هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه إزاء اعتداء قوات التدخل التابعة للشرطة والدرك أول أمس الأحد على عشرات القضاة الذين تجمعوا داخل محكمة جنايات وهران لمنع الافتتاح الرسمي للدورة الجنائية وتعيين القضاة الجدد في إطار حركة نقل ضخمة كان قد أقرها وزير العدل بلقاسم زغماتي في 24 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، عادّاً الحادثة تصعيداً خطيراً وسابقة هي الأولى من نوعها ضد السلطة القضائية في الجزائر.
وقال "الأورومتوسطي"، الذي يتخذ من جنيف مقراً له في بيان صحفي له اليوم أرسل نسخة منه لـ "عربي21": "إن وزير العدل زغماتي كان قد رخّص للمجالس القضائية باستدعاء القوة العمومية إذا لزم الأمر، أثناء تنصيب القضاة الجدد ممن وافقوا على حركة النقل، الأمر الذي يفضح هيمنة الجهاز التنفيذي على أجهزة السلطة الأخرى في الجزائر".
وأشار المرصد إلى أن قرار زغماتي بإجراء حركة تنقلات واسعة في سلك القضاء، شمل نحو 3000 قاضياً، الأمر الذي رفضته نقابة القضاة، معلنةً بذلك إضراباً مفتوحاً منذ 27 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي للمطالبة باستقلالية القضاء، ورداً على ما أسموه "تعدي السلطة التنفيذية على السلطة القضائية".
ولفت المرصد إلى أن هذا الإضراب يعد سابقة في السلك القضائي بالجزائر، إذ يطالب القضاة بـ"تجميد حركة النقل السنوية وإعادة دراستها بصورة قانونية وموضوعية من قبل المجلس الأعلى للقضاء، وتلبية مطالبهم المهنية والاجتماعية"، متهمين وزارة العدل في البلاد بتسخير القوة العمومية لقمع وضرب القضاة.
إقرأ أيضا: مكافحة الشغب في الجزائر تقتحم مجلس قضاء وهران (شاهد)
وأكد الأورومتوسطي أن القضاة سبق وأن عرضوا مطالبهم المهنية والاجتماعية يومي 26 حزيران (يونيو) و21 أيلول (سبتمبر) الماضيين، غير أن مطالبهم لم تلقَ أيَّ اهتمام، مبدياً تخوفه من تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، والذي من شأنه أن يوجه ضربة قاصمة للديمقراطية الناشئة في البلاد عقب استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في نيسان (أبريل) الماضي.
وبحسب نقابة قضاة الجزائر فقد بلغت نسبة الاستجابة لإضراب القضاة حوالي 98%، حيث اتهمت النقابة السلطات الحاكمة في البلاد باستخدام أساليب بوليسية ضد القضاة، مؤكدةً على أن الإضراب سيظل قائماً حتى استقالة وزير العدل.
وقال المستشار القانوني لدى المرصد الأورومتوسطي طارق اللواء: "إنّ الدستور الجزائري لسنة 1996 والمتضمن التعديل الدستوري لعام 2016 يكفل الفصل بين السلطات واستقلال العدالة والحماية القانونيّة، ورقابة عمل السّلطات العموميّة في مجتمع تسوده الشّرعيّة، ويتحقّق فيه تفتّح الإنسان بكلّ أبعاده".
وأضاف اللواء: "أنّ المادة 15 من الباب الثالث بالدستور الجزائري نصت على أن تقوم الدولة على مبادئ التنظيم الديمقراطي والفصل بين السلطات والعدالة الاجتماعية، موضحاً في الوقت ذاته أن وجود قضاء مستقل يشكل من جانبه دعامة متينة للممارسة الديمقراطية وترسيخ المساواة أمام القانون".
وأوضح المستشار القانوني أن المادة 156 من الدستور نصت على أن "السلطة القضائية مستقلة، وتُمارس في إطار القانون"، الأمر الذي يؤكد أن الدستور حرص على تكريس مبدأ استقلالية القضاء وحياده، في مواجهة السلطات الأخرى، من خلال النص في صلبه على هذا المبدأ والارتقاء به إلى مستوى سمو النصوص الدستورية، بغرض عدم المساس به.
وفي سياق ذلك حث المرصد الأورومتوسطي السلطات الحاكمة على احترام "المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية، التي اعتُمدت ونُشرت على الملأ بموجب قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 40/32 المؤرخ في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1985 و40/ 146 المؤرخ في 13 كانون الأول (ديسمبر)، والميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي اعتُمد من قبل القمة العربية السادسة عشرة التي استضافتها تونس، في 23 أيار (مايو) 2004، عند تعاملها مع السلطة القضائية.
وطالب المرصد الأورومتوسطي في ختام بيانه السلطات الحاكمة بتقديم اعتذار علني للقضاة المُعتَدى عليهم، وفتح تحقيق جدّي مع العناصر المعتدية بمن فيهم القادة المسؤولون عن ذلك وإحالتهم للتأديب والمحاكمة حسب الاقتضاء، والتصدي لتجاوزات وزارة العدل ومنعها من التدخل في صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء الذي يمثل هرم استقلالية السلطة القضائية في الجزائر.
إقرأ أيضا: "العدل" الجزائرية تفتح تحقيقا بأحداث مجلس قضاء وهران