هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تشهد مصر حملة موسعة من التبرعات لمشفى حكومي كبير متخصص في علاج الأورام السطانية إثر واقعة تفجير أضرت بإحدى مبانيه القريبة من كورنيش النيل وأودت بحياة 22 مصريا وأصابت 47، ليلة الأحد الماضي.
وتبرع عدد من رجال الأعمال المصريين، ولاعب كرة شهير، ومسؤول عربي كبير، لإعادة بناء ما تهدم من المعهد "المعهد القومي للأورام" التابع لـ"قصر العيني"، والذي يستقبل يوميا نحو 272 مريضا بالسرطان.
ووسط تساؤلات حول مصير تلك الأموال التي تشير تقديراتها الأولية لجمع نحو 200 مليون جنيه مصري، تتواصل حملات مطالبة المصريين بالتبرع، والتي يتزعمها صحفيون وإعلاميون منهم عمرو أديب، الذي أعلن عبر برنامجه "الحكاية"، تبرع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد بمبلغ 50 مليون جنيه مصري.
وبعد جدل حول حقيقة تبرع لاعب منتخب مصر و"ليفربول" الإنجليزي محمد صلاح، للمعهد القومي للأورام، أكد رئيس جامعة القاهرة الدكتور عثمان الخشت، الثلاثاء، تبرع صلاح، بثلاثة ملايين دولار -نحو 52 مليون جنيه مصري-.
اقرأ أيضا: حملة "باطل" تحمل السيسي مسؤولية تفجير "معهد الأورام"
وأشارت مواقع مصرية لتبرع رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى بـ 10 مليون جنيه، وجمعية الأورمان 10 ملايين جنيه، ومجموعة "الجارحي" بـ3 ملايين جنيه، و"الشرقية للدخان" بـ3 ملايين جنيه، ورجل الأعمال محمد أبو العينين تبرع بالسيراميك لترميم المعهد، ورجلي الأعمال أحمد أبوهشيمة ونجيب ساويرس مليون جنيه لكل منهما. وعلق رئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي على تبرعات المصريين والعرب للمعهد، معتبرا أنها تعني تكاتفا ضد الإرهاب.
— Abdelfattah Elsisi (@AlsisiOfficial) August 5, 2019
وحول صرف تلك الأموال قال رئيس جامعة القاهرة بتصريحات تليفزيونية، أنه سوف نوجهها لزيادة الطاقة الاستيعابية لمعهد الأورام بنسة 30 بالمئة عبر تأهيل المبنى الجنوبى للمعهد ليم افتتاحه في 2020، موضحا أن خسائر الواقعة حوالي 100 مليون جنيه، وأن معهد الأورام، يستقبل 272 مريضا يوميا.
وتأتي أهمية تلك التبرعات في ظل ضعف مخصصات الصحة بموازنة الدولة والتي تبلغ 73 مليار جنيه لسنة 2019/2020، وفي وقت تتزايد فيه نسب مرضى الأورام فى مصر لنحو 300 مريض لكل 100 ألف نسمة، فيما لم تحقق مصر جهدا ملموسا بهذا المرض.
ويوجد في مصر "المعهد القومي للأورام"، ومستشفى السرطان "57357"، بالقاهرة وفي الصعيد، ومستشفى "سرطان الأطفال"، و"مستشفى الأورمان لعلاج الأورام" و14 قسما لعلاج الأورام بالمستشفيات الجامعية، و12 مركزا لعلاج الأورام بوزارة الصحة، وغيرها عشرات المستشفيات لعلاج الأورام السرطانية في مصر.
ووسط شكاوى أهالي المرضى حول تجاهل وإهمال الدولة لمرضى السرطان؛ تعتمد معظم تلك المستشفيات على بند التبرعات لها من المواطنين، عبر حملات إعلانية بشهر رمضان وخلال المناسبات الدينية. وزاد من تعاطف المصريين؛ انتشار صور مؤلمة بعد إخلاء المعهد إثر التفجير لأمهات بالشارع يحملن أبناءهن المصابين بالأورام، وسط حديث عن رفض مستشفى خاصة لعلاج الأورام استقبال تلك الحالات.
ما أقسى هذه الصورة. #معهد_الاورام pic.twitter.com/uYVwzp6y5Z
— ضحى الزهيري (@Dohaalzohairy) August 5, 2019
ولكن متابعين ونشطاء شككوا في مصير تلك التبرعات مذكرين بتبرع حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، بـ160 مليون جنيه للمعهد في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، وهو ما نشرته صحيفة "الأخبار" الحكومية على لسان رئيس جامعة القاهرة، دون أن يعرف أحد مصير تلك التبرعات.
أحد الأطباء المهتمين بملف الصحة في مصر الدكتور محمود فؤاد، أكد أن حجم التبرعات التي وصلت لمعهد الأورام تكفي لإعادة دور المؤسسة الهامة بهذا المجال.
وفي تعليقه لـ"عربي21"، على مخاوف البعض ألا توجه تلك التبرعات لمكانها، قال إن "التشكيك في أي حملات تبرع أمر معهود، ولكن بحالة معهد الأورام فإن العمل بدأ بالفعل"، مشيرا إلى أنه "من حق أي مصري التقدم للجهات المسؤولة وطلب التحقيق في مصير التبرعات إن كان لديه ما يثبت إهدارها".
ويرى المدير التنفيذي للمركز المصري لحماية الحق فى الدواء، أن أزمة السرطان في مصر، يمكن حلها جذريا عبر الوقاية بـ"إدخال صرف صحي سليم في 4500 قرية مصرية ومد خطوط مياه نظيفة لها"، مضيفا: "مع وضع حد للملوثات الصناعية، ونوع التغذية لأنها مسؤولة عن 30 بالمئة من مسببات الأورام".
وجزم فؤاد، بضرورة أن تصل مصر لمرحلة اعتبار علاج الأورام عملا قوميا تتبناه الدولة، مشددا: "أولا على الحاجة لمعرفة أرقام المرضى وعمل خطط لمواجهة المرض وغلق أبواب العدوي".
اقرأ أيضا: سياسيون يشككون برواية الداخلية عن حادث معهد الأورام بمصر
من جانبه قال السياسي المصري مجدي حمدان موسى: "بالطبع لنا أن نتساءل عن التبرعات التي وصلت المعهد القومي للأورام وحول مدى توجيه تلك التبرعات لمكانها الصحيح". وفي حديثه لـ"عربي21"، أشار إلى أن مبلغ التبرعات وصل حتى اليوم نحو 150 مليون جنية وهو رقم معرض للزيادة"، مؤكدا على ضرورة معرفة "ماهية أوجه صرف تلك المبالغ؛ وخاصة أن الدولة أعلنت تكفلها بإعادة المعهد لوضعه".
وفي توقعاته لمصير تلك التبرعات بعد ما أثير عن تبرع حاكم الشارقة بـ160 مليون جنيه في عام 2017، لم يعرف أين تم صرفها، قال نائب رئيس حزب الجبهة، "أتمنى، -ولا أعتقد- أن توزع الزيادة من التبرعات إلى منشأت صحية في أمس الاحاجة إلى الصرف مثل مستشفي (أبوالريش) للأطفال التي تأن من قلة الموارد".
وحول تبرعات كبار رجال الأعمال المصريين لمعهد الأورام يعتقد موسى، أنها "في النهاية تبرع يخصم من الوعاء الضريبي، وكل شخص له مطلق الحرية فيما يتبرع به، وإذا كنا نعيب علي البعض التبرع بمبالغ زهيدة بالنسبة لثرواتهم"، متسائلا: "أين مذيعو التوك شو أصحاب الدخول بالملايين من تلك الحالة؟".
وأكد أنه بكل الأحوال فإن مؤسسات العلاج بالدولة لا تقوم على التبرعات والأصل هي موازنة الدولة، مضيفا:"ولا ننسى أن الدستور نص على زيادة سنوية للصحة بحسب الدخل القومي للدولة".