هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فتحت حقبة زعيم الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي، الطريق على مصراعيه، أمام تعيين آلاف ضباط الجيش المتقاعدين في الوزارات والهيئات الحكومية والشركات المملوكة للدولة والخاصة، ومنحهم رواتب إضافية، وذلك مقابل ولائهم للنظام، وفق تأكيد مصادر مطلعة لـ"عربي21".
وقالت المصادر ذاتها إن "توظيف
اللواءات المحالين للمعاش وصل للمتقاعدين عام 2008، ما يعني أن جميع دفعات التقاعد
منذ ذلك التاريخ إلى اليوم تم تعيينهم في آلاف الوظائف، والتمتع بأجور كبيرة، إلى
جانب معاشاتهم الشهرية، والمزايا التي يحصلون عليها كالتأمين الطبي وفرص الحج
والعمرة وغيرها".
وبحسب المصادر فإن "بعض الضباط
الكبار المتقاعدين لا يرغبون في العمل في مناطق بعيدة عن محل سكنهم بعد بلوغهم سن
المعاش، إلا إذا كانت أمامهم فرصة للعمل كمحافظين أو رؤساء مجلس مدينة، أو مديرين
في بعض الوزارات المختلفة، أو إدارات الشركات الكبرى".
اقرأ أيضا: مصر تشتري الأسلحة من إسرائيل.. هذه أبرز المخاطر
ويمتلك الجيش ثلاثة كيانات عسكرية
تعمل في المجالين العسكري والمدني، هي وزارة الإنتاج الحربي ولديها 20 مصنعا،
والهيئة العربية للتصنيع، ولديها 12 مصنعا، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية ويدير 13
مصنعا، وفق مواقع الهيئات العسكرية على الإنترنت.
وتملك هذه الهيئات، التي يعمل بها
آلاف الضباط واللواءات المتقاعدين، شركات ومصانع تعمل في العديد من المجالات،
كتصنيع الإلكترونيات، والأجهزة المنزلية، والسيارات، واللحوم والدواجن، والأسماك،
والمواد الغذائية والطرق والإسمنت، والمقاولات، والسكك الحديد، وقطاع التعدين،
والاستصلاح الزراعي وغيرها.
قطاعات عسكرية
ورصد مراسل "عربي21" تحول
بعض الوزارات والمحافظات والإدارات إلى أشبه بالقطاعات العسكرية، حيث يشتغل فيها
عدد كبير من اللواءات مناصب تنفيذية مثل وزارات النقل، والصحة والمالية، والتعليم،
والبيئة، وغيرها من الوزارات والهيئات الحكومية وغير الحكومية.
في 15 آب/ أغسطس 2107، كتب موقع الأهرام
الحكومي، خبرا بعنوان "تعيين 3 لواءات بمناصب قيادية في شركات ومشروعات
حكومية، عقب خروجهم على المعاش بكفر الشيخ، أحدهم تم تعيينه مديرا لمشروع مواقف
سيارات الأجرة بالمحافظة".
وفي أيار/ مايو 2016، ذكر موقع
التحرير الإلكتروني الموالي للنظام أن "قطاع النقل به 100 جنرال يتقاضون 50
مليونا (..)، ومرتبات باقي الموظفين 8 ملايين".
وذكرت الصحيفة أن "القيادات
العسكرية بدأت خلال الفترة الماضية في تعيين أقاربهم وأصدقائهم في القطاعات
والهيئات والشركات التي يترأسون مجالس إداراتها، وكأن المناصب والوظائف في مصر
باتت تركة تورث من فئة لأخرى، ومن جيل إلى آخر داخل الطائفة الواحدة".
تمكين العسكر
وفي حزيران/ يونيو 2016، أصدر السيسي قرارا بزيادة مدة معاشات لواءات القوات المسلحة من سنتين إلى أربع سنوات.
وفي آب/ أغسطس 2018، أدى 19 لواء
اليمين الدستورية كمحافظين من أصل 27 محافظا، واحتفظ خمسة لواءات وقتها بمناصبهم،
هم محافظو شمال سيناء وجنوبها، وقنا، والبحر الأحمر، وبورسعيد، والوادي الجديد،
وهو أكبر عدد للواءات في صفوف المحافظين منذ عقود طويلة.
وفي آذار/ مارس 2017 أصدر وزير الصحة
والسكان السابق، أحمد عماد الدين راضي، قرارا بتعيين ثلاثة لواءات في مناصب
قيادية، هم اللواء أحمد زغلول مساعدًا لوزير الصحة للاتصال السياسي والشؤون
الأمنية، واللواء أحمد بليغ الحديدي رئيسا للإدارة المركزية للشئون الإدارية
لديوان عام الوزارة، واللواء سيد الشاهد مساعد الوزير للشؤون المالية والإدارية.
ويوجد عشرات العسكريين يشغلون وظائف
قيادية في وزارات خدمية وتنموية وتدير مشروعات بمليارات الجنيهات مثل وزارة
الإسكان التي يرأس الجهاز المركزي للتعمير فيها، اللواء، محمود نصار، الذي عينه
رئيس الحكومة في كانون الثاني/ يناير 2019 بقرار وزاري.
اقرأ أيضا: تقرير: السيسي يسير على خطى مبارك الفاشلة اقتصاديا.. كيف؟
وفي عام 2015 كان يهيمن على وزارة التربية والتعليم 6 لواءات، على الرغم من أنها وزارة أبعد ما يكون عن اهتمامات العسكر، الأول، رئيس قطاع شؤون مكتب الوزير، الثاني رئيس قطاع الأمانة العامة، الثالث رئيس قطاع الكتب، الرابع رئيس الإدارة المركزية للأمن، الخامس مدير هيئة الأبنية التعليمية، والأخير مستشار الوزير لتنمية الموارد.
وفي آب/ أغسطس 2018، استعان وزير
التربية والتعليم الفني طارق شوقي، بلواءين من إحدى الجهات الأمنية، لشغل منصبي
مدير الإدارة المركزية للأمن ومدير مكتب الوزير.
كما حظي اللواءات في البرلمان المصري
خلال عام 2015 بـ71 مقعدا على الأقل، حين حاز على مقاعد الفردي 27 عسكريا في
الأولى، و32 عسكريا بالمرحلة الثانية، وعلى القائمة فاز 12 عسكريا ضمن قائمة
"في حب مصر".
الصراع على الكعكة
وفي 15 نيسان/ أبريل 2015، نشر مركز
كارنيغي للشرق الأوسط، ورقة بحثية بعنوان، "القوات المسلحة المصرية وتجديد
الامبراطورية الاقتصادية".
ذكر فيها أن "القوات المسلحة
المصرية أصبحت المُشرِف والمُراقِب الأول على الاقتصاد المصري، من خلال حماية
الأصول الاستراتيجية لشركائها الاستثماريين الأساسيين".
وفي نهاية المقال حذر كاتب المقال
شانا مارشال من أن "الانقسامات في الجيش يمكن أن تطفو إلى السطح. ما قد يتسبّب بتصاعد نفوذ حلفاء الجيش الجدد بانشقاقات كانت مغمورة، في سياق صراع الأجنحة للحصول
على حصة في الحقل الاقتصادي والسياسي الجديد".
معادلة فاشلة
ورأى السياسي المصري نزار محمود
غراب، أن توسع النظام المصري "في تعيين اللواءات بعد المعاش هو سياسة قديمة
وليست جديدة، ولكن زادت وتيرتها بشكل أسرع".
وأضاف غراب لـ"عربي21" أن
"الدولة البوليسية تحكم عبر أدوات ومنظومة، وضمن هذه المنظومة إحكام القبضة
والسيطرة عبر الموالين وأفضلهم العسكريين"، معتبرا إياه بأنه "مؤشر على
ضعف النظام واعتماد على معادلة الأمن أساس الحكم، وهي معادلة لا تحقق الأمان في ظل
سحق معادلة العدل أساس الملك"، وفق قوله.