هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتب البريطاني المعروف روبرت فيسك، يقول فيه إن الديمقراطية المصرية ماتت أمس (يوم الاثنين) في قفص السجن مع مرسي.
ويعلق فيسك في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا: "بالنسبة لي، عندما تموت في سجن الديكتاتور، حتى لو لم تكن رئيسا منتخبا، فقد قتلت، وكانت وفاة مرسي متوقعة وفظيعة، لكنها في رأيي حالة قتل".
ويقول الكاتب: "لا يهم إن كانت الضحية وضعت في زنزانة انفرادية، أو حرمت من العناية الطبية، ولا يهم الاتهامات المثيرة للسخرية أو ظلم المحكمة، وإن كانت الأحكام التي أصدرتها مخجلة، فمن يموت في سجن الديكتاتور هو قتيل في النهاية، حتى لو لم يكن أول رئيس مصري منتخب، فالسجين الذي يعيش في تلك الظروف ينتظر الموت حتى تفتح له الأبواب التي لم تكن أبدا لتفتح أمام الرئيس المصري محمد مرسي".
ويضيف فيسك: "أستخدم لقبه الرسمي لأن رئيسا أطاح به انقلاب عسكري لا يزال الرئيس المنتخب، تماما كما يطلق على الرجل الذي أطاح به الرئيس عبد الفتاح السيسي، فالأول يعبر عن الشرف، أما الثاني فهو يمثل الواقع".
ويشير الكاتب إلى أن "مرسي فاز بنسبة تعدت الـ 50% في الجولة الثانية من الانتخابات، أما السيسي فقد فاز العام الماضي بنسبة 97%، ومن هنا فإن النسب تتحدث عن نفسها، فالنسبة الأولى تمثل الديمقراطية، أما الثانية فتعبر فقط عن ما يمكن وصفه بصبيانية مصر".
ويجد فيسك أنه "بهذا المعنى فإن الديمقراطية المصرية قد ماتت في قفص السجن في القاهرة، ولهذا السبب كان دفن مرسي سريعا وسريا".
ويرى الكاتب أن "مرسي لم يكن شخصية رومانسية، فحكمه، الذي لم يستمر سوى 12 شهرا، كان فوضويا وأصيب بالغرور، وبقيت حركة الإخوان بعيدة عن الثورة التي أطاحت بمبارك حتى تأكدت من نهايته".
ويستدرك فيسك قائلا إن "الرمزية مهمة عندما يموت آخر رئيس منتخب لبلد أمام قضاته في قفص مخصص للمجرمين، وحرم، بحسب نجله، من إقامة جنازة عامة".
ويعلق الكاتب قائلا: "ربما تخيلنا الرد على طلب العائلة: مرسي كان يحاكم بالسجن مدى الحياة للتخابر مع حركة حماس. مع أن إحدى مهامه الرئاسية هي تنظيم وقف إطلاق النار بين حركة حماس في غزة وإسرائيل، التي واصل خلفه ممارستها بإخلاص، وهي أمر ليس مهما، ولن يحاكم المارشال الرئيس السيسي بتهمة التجسس؛ لأن سياساته العسكرية تقتضي توفير أمن الحدود الجنوبية لإسرائيل".
ويقول فيسك: "يمكن للمرء أن يتخيل رد فعل القضاة في المحكمة الأخيرة لمرسي عندما انهار الرئيس الذي انتخب عام 2012 على الأرض، في وقت كانوا يحضرون لتقديمه إلى حبل المشنقة، لكنه ذهب للقاء خالقه قبل الموعد المحدد، ما يثير أسئلة عن طبيعة تلك العقول القضائية".
ويتساءل الكاتب: "لكن هل فوجئوا بهذه النهاية؟ فلطالما احتجت عائلة مرسي على الإهمال الطبي الذي يعاني منه، وفعلت منظمات حقوق الإنسان الأمر ذاته، وعانى مرسي من حبس انفرادي لمدة 23 ساعة في اليوم، إلا أن الصحافة العالمية وساسة العالم تجاهلوا هذه الاحتجاجات، فقد كان مرسي رجل الأمس ومحاكماته المتكررة صارت مملة، ومن المدهش أنه استطاع الحديث لخمس دقائق إلى القضاة قبل أن يغادرهم للأبد وقيودهم القضائية عليه".
ويلفت فيسك إلى أن "عائلة الرئيس لم تزره سوى ثلاث مرات طوال الست سنوات الماضية، ولم يسمح له بالاتصال مع محاميه، أو حتى مع الطبيب، وهو ما يدل على أن وفاته كانت منتظرة من سجانيه وقضاته والرجل الأوحد في مصر الذي لا يمكن لأحد معارضته".
ويفيد الكاتب بأن "السيسي حاول منذ وقت طويل الخلط بين جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة ومن يهاجمون الكنائس القبطية والمسيحيين، فلو حملت حركة حماس والإخوان المسلمين وتنظيم الدولة مسؤولية انتفاضة الإسلاميين في سيناء والجرائم في القاهرة، فهل نتوقع ذرة من الندم بين زملاء السيسي عندما وصل خبر وفاة الرجل البالغ من العمر 67 عاما والمصاب بالسكري، الذي وفرت وفاته على الحكومة تكاليف الجلاد والشنق؟".
ويختم فيسك مقاله بالقول: "بالطبع لم تكن هناك جنازة عامة، فأن تستخدم كلمة (إرهابي) لوصف الإخوان المسلمين شيء، لكن إطلاق الوصف ذاته على كل رجل وامرأة سيقتلون في جنازة إرهابيين أمر آخر".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)