هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
جاءت الإشارة الخضراء التي أطلقها رئيس
الانقلاب عبدالفتاح السيسي لنواب البرلمان المصري لمراقبة أداء حكومته عبر أروقة مجلس
النواب الخميس الماضي لأول مرة، لتثير التساؤلات حول أهدافه من هذا التوجه.
متابعون قللوا من قيمة دعوة السيسي لاستخدام
الأدوات الرقابية ضد وزراء حكومته، كونها تأتي قبل 4 أشهر فقط من انتهاء عمر البرلمان
الحالي الذي تسيطر عليه أغلبية مؤيدة للنظام، ولأنها تأتي بعد نحو 4 سنوات ونصف قام
فيها البرلمان بإقرار مئات القوانين، دون توجيه أية انتقادات أو استجوابات للحكومة.
واعترف الإعلامي المقرب من النظام عمرو
أديب، بأن مجلس النواب لم يقدم استجوابا واحدا أو استدعاء لأي وزير أو طلبا للتحقيق
معه خلال 5 سنوات، مؤكدا أن هذا لم يحدث بأي برلمان في العالم، وأنه يجب محاسبة الحكومة.
وفي الوقت الذي أكد رئيس مجلس النواب علي
عبدالعال استعداده مناقشة أي استجواب، استجاب على الفور النواب لنداء السيسي، وتقدموا
بعدد من الاستجوابات للوزراء.
وحسب صحف مصرية محلية، أعلن رئيس لجنة
الصناعة فرج عامر عن أول استجواب له ضد وزير الري، بدعوى تنصله من تحمل مسؤولية نقص
المياه، تاركا السيسي، يواجه الأزمة منفردا.
وتقدم النائب عبد المنعم العليمي باستجواب
لوزير المالية بشأن عدم التزام بعض الجهات بتطبيق الحد الأقصى للأجور، وعدم تفعيل قرار
السيسي بتطبيق زيادة الحد الأدنى للأجور.
وتستجوب النائبة شيرين فراج وزير الإسكان
بشأن إهدار المال العام وشبهات الفساد.
وتقدم النائب محمد فؤاد باستجواب للحكومة،
مؤكدا أن رسالة السيسي، صريحة حول دور النواب وضرورة تصديهم لكل أمر محل تشكك، وتشكيل
لجان وعمل تقارير، وإعلانها للمواطنين.
"وفق الإطار المرسوم"
وفي تعليقه، يقول البرلماني السابق عز
الكومي لـ"عربي21"، إن "برلمانا يترأسه علي عبدالعال، معروف من البداية
أنه اختيار جهاز المخابرات المصرية؛ ولذلك لا يستطيع نائب من هؤلاء أن يخرج عن الإطار
المرسوم له".
رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى السابق،
أشار إلى ما حدث بحق بعض النواب الذين أرادوا الخروج عن الإطار المرسوم لهم، مثل النائب
محمد أنور السادات الذي كانت عقوبته هي الطرد من البرلمان، إلى جانب شد أذن النائب
هيثم الحريري، "عبر تسجيلات مسربة له".
وأكد الكومي أن "هذا البرلمان كما
رأى المصريون قام بالبصم على ما قدم له من قوانين واتفاقيات، مع التطبيل والتصفيق للنظام
فقط"، معلنا أسفه لأنه "مارس كل أنواع العهر البرلماني، إلا ممارسة الرقابة
على أعمال الحكومة".
وأضاف: "لقد سقطت أعمال الرقابة عمدا
من جدول أعمال البرلمان؛ ورأينا عبدالعال بآخر دور انعقاد يبشرنا بإصلاحات سياسية ومعارضة
للنظام، وقيام (النائبان) مصطفى بكري ومحمود بدر بدور المعارضة".
ويعتقد النائب السابق أن هناك محاولة لخداع
الشعب، مشيرا لإعلان المتحدث باسم البرلمان النائب صلاح حسب الله، أنه "انتهى
دور الطبطبة على الحكومة والآن سنقوم بالطبطبة على الشعب".
وتابع: "لا أستبعد قيام الجهات
الأمنية التي جاءت بهذا البرلمان الفاشل بتوزيع استجوابات وطلبات إحاطة، تمت كتابتها
بمكتب رئيس المخابرات العامة عباس كامل، من باب ذر الرماد بالعيون".
رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى المصري
السابق، ختم حديثه بالقول إن النواب سيحاولون تقديم أنفسهم مجددا، خاصة أن الأمن الوطني
بدأ باختيار أعضاء البرلمان"، متوقعا أن يكون هناك "سباقا محموما بين الأعضاء
لتقديم استجوبات منزوعة الدسم، لا تسمن ولا تغني من جوع".
"أجبرته تلك الأحداث"
وقال البرلماني المصري الدكتور محمد عماد
صابر، إن "تاريخ سيطرة الحكم العسكري على توازنات القوى للسلطة التشريعية قديم"،
مضيفا أن "الحديث عن سيطرة المخابرات على مؤسسات الحكم وليس السلطة التشريعية
وحدها أمر معلوم".
عضو لجنة العلاقات الخارجية ببرلمان
2012، أكد لـ"عربي21"، أن "أداء برلمان السيسي ظهرت ملامح غبائه الذي
عبر عنه بقوله: (أنا مش سياسي)".
وأضاف أنه "مع حملة محمد علي وفضحه
للسيسي وتوالي أحداث موت المصريين صعقا بسبب المطر ثم الموت عمدا -شهيد القطار- وغيرهما؛
دعت تلك العوامل السيسي مجبرا للعودة لسياسة تحرك البرلمان للتنفيس عن ضغوط الغضب،
ولا مانع من التضحية ببعض المسؤولين لتجميل صورة نظامه الفاشل المستبد".
وقال صابر: "لهذا المجلس دور بارز
بدعم قبضة الانقلاب على الحياة السياسية والإعلامية والأمنية والاقتصادية، بسلسلة قوانين
وتشريعات؛ مرتكبا العديد من الخطايا بحق المصريين، وتاركا دوره التشريعي والرقابي بيد
النظام".
وتساءل البرلماني المصري: "لماذا
طالب السيسي النواب الآن بتفعيل دور المجلس واستخدام أدواته الرقابية ضد الحكومة؟ ولماذا
فتح بابا أغلقه من العام 2014؟".
ويرى صابر أن له أهدافا منها الإطاحة بوزير
النقل كامل الوزير، متوقعا أن يكون "الاستجواب القادم من نصيبه، لتهدئة الرأي
العام بعد حادثة شهيد تذكرة القطار".
وأضاف أن "تخفيف الاحتقان المتصاعد
عقب فيديوهات المقاول محمد علي عن فساد الجيش إحدى الأهداف، بتوجيه النقد للحكومة والوزراء
بدلا من السيسي، على طريقة حسني مبارك الذي سمح بانتقاد رئيس الحكومة والوزراء دون
المساس بالرئيس ومؤسسة الرئاسة، وهي اللعبة القديمة بانتقاد الحكومة وتنزيه الرئيس".
ويعتقد عضو لجنة العلاقات الخارجية ببرلمان
2012 أن "هناك أوامر أمريكية أعقبت تظاهرات 20 أيلول/سبتمبر، لفتح متنفس محدود للحفاظ
على النظام الذي يخدم الأمريكان"، مشيرا لاستضافة الإعلامي المقرب من النظام عمرو
أديب الدكتور محمد غنيم، والإفراج عن عدد من معتقلي التظاهرات الأخيرة.