هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نفى مسؤولون في "المجلس التركماني السوري" المعارض، مزاعم قوات سوريا الديمقراطية "قسد" حول قيام تركيا بإنشاء حزام تركماني في منطقة تل أبيض بريف الرقة الشمالي "منطقة عمليات نبع السلام".
وكان المتحدث الإعلامي باسم "قسد" مصطفى بالي، قد اتهم قبل أيام، تركيا باستقدام عائلات تركمانية إلى منطقة تل أبيض، بهدف إحداث تغيير ديموغرافي.
من جانبه، رفض رئيس "المجلس التركماني السوري"، الدكتور محمد وجيه جمعة، في حديث خاص لـ"عربي21" هذه الاتهامات، مؤكدا أن المكون التركماني لم ينخرط يوما في تنفيذ أجندة غير وطنية.
وتسلط "عربي21" في هذا التقرير، اعتمادا على مصادر متنوعة، الضوء على المكون التركماني السوري، من حيث الانتشار، والموقف من الثورة السورية، والعلاقة مع المعارضة السورية وتركيا.
التركمان في سوريا
وقسمت دراسة صادرة عن "مركز حرمون للدراسات" بعنوان "تركمان سوريا.. تحالفاتهم ودورهم سياسيا وعسكريا"، المكون التركماني السوري إلى قسمين: الأول تركمان القرى، وهم خليط عشائر تركمانية، تعود إلى قبائل الأوغوز، والثاني تركمان المدن، وهم الذين تعود جذورهم إلى العائلات التركية التي وجدت في سوريا زمن حكم السلاجقة والمماليك والعثمانيين.
وحول العدد الإجمالي للمكون التركماني السوري، أكدت الدراسة التي اطلعت عليها "عربي21"، أنه لا توجد إحصائية دقيقة لعددهم، مشيرة إلى أن عددهم التقريبي يتراوح ما بين 3 و3.5 مليون.
وعن مناطق انتشارهم، أوضحت أن التركمان يتوزعون في غالبية المدن السورية (حلب، دمشق، حماة، الجولان، حمص، اللاذقية) وأريافها، مبينة أن قسما منهم من سكان حلب وريفها، والساحل السوري، حافظوا على لغتهم الأصلية (التركية)، في حين نسي القسم الأكبر منهم من سكان المناطق الأخرى لغتهم الأصلية، واندمجوا في المجتمعات المحيطة بهم.
وأوضح موقع "تركيا بوست"، أن التركمان يتواجدون بكثافة في الشمال، وفي محافظة حلب يرتكزون في مناطق منبج والباب وجرابلس والراعي (جوبان باي) وأعزاز، كما أنه يوجد في محافظة حلب 145 قرية تركمانية شمال المحافظة.
ويتواجد في محافظة الرقة وتل أبيض حوالي 20 قرية تركمانية، وفي محافظة حمص وريفها يوجد حوالي 57 قرية تركمانية، وفي اللاذقية يتواجد 70 قرية، وفي محافظة حماة حوالي 30 قرية تركمانية، بجانب تواجدهم في طرطوس والجولان وإدلب ودمشق.
نزوح ما بعد الثورة
انحاز القسم الأكبر من تركمان سوريا إلى الثورة السورية، فور اندلاعها، ما أدى فيما بعد إلى تعرضهم إلى النزوح، شأنهم شأن السوريين الذين عارضوا نظام الأسد.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس المجلس التركماني السوري، محمد وجيه جمعة، أن التركمان في العديد من المناطق السورية كانوا عرضة لجريمة التطهير العرقي من قبل النظام السوري، من جنوب سوريا، إلى ريف دمشق، مرورا بأرياف حماة وحمص، وصولا إلى جبل التركمان في الساحل السوري.
وأدى ذلك، وفق جمعة إلى تركز التركمان في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة (ريف حلب الشمالي والشرقي، وتل أبيض بريف الرقة الشمالي)، وفي تركيا كلاجئين.
ويحظى التركمان بحضور كبير في الشمال السوري، وتحديداً في منطقة عمليات "درع الفرات"، اجتماعيا وعسكريا.
مع الثورة عسكريا وسياسيا
ويرجع أكثر من مصدر سوري وقوف غالبية التركمان إلى جانب الثورة السورية، إلى قربهم من الموقف التركي الداعم للثورة، غير أن جمعة يرفض ذلك، ويقول "لم يسجل تاريخياً أن وقف التركمان ضد المجتمعات المحلية التي عاشوا معها، ومواقفهم دائما منحازة إلى القضايا العادلة، والثورة السورية قضية عادلة بامتياز"، ويستدرك بقوله "عانى التركمان كما غيرهم من المكونات السورية من ظلم وفساد النظام السوري".
وعن مشاركة التركمان في الثورة على المستويين السياسي والعسكري، يؤكد رئيس المكتب السياسي في "المجلس التركماني السوري"، سمير العلو في حديث لـ"عربي21"، أن التركمان من المشاركين في تأسيس المجلس الوطني، ومن ثم الائتلاف الوطني، وكذلك في الهيئة العليا للتفاوض، وفي لجنة الدستور السورية.
عسكريا، يؤكد العلو أن ليس للتركمان فصيل عسكري خاص، مرجعا ذلك إلى تواجد المقاتلين التركمان في كل فصائل المعارضة العسكرية المتواجدة على الأرض.
ويستدرك "البعض يصنف بعض التشكيلات العسكرية المتواجدة في الشمال السوري، والتابعة لـ"الجيش الوطني السوري" على أنها فصائل تركمانية، وهذا ليس دقيقا".
ومتفقا مع العلو أشار جمعة، إلى وجود شخصيات قيادية عسكرية من المكون التركماني لعدد من الفصائل، وقال "نتيجة ذلك تصنف بعض الفصائل على أنها فصائل تركمانية".
وزاد بقوله "لتركمان سوريا علاقات جيدة مع المعارضة، على كافة الأصعدة السياسية، والعسكرية، وحتى المجتمعية، لأنهم جزء من النسيج الشعبي في الشمال السوري".
ومن التشكيلات التي تحسب على التركمان في الشمال السوري، لواء السلطان محمد الفاتح، وفرقة السلطان مراد، والفرقة الساحلية الثانية في ريف اللاذقية.
ثوابت التركمان الوطنية
وحددت الدراسة الصادرة عن "مركز حرمون للدراسات" حول التركمان في سوريا ثوابت هذا المكون السياسية والعسكرية بالتالي:
- إسقاط النظام السوري، وبناء دولة مدنية تعددية ديمقراطية، قائمة على أساس المواطنة.
- التأكيد على وحدة الأراضي السورية، ورفض مشروعات الفيدرالية والتقسيم.
-الاعتراف الدستوري بالقومية، وبحقوقهم الثقافية والاجتماعية، وبأنهم جزء ومكون أصيل من مكونات الشعب السوري.
- ضرورة محاربة تنظيم الدولة، والمليشيات الانفصالية الكردية، وإخراج المليشيات الأجنبية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.
- تأكيد مبدأ العدالة الانتقالية، والمحاسبة، واحترام حقوق الإنسان.
المجلس التركماني السوري
وفي وقت سابق من العام الماضي، أعلن المجلس التركماني السوري، عن نقل مقره من تركيا إلى شمال حلب الخاضع لسيطرة المعارضة، وذلك في إطار توجه مؤسسات المعارضة السورية (الحكومة المؤقتة، الائتلاف) لنقل مقراتها إلى الداخل.
وتأسس المجلس في كانون الثاني/ديسمبر 2012، في مدينة إسطنبول، من ائتلاف أحزاب وتيارات سياسية عدة تركمانية، وبدعم تركي واضح، عبر عنه الحضور الرسمي من جانب الأخيرة في مؤتمر التأسيس.
ويعرّف رئيس المجلس، محمد وجيه جمعة المجلس بأنه مظلة سياسية ممثلة لتركمان سوريا في المحافل السياسية، ويشكل جزءا من منظومة العمل السياسي الثوري المعارض.
وعن أهداف المجلس، يوضح أن المجلس يولي أهمية خاصة للدفاع عن حقوق التركمان ضمن المعادلة الوطنية السورية، موضحا بقوله "الدفاع عن التركمان بما لا يتعارض البتة مع وحدة سوريا، وبما يؤدي إلى الوصول إلى حكم ديمقراطي بعيد كل البعد عن الديكتاتورية".
ويردف أن "التركمان يعملون من أجل سوريا كلها، البلد الذي نعتبره وطننا الأبدي، والذي قدمنا في سبيل تحريره المئات من الشهداء".
العلاقة مع تركيا
وحول علاقة التركمان مع تركيا، يقول رئيس المجلس السياسي في "المجلس السوري التركماني" سمير العلو، إن "علاقتنا بتركيا لا تتمايز عن علاقة الشعب السوري بكل مكوناته"، ويضيف "منذ بداية الثورة السورية والموقف الحكومي الرسمي التركي واضح، أي الوقوف إلى جانب كل المكونات السورية دون تمييز".
وزاد بقوله: "احتضنت تركيا التركمان والأكراد والعرب والسريان على أراضيها كلاجئين دون التفريق على أسس قومية، وفي الشمال تقوم تركيا بتقديم الخدمات للسوريين في الداخل دون تمييز، ولا يستطيع أحد أن يميز التركمان عن غيرهم نظرا لتواجدهم واندماجهم في المجتمعات المحلية".
وختم العلو حديثه لـ"عربي21"، بالتشديد على أن "التركمان في سوريا تجاوزوا تماماُ النعرات القومية التي تسهم في التفرقة بين مكونات الشعب السوري".