هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعلنت الحكومة المصرية رفع أسعار كافة خدمات الإسعاف غير الطارئة بنسب كبيرة بلغت خمسة أضعاف، تزامنا مع فرض رسوم جديدة مقابل الإبلاغ في أقسام الشرطة عن المفقودات.
ويقول مراقبون إن هذه القرارات تأتي استكمالا لسلسلة طويلة من القرارات المشابهة في السنوات الأخيرة، حيث تم رفع جميع الرسوم على المعاملات الحكومية في مرات متتالية لعدة أضعاف، في إطار سعى النظام لزيادة إيرادات الدولة بأي شكل ومن أي مصدر.
ادفع لتبلغ عن مفقوداتك
وأقرت وزارة الداخلية يوم الخميس الماضي، نموذجا جديدا لمذكرة الفقد التي تحرر داخل أقسام الشرطة، يتم بيعها للمواطنين بمبلغ 25 جنيها، بعد أن كان تمنح لهم مجانا.
وقالت الداخلية، في بيان لها، إنها اتخذت هذا القرار لمنع إساءة استعمال مذكرات الفقد، مشيرة إلى أن الوزارة استحدثت مذكرة موحدة بمواصفات تأمينية تمنع إهدار حجتها وتمنع إساءة استعمالها.
وأوضحت أن المذكرة الجديدة لها حجة قانونية وسيتم استخدامها بين الجهات الحكومية والشرطية المختلفة، وأنه تم توزيع النموذج الجديد في جميع مديريات الأمن والأقسام المختلفة.
الإسعاف ترفع الأسعار
وقبل ذلك بيومين، أعلنت وزارة الصحة تعديل اللائحة الخاصة بأسعار خدمات الإسعاف غير الطارئة التي بدأ العمل بها عام 2008، ومن بينها التعاقدات وتأمين الفعاليات المختلفة ونقل الحالات المرضية بأجر، وساعات الانتظار مع الحالات المرضية وخدمات المصاحبة وإيجار أسطوانات الأكسجين للجمهور.
ومن أبرز الخدمات التي تم رفع أسعارها تأمين المنافسات الرياضية لأندية الدرجة الأولى التي وصلت تكلفتها إلى 1500 جنيه لمدة 3 ساعات، مع زيادة 500 جنيه عن كل ساعة إضافية، وتأمين ومتابعة الوفود مقابل 7500 جنيه، وتوفير سيارات الإسعاف لتأمين الحفلات الجماهيرية مقابل 25 ألف جنيه، على أن يتم تحديد عدد السيارات المشاركة وفقا للدراسة الإسعافية، وبالتنسيق مع الجهات الأمنية.
اقرأ أيضا: بهذه الطريقة ينفذ نظام السيسي مخطط عسكرة التعليم بمصر
أما نقل الحالات المرضية غير الطارئة بين المحافظات فهو مقابل 5 جنيهات لكل كيلومتر وبحد أقصى 5 آلاف جنيه، ويتم احتساب ساعة الانتظار بمبلغ 100 جنيه كما يتم احتساب قيمة خدمة المصاحبة داخل المدينة بمبلغ 500 جنيه.
وتم رفع قيمة خدمة إيجار أسطوانات الأكسجين للجمهور ليصبح سعر التأمين 2700 جنيه، وغرامة 50 جنيها عن كل يوم تأخير بعد اليوم العاشر.
الوضع غير محتمل
وتعليقا على هذا القرار قال أحمد السيد (محاسب)، إنه من غير المنطقي تحصيل أموال من مواطن يريد الإبلاغ عن فقد متعلقاته الشخصية، وأضاف لـ"عربي21"، أن الشرطة تستفيد من المواطن الواقع في مشكلة بدلا من مساعدته.
من جانبها قالت مها صابر، وهي ربة منزل: "الأمر أصبح غير محتمل، خدمات الشرطة والإسعاف يجب أن تكون مجانية ومتاحة لكل المواطنين الفقراء قبل الأغنياء، وأكدت لـ"عربي21"، أن هناك مواطنين لا يمكنهم دفع 25 جنيها مقابل الإبلاغ عن فقد متعلقاته الشخصية، وبالتالي فإنهم سيمتنعون عن الذهاب لقسم الشرطة".
أما عماد حجازي فقال لـ"عربي21" إن هيئة الإسعاف هي في كل دول العالم جهة هدفها إنقاذ الأرواح في الحالات الطارئة، وليس من المعقول أن تتحول إلى كيان هادف للربح مثل الشركة أو الهيئات التي تبيع خدماتها للمواطنين.
"اللي مش معاه فلوس يموت"
وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، أظهر العديد من النشطاء غضبهم من لائحة الأسعار الجديدة لخدمات الإسعاف، وانتقدوا النظام الذي يقوم برفع الرسوم والضرائب عليهم باستمرار منذ وصول السيسي للسلطة قبل خمس سنوات.
وقال نادر فرجاني: "الآن لو أصاب مواطنا طارئٌ، واستدعيت له الإسعاف لنقله إلى المستشفى، وهي في جميع بلدان العالم خدمة مجانية، فرضت الحكومة على المواطن دفعا كبيرا ربما مئات الجنيهات. ولا تنسوا الرسوم والتكاليف المفروضة على الوفاة والدفن، لا قدر الله".
أما رشا صالح فقالت: "حتى الاسعاف؟ يعني اللي لا قدر الله يحصله حاجة مش هيقدر يدفع لعربية الاسعاف ولا يدفع للمستشفى، للدرجة دي البني آدم بقى رخيص؟".
وكتب محفوظ عبد الحليم: "طول عمر الإسعاف خدمة مجانية، حتى حكم مصر رجل شعاره مفيش حاجة ببلاش، حتدفع يعني حتدفع".
أما مصطفى محمد فقال: "اللي بيحصل ده صعب ومستفز جدا، هل ده بيحصل في أي دولة تانية في العالم ولا هنا في مصر بس؟".
عبد الله حسن قال: "يا جماعة اللي مش معاه فلوس يموت عشان مبقاش في دعم لا نفسي ولا مادي".
رفض برلماني
ولم يتوقف الغضب من رفع أسعار الإسعاف عند مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما وصل إلى البرلمان الذي أعلن بعض نوابه رفضهم لتك القرارات.
اقرأ أيضا: هل يسعى الجيش للسيطرة على بيزنس الصيدليات في مصر؟
وفي هذا السياق تقدمت النائبة دينا عبد العزيز، بطلب إحاطة إلى رئيس الوزراء ووزير الصحة بشأن رفع رسوم انتظار سيارات الإسعاف للضعف من 50 جنيها إلى 100 جنيه عن الساعة الواحدة، مضيفة في بيان صحفي اليوم السبت، أن القرار يمثل عبئا ماديا على المرضى ومحدودي الدخل، خاصة من أصحاب الأمراض المزمنة كالفشل الكلوي.
وطالبت النائبة الحكومة بضرورة مراجعة القرار، مع مراعاة أسعار استخدام سيارات الإسعاف بشكل فوري.
"لا بد من رفعها"
وعقب حالة الغضب التي انتابت كثيرا من المصريين على هذا القرار أوضح رئيس هيئة الإسعاف الدكتور محمد جاد إن أسعار خدمات الإسعاف لم تتغير منذ عشر سنوات وكان لا بد من تعديلها نظرا لارتفاع أسعار السيارات وقيمة التشغيل والصيانة والوقود.
وأوضح جاد، في تصريحات تلفزيونية يوم السبت، أن الزيادة الأخيرة لم تغط التكلفة الحقيقية لقيمة تشغيل السيارة فى الشهر، لافتا إلى أن الخدمات الطارئة ما زالت تقدم مجانا مثل خدمات نقل الحالات الطارئة والأطفال المبتسرين وجميع الحالات المرضية بين المستشفيات الحكومية.
وأشار إلى أن هيئة الإسعاف ستراعي الحالات غير القادرة على سداد قيمة الخدمات غير الطارئة، مثل الحالات المزمنة للغسيل الكلوي وجلسات الأورام حيث ستمنح خصما من الأسعار بنسبة 50%.
زيادات لا تتوقف
يشار إلى أنه خلال السنوات الخمس الماضية، لم تتوقف الحكومة عن رفع جميع الرسوم والجمارك والضرائب على كل المعاملات والخدمات والسلع التي تقدمها الدولة.
وفي نهاية العام الماضي أقر البرلمان قانون زيادات الرسوم، الذي تضمن زيادات كبيرة على رسوم إصدار جواز السفر بلغت أربع أضعاف، حيث تم رفعه من 54 إلى 200 جنيه، وتم فرض رسوم بواقع 10 جنيهات على كل فاتورة هاتف محمول شهريا".
ورفعت الحكومة رسوم استخراج أي وثائق رسمية من الحكومة، بالإضافة إلى أسعار الكهرباء والمياه والغاز وغيرها من الخدمات الحكومية.
وتوقع وكيل لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب النائب ياسر عمر، أن ترتفع إيرادات الحكومة المصرية بنحو 10 مليارات جنيه سنويا، بعد إقرار قانون زيادات الرسوم، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات تخاطب الفئات القادرة فقط، وتستهدف مساعدة الدولة في سد عجز الموازنة.