صحيفة: هذه تداعيات التقارب الأمريكي القطري على دول الخليج

نشرت صحيفة "كريسشان ساينس مونيتور" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن تداعيات تقرّب دونالد ترامب الأخير من قطر، الذي يمثل نقطة تحول كبيرة لإدارته التي لم تكف منذ توليه الرئاسة عن اتهام الدوحة بتمويل الإرهاب.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا التحول يكشف تقلص نفوذ خصوم قط، أي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في البيت الأبيض، الأمر الذي يمكن أن يغير موازين القوى في العالم العربي ويفتح الباب أمام عودة تعددية الأطراف في الخليج. وفي سنة 2017، عندما فرضت السعودية والإمارات حصارًا على قطر أجبر عشرة من حلفائها على قطع العلاقات مع الدوحة، دعم الرئيس الأمريكي هذه الخطوة.

وذكرت الصحيفة أنه خلال مؤتمر صحفي عُقد في شهر حزيران/ يونيو من سنة 2017 في حديقة البيت الأبيض، تحدث ترامب عن الدور الذي تلعبه دولة قطر في تمويل الإرهاب. لكن بعد ذلك بسنتين، استقبل ترامب الأمير القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في البيت الأبيض، ووصفه "بالصديق القديم" وأبرما صفقات أسلحة بمليارات الدولارات.

وأشارت الصحيفة إلى أن الدوحة أبرمت صفقات بعشرات المليارات من الدولارات مع أكبر الشركات الأمريكية مثل رايثيون وبوينج وشيفرون. كما تعهدت قطر بزيادة استثماراتها في الشركات الأمريكية بمقدار 15 مليار دولار خلال السنتين المقبلتين. وقد وافق الشيخ آل ثاني على توسيع قاعدة العديد الجوية الأمريكية نزولا عند طلب واشنطن، وذلك بغية احتواء التهديد الإيراني.

اقرأ أيضا: ترامب خلال استقباله أمير قطر: شرف عظيم لي العمل مع صديق

وأوردت الصحيفة أن كل هذه الصفقات من المحتمل أن تساهم في إحراز قطر تقدما كبيرا على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وفي هذا السياق، أفاد المحاضر في الدراسات الأمنية في كلية كينغز في لندن، أندرياس كريغ، بأن "القطريين فهموا أن ترامب رئيسٌ يهوى إجراء المعاملات التجارية، أو بالأحرى أنت بحاجة إلى ضخ الأموال إلى البلاد لكسب تأييده".

وأوضحت الصحيفة أن المراقبين أكدوا أن الرياض وأبو ظبي تعلمتا درسًا آخر صعبًا في الاستثمار مع ترامب لتحقيق أهدافهما الإقليمية، يتمثل في أن المؤسسات الأمريكية لا تزال تلعب دورا مهما في توجيه السياسات في الولايات المتحدة. فقد فشلت كلا الدولتين الخليجيتين في تقييم مقدار تأثير البنتاغون ووزارة الخارجية والكونغرس والمستشارين على القرارات السياسية وصياغتها.

ونوهت الصحيفة إلى أن الحصار المفروض على قطر، والذي اعتبرته الرياض وأبو ظبي أمرا مهما في دحر الإرهاب ومواجهة إيران، لم يؤد إلا إلى إثارة انقسامات داخل الخليج والعالم العربي ككل، مما قوّض جهود واشنطن الرامية لاحتواء التهديد الإيراني.

وحسب الزميل الباحث في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس في هيوستن، كريستيان أولريخسن، فإن "الإدارة الأمريكية فقدت صبرها من الحصار الذي أضر بمصالح الولايات المتحدة في احتواء إيران، مما دفعها إلى توجيه اللوم إلى السعوديين والإماراتيين".

وأكدت الصحيفة أن المصادر المقربة من الرياض صرحت بأن "المملكة العربية السعودية تشعر "بالخيانة" بعد الاستثمار في إدارة ترامب وتسييس العلاقات التي تربطها بالولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت متجذرة في السابق في صلب العلاقات القوية التي تكونها مع كلا الحزبين في الكونغرس. فضلا عن ذلك، هناك شعور متزايد في الرياض بأن الإدارة المقبلة التي ستخلف إدارة ترامب سواء في سنة 2020 أو 2024، ستكون أكثر عدوانية تجاهها، وينطبق الأمر ذاته على الكونغرس.

اقرأ أيضا: اجتماع بين أمير قطر وبومبيو بواشنطن تناول هذه الملفات

وتجدر الإشارة إلى أنه "في أعقاب عودة الولايات المتحدة إلى قطر، أضحت تعددية الأطراف في الخليج مرة أخرى حقيقة واقعة"، على حد تعبير بعض الدبلوماسيين الغربيين والعرب. وبسبب الشعور بالعزلة المتزايدة، تعمل كل من الرياض وأبو ظبي، بناءً على طلب واشنطن، مرة أخرى مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، بخلاف حليفتيها البحرين والكويت، على قضايا الأمن والطاقة.

وفي الختام، أفادت الصحيفة بأن المغرب والأردن أعادا ربط علاقاتهما مع قطر بصفة علنية دون خوف من العقاب السعودي، فضلا عن أن الكثير من الدول العربية أضحت أكثر حرية في اتباع سياسات مستقلة تخدم مصالحها الوطنية.