الحادث البشع الذي راح ضحيته مصلون آمنون في المسجدين في نيوزيلندا، وذاك القاتل المتطرف، الذي أفرغ نيرانه بدم بارد دونما رحمة ولا شفقة غير مبال بتوسلاتهم، بل أمعن أكثر في القتل.. هذا الحادث يدعونا للتساؤل: ما الذي دفع هذا الرجل إلى هذه الدموية والبشاعة في السلوك والفعل؟
يتكشف لنا أن عجلة العنف الدموي بدأت تزداد وبشدة، وأعتقد دون تشاؤم؛ أنها ستستمر لفترة ليست بالقليلة، مع أننا يجب ألا نتجاهل ما يقدمه بعض القادة في
الغرب، الذي يدل على مستوى عال من المسؤولية الوطنية، كما أنه يدل على قيم أفرزتها النظم
الديمقراطية لحماية حقوق الإنسان. ويجب ألا نغفل هنا أيضا الحملات الشعبية التي تسود الغرب تضامنا مع الضحايا وشجبا للقاتلين.
من جانب آخر، أنا أؤمن بأن توقف العنف لن يتم إلا بمبادرات حقيقية وفتح باب المصالحة من كل الأطراف. لقد بدأت الحكومات الغربية والشعوب بالإفصاح عن مشاعرها الإنسانية بحماية بيوت ومساجد المصلين، لذا أتطلع بمزيد من الأمل؛ إلى أن نرى المسلمين يبادرون بالطريق نفسه.
طبعا أعتقد أن هناك مشكلة وتخوفا من ازدياد العنف المضاد، بصعود كبير للحكومات اليمينية المتطرفة.
أتمنى وأحلم وأطمح، أن تُدافع الشعوب عن كياناتها ووجودها، باعتناق قيم التراحم والتسامح والعفو، ونبذ ردود الفعل العنيفة؛ لأن ذلك يوسع دائرة العنف، ويزيد الخطر على كل الأطراف، وإلا ستسيل دماء كثيرة، وتتضرر مصالح الناس، وقد تصبح أيادينا كلها ملوثة بالدماء، كما القاتل تماما.