هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
على الرغم من خسارتها محافظة عدن، تمكنت القوات الحكومية اليمنية من إحكام سيطرتها على محافظة شبوة، الغنية بالنفط جنوب شرق البلاد، بعد معارك عنيفة مع القوات الانفصالية المدعومة من الإمارات.
ومنيت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بانتكاسة؛ إثر فشلها في اقتحام مدينة عتق مركز شبوة، حيث صدتها قوات الجيش، وشنت هجوما مضادا سيطرت فيه على مديريات ومدن المحافظة.
وعلى عكس ما حدث في عدن، توالت المواقف اليمنية والسعودية، المحذرة من تمادي القوات الانفصالية المدعومة من الإمارات في جنوب اليمن، بعد سيطرته على العاصمة المؤقتة.
وكان رئيس الوزراء اليمني، معين عبد الملك، زار عتق رفقة عدد من المسؤولين، وتفقد القوات الحكومية هناك، وعقد عبد الملك اجتماعا بمحافظ شبوة محمد صالح بن عديو، بحضور وزراء ومسؤولين وقادة عسكريين يمنيين وضباط سعوديين.
وقال وزير الداخلية أحمد الميسري، الذي شارك في الزيارة، إن وجودهم في عتق يهدف للاطلاع على سير المعارك التي تخوضها قوات الشرعية ضد ما سماها مليشيات المجلس الانتقالي.
اقرأ أيضا: الجيش اليمني يستعيد منشآت نفطية بشبوة ويعلن وقف إطلاق النار
وتثار التساؤلات حول التباين في المواقف السعودية والحكومية اليمنية في عدن وشبوة، وقدرة الأخيرة في إعادة السيطرة سريعا على المحافظة النفطية، وفشلها في بسط سيطرتها في العاصمة المؤقتة.
في السياق ذاته، أوضح الكاتب المختص بالشأن اليمني، عادل دشيلة، أن السلطات المحلية الموجودة في شبوة كانت مسيطرة على المحافظة، وهناك جيش يمني يؤمن بالدولة اليمنية.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن طبيعة أبناء شبوة ينفرون المليشيات المناطقية القادمة من إقليم عدن، وذلك على العكس هناك، حيث كان وجود الدولة فيها بشكل صوري، بينما القوات الانفصالية المدعومة من الإمارات هي التي كانت المتحكمة بالمشهد في العاصمة المؤقتة.
وأشار إلى أن القوات اليمنية الشرعية موجودة بقوة في شبوة، بخلاف عدن، ما أدى لهزيمة المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا هناك، علاوة على ذلك، تعلم الحكومة اليمنية أنه لو تم السيطرة على شبوة فمعنى ذلك انتهاء الشرعية. لذلك، تحركت بسرعة.
وحول الموقف السعودي في شبوة، أوضح الكاتب اليمني أن المحافظة قريبة من وادي حضرموت ومن الحدود السعودية، وفي حال السيطرة على شبوة من قبل القوات الانفصالية، فإن الأمن القومي للسعودية سيكون مهددا بطريقة مباشرة، ولذلك سارعت الرياض لدعم حكومة اليمن من أجل السيطرة على شبوة.
ولفت إلى البيان المشترك لوزارتي الخارجية السعودية والإماراتية، بأنه كان واضحا بالحفاظ على أمن ووحدة الأراضي اليمنية.
اقرأ أيضا: الجيش الوطني يتقدم بشبوة وتراجع كبير لقوات مدعومة إماراتيا
وأوضح أنه من غير المقبول أن تبقى القوات الانفصالية في عدن، متوقعا أن يتغير المشهد تماما، وستتهيأ الظروف لعودة الشرعية اليمنية إلى عدن، وقد تنسحب الإمارات من المشهد كليا؛ "لأنها أصبحت مرفوضة من قبل الجميع، والسعودية تريد أن تخرج الإمارات بماء الوجه".
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، خالد الأنسي، إن تحرك الحكومة اليمنية في شبوة، وقدرتها على حسم المعركة بهذه السرعة، تدل على أن القيود التي كانت مفروضة عليها من السعودية رفعت.
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن الحكومة اليمنية حين تتمكن من المواجهة، فإنها تحسم المعركة لصالحها، لافتا إلى أن القوة الإماراتية في شبوة لم تتدخل كما حدث في عدن، ما أثر لرجوح الكفة لصالح القوات الحكومية اليمنية.
ورأى الأنسي، أن سقوط عدن سببه الرئيسي يكمن في ضعف الحكومة اليمنية الشرعية، بسبب القيود والضغوط السعودية والغربية عليها، مشددا على أنه لو سمح لها بالحرية، مع تمكينها عسكريا وماديا، فإنها قادرة على تحرير كافة المناطق اليمنية، سواء من الإمارات وأذرعها أو جماعة الحوثي.
واستطرد بأن "الشرعية اليمنية تقاوم على ضوء إمكانياتها، في ظل التحديات التي تواجهها، وهي تعرف أن معركتها ليست سهلة؛ لأنها لا تواجه فقط مليشيات وانقلابات داخلية، بل أطماع إقليمية ودولية وأجندات متعددة".
اقرأ أيضا: ما الأهمية الاستراتيجية لشبوة اليمنية؟.. مختصون يجيبون
ونوه إلى أن الحكومة اليمنية لن تقبل بالواقع الجديد في عدن بعد الانقلاب؛ لأنها إن قبلت، فذلك لن يكون تفريطا بالوحدة اليمنية فقط، بل بشرعيتها، ولن يكون لها أي معنى بعد ذلك، وإن أقرت بالتعامل مع انقلاب عدن، فسيكون ذلك ذريعة لجماعة الحوثي بأن تحظى بالمزايا ذاتها.
من جهته، أشار الكاتب والمحلل السياسي محمد جميح إلى أن "سلوك المجلس الانتقالي كان يبدو أنه جهز للمعركة في عدن منذ وقت مبكر، للتخلص من وجود الحكومة الشرعية في عدن".
وأوضح جميح في حديثه لـ"عربي21" أن "قوات الحزام الأمني في عدن أقوى من قوات الحماية الرئاسية تسليحا وتدريبا وتموينا، ولذا استطاع المجلس الانتقالي السيطرة عليها بسهولة".
وأضاف أن "التحالف لم يكن يرغب في استمرار المعركة بعدن، فترك الأمور ليحسمها الانتقالي، الذي اغتر بالنصر الحاسم والسريع في المدينة، وبدأ بنقل المعركة إلى أبين وشبوة، رغم قبوله بطلب التحالف الانسحاب من المنطاق التي سيطر عليها في عدن"، مبينا أنه "استمر في التمدد قبل أن تنكسر محاولاته في السيطرة على شبوة".
وذكر جميح أن ذلك يعود لأسباب عدة، "في مقدمتها الطبيعة القبلية لمحافظة شبوة، وعدم وجود حاضنة شعبية للانتقالي هناك، وكذا لاستفزازات المجلس للسعودية، بتصريحات نائب رئيسه هاني بن بريك".
وأكد أنه "ليس من صالح الحكومة الشرعية ولا السعودية أن تسيطر جماعة خارجة على الشرعية مثل المجلس الانتقالي على محافظة نفطية مثل شبوة، خاصة وأنها قريبة من الحدود السعودية، ومجاورة لحضرموت"، لافتا إلى أن "السيطرة على شبوة إن تمت لكانت الخطوة القادمة حضرموت، وهو ما يعني تمكن الانتقالي من السيطرة على منابع النفط شرق البلاد".
ونوه إلى أن السعودية حاضرة في شبوة بشكل ربما كان أكثر من حضورها في عدن، نظرا لنوع من تقسيم المهام بينها وبين الإمارات التي رتبت الأوضاع في عدن منذ البداية، وكان حضورها هناك لافتا في إطار التحالف.