هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في مقالي الأسبوع الماضي على موقع "عربي21" كتبت أبين استخدامات الجيلاتين، ودخوله في أغذية وأدوية كثيرة، وأن أغلب الاستخدامات تكون لجيلاتين البقر والخنزير، وذكرت الرأي الفقهي في جيلاتين الخنزير، وأن أبحاثا ونقاشات جرت حوله، وبينت أنه يتعرض لعملية تعرف في الفقه الإسلامي بـ "الاستحالة"، وقد اختلف الفقهاء في "الاستحالة" هل يصير استخدامه حلالا أم لا؟ وذكرت مرجحا الرأي الذي يجيز، وذكرت ملخصا لأدلته، وذكرت من أجاز ذلك بالاسم والمرجع والصفحة، ما بين هيئات وعلماء كبار لا يشق لهم غبار.
إلا أنني رأيت بعض نقاشات وحوارات، منها ما هو علمي، ومنها ما لا يمت للعلم بصلة، بل لا يمت لأدب النقاش أصلا بصلة، لا من قريب ولا من بعيد. وبعيدا عن التهويل والتجاوز الذي مارسه البعض، أرى أن هناك عدة وقفات مهمة، ينبغي أن أنبه إليها، أراها ذات أهمية في الموضوع، وفي النقاش الفقهي والفكري بوجه عام.
اقرأ أيضا: جيلاتين الخنزير حلال أم حرام؟!
أولا؛ إن الرأي الذي ذكرته هو رأي علمي فقهي، يستند لكلام مختصين في الكيمياء، ثم لفطاحل الفقه الإسلامي قديما وحديثا، وهو في النهاية اختيار فقهي، لا يلزم أحدا، إلا من يقتنع به، وفي الخلاف الفقهي لا يحق لمن يقتنع به أن ينكر على من أفتى به، بل له أن يناقش ويرجح ما يلوح له من رأي، شريطة عدم إلزام الناس بما قال، أو إنكاره عليهم ما تبنوه.
ثانيا؛ من يجيز جيلاتين الخنزير الذي يتعرض لعملية تحول كيميائي، واستحالة فقهية، من المؤكد أنهم ليسوا أصحاب مصلحة دنيوية في هذا الموضوع، فليس لدى أحدهم مزرعة خنازير ويصدر الجيلاتين، وليسوا شركاء في مصنع يقوم بذلك، ولا يمكن أن يتهم أحد بهذا الأمر، فالأمر يدور في دائرة الفقه والفتوى، سواء صح الرأي أم لم يصح.
ثالثا؛ رأيت بعض من ناقشوا الموضوع من رواد الفيسبوك، وهم ليسوا متخصصين، أنهم أخذوا الفكرة وبنوا رأيهم على كلمة (الخنزير) فما دام فيه خنزير فهو بلا شك حرام، ولماذا النقاش أصلا، وهل نناقش في الخنزير؟ وهذا كلام لا يمت للعلم والفقه بصلة، لأن الخمر أصلها عنب، وبعض أنواع الخل أصلها خمر وتخللت، فهل نحكم بأن الخمر هي عنب فهي حلال لأن الاسم عنب؟ وهل نحكم بأن الخل حرام لأن أصله خمر، هذا جهل كبير بالشرع، وينبغي لمن يتعرض لمثل هذه المسائل أن يكون وقافا عندها، لا يتجاوز حدود من يطلب العلم، ولا يتوهم أنه صار فقيها.
لا يوجد فقيه يتناول مسألة أو فتوى أو بحثا، ويدعي امتلاك الحقيقة الكاملة، وأن رأيه الحق الذي لا حق غيره