة ومعروفة بولائها لإيران، منتشر في بغداد والمناطق والمحافظات السنية أكثر بكثير من المحافظات الشيعية التي يقتصر تواجده فيها، لأغراض تنظيمية حزبية، بينما نفوذه في العاصمة ومحافظات الموصل وصلاح الدين والأنبار وديالى وكركوك وشمال بابل، أكبر من نفوذ الجهات الحكومية والأجهزة الأمنية والعسكرية النظامية.
الحرب الأمريكية ـ الإيرانية ومشاركة أطراف وتنظيمات شيعية عراقية فيها، ستسفر عن نتائج أقل ما يقال عنها، إنها مرعبة، وتشمل كل العراق