يبدو أن الساحة السياسية في جنوب
اليمن ستشهد
تصعيدا واسعا، بعد إعلان انفصاليين جنوبيين، تدعمهم دولة
الإمارات، الحرب على قوات
الحكومة
الشرعية في المنطقة العسكرية الأولى التي تنتشر في مناطق غنية بالنفط
بوادي حضرموت (شرق البلاد)، باعتبارها قوات "احتلال" كما ورد في بيان
صادر عن المجلس الانتقالي الجنوبي.
جاء ذلك، خلال مؤتمر عقده المجلس المنادي بانفصال
جنوب اليمن عن شماله، الذي تشكل بدعم من أبوظبي في أواسط العام 2017، في مدينة
عدن.
وعلى الرغم من أن هذه التهديدات لا تعد الأولى
التي تتعرض لها قوات الجيش المرابطة في وادي حضرموت، إلا أنها تكشف وجها جديدا من
الخلاف بين السعودية، قائدة التحالف العربي، والإمارات، القوة الثانية في هذا
التحالف. وفقا لمراقبين.
تهديدات
المجلس الجنوبي تجددت بعد مضي أكثر من شهر
على عقد مجلس النواب جلساته في مدينة سيئون، ثاني أكبر مدن حضرموت، التي تقع ضمن
نطاق عمليات قوات المنطقة العسكرية الأولى المدعومة من المملكة.
"عودة للأضواء"
ويرى الكاتب والسياسي اليمني، أحمد الزرقة، أن
تهديدات المجلس الانتقالي هي محاولة لتسويق نفسه، والعودة للأضواء، خصوصا بعد فشل
تهديداته السابقة بمنع عقد جلسة البرلمان في سيئون.
وقال في حديث لـ"
عربي21" إن هذا الموقف
هو "انعكاس صريح وواضح للخلاف السعودي الإماراتي بخصوص تقاسم السيطرة والنفوذ
على المناطق المحررة من قبضة جماعة الحوثيين، وتلك المطلة على بحر العرب والبحر
الأحمر".
وبحسب الزرقة، فإن الأوضاع تتجه نحو المزيد من
التشظي، والملشنة، ودعم الكيانات غير الشرعية، وإضعاف نفوذ وسيطرة الشرعية.
وأشار السياسي اليمني إلى أن تصريحات قيادة المجلس
الانتقالي تتزامن مع حلول الذكرى التاسعة والعشرين لتحقيق الوحدة اليمنية
بين الشمال والجنوب، مؤكدا أن هذه التهديدات تهدف لإرهاب الأصوات التي قد تطالب
بالاحتفاء بالوحدة التي تحققت في 22 أيار/ مايو 1990.
"تصعيد ضد السعودية"
من جهته، قال نائب رئيس تحرير موقع "المصدر
أونلاين"، علي الفقيه، إن هذا التصعيد لم يبدأ من هذا الإعلان، ولكنه "بدأ
منذ اجتماع مجلس النواب في مدينة سيئون بحماية القوات السعودية الشهر الماضي، بعد
إعاقة انعقاده في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد".
وأوضح في حديث لـ"
عربي21" أن من "يقوم
بالتصعيد ليس المجلس الجنوبي، وإنما الجهة الراعية له، وهي دولة الإمارات، كون هذا
الكيان ما هو إلا واحدة من الأدوات التابعة للدولة الخليجية على الأرض".
وأضاف أنه "لا يمكن أن يصدر أي إجراء أو
تصريح إلا بإيعاز وموافقة إماراتية بما يخدم أجندتها".
كما أن التصعيد، وفقا للفقيه، ليس ضد الحكومة
اليمنية، بل ضد السعودية التي يعتبر وادي حضرموت منطقة نفوذ تابعة لها، وتندرج ضمن
المناطق المرتبطة بأمنها، كونهما يشتركان حدوديا بمئات الكيلومترات.
وذكر الصحفي اليمني أن "أي تصعيد من هذا
النوع هو تعبير بطريقة واضحة عن مساع إماراتية لتجاوز التقاسم الضمني للنفوذ بينها
وبين المملكة في اليمن".
"توجيهات إماراتية"
أما الكاتب والمحلل السياسي، محمد مصطفى العمراني، فيرى أن هذا التصعيد يدل على تخبط قيادات المجلس الانتقالي، وارتباكها، وفشلها، وخضوعها لتوجيهات وأجندة الإمارات التي تعمل منذ سنوات على عرقلة الشرعية، وخلق
المصاعب والتحديات تجاهها، وتحويل مناطق الجنوب والشرق إلى ساحة للصراعات والعنف
والفوضى.
ويضيف العمراني لـ"
عربي21"
أن المجلس الانتقالي "يريد نقل الفوضى والعنف إلى وادي حضرموت، واستهداف الأمن والاستقرار بالوادي.. فحيثما تواجد وجد العنف والفوضى".
واعتبر أن هذه التصريحات ما هي إلا "للتهديد
والاستهلاك الإعلامي"، مؤكدا أن قوات المنطقة العسكرية الأولى بوادي حضرموت
لن تسمح بالعبث بأمن واستقرار هذه المنطقة.
ولم يستبعد الكاتب اليمني أن القوات الحكومية التي
هددها المجلس المدعوم من أبوظبي، ستواجه أي محاولات لإحداث عنف وفوضى بكل حزم.
وأشار إلى أن منطقة حضرموت الوادي تنتشر فيها
قوات أمنية أخرى إلى جانب الجيش، حيث تم تشكيل قوات "نخبة" من أبناء
المنطقة ذاتها، وتعمل بدعم مباشر من القيادة الشرعية والتحالف، فضلا عن التنسيق مع
قوات الجيش لتعزيز الأمن والاستقرار بمناطق الوادي، وفق خطة انتشار جديدة ومدروسة
وفاعلة.