خلال العقدين الماضيين، مضت العديد من دول حوض النيل في بناء سدود مائية
على روافد النهر؛ بهدف توليد الطاقة الكهربائية، مع ظهور الحاجة إلى طاقة نظيفة ورخيصة، ووجود فائض في المياه، لكن بعضها يشكل تهديدا لأمن مصر المائي كسد النهضة الإثيوبي.
وعلى غرار سد النهضة، تسعى أوغندا، إحدى دول حوض النيل، إلى بناء سد
عملاق بقيمة تصل إلى 1.4 مليار دولار؛ لزيادة إنتاج البلاد من الطاقة بواقع 40%، وفق
وثائق أظهرتها وكالة "رويتز" للأخبار.
وأوغندا هي واحدة من ست دول في حوض النيل، وقعت عام 2010 على اتفاقية
تتيح تطوير مشاريع مائية، في إطار مطالبتها بحصص أكبر، وهو ما رفضته مصر، مشددة على
ضرورة التزام دول المنبع بالمعاهدات السابقة.
وكانت أوغندا قد أعربت عن تأييدها لإنشاء إثيوبيا سد النهضة العملاق،
الذي يعد مثار خلاف بين أديس أبابا والقاهرة، لا سيما أن مصر تعتمد في جل احتياجاتها
المائية على النيل.
بعد جولة من المفاوضات جرت يومي 12 و13 شباط/ فبراير الجاري بين وزراء
الخارجية والري في مصر وإثيوبيا والسودان في واشنطن بوساطة أمريكية، توقع وزير الخارجية
المصري سامح شكري الوصول إلى اتفاق نهائي عادل حول سد النهضة يراعى مصالح مصر ويحمي
حقوقها المائية قريبا.
اتفاقيات النيل القديمة
يقول خبير المياه ومستشار وزير الري الأسبق، ضياء الدين القوصي، إن
"من حق مصر التمسك بالاتفاقيات السابقة، مثلها مثل اتفاقيات الحدود لا تتأثر بتغير
الأنظمة".
وفي تصريحات لـ"عربي21"، أكد القوصي أن أي سدود تبنى، كما
حدث في الهضبة الإثيوبية ببناء سد النهضة "تشكل تهديدا مائيا لمصر؛ نحن في آخر
المنظومة، ونأخذ ما يزيد عن حاجة كل هؤلاء، فعندما يضعوا سدودا لتقليل هذه الزيادة
سنصل للصفر".
لكنه قلل من أثر السد الأوغندي قائلا: "الإيراد القادم من هضبة
البحيرات يشكل 14% من إيراد نهر النيل الرئيسي بعد ما يتصل بالنيل الأبيض، لكن هضبة
المرتفعات الإثيوبية يبلغ إيرادها 68%، وإيراد النيل الأبيض ضعيف، ولا أظن أن السدود
التي تبنى في هذه المنطقة من الحوض لها تأثير كبير على الإيراد المصري من النيل".
الفرق بين السد الموسمي والقرني
من جهته، حذر خبير المياه والسدود محمد حافظ من بناء السدود القرنية
لا الموسمية، قائلا: "لا يوجد أي ضرر على مصر من أي سد موسمي على النيل الأبيض،
لكن أي سد قرني بحجم سد إثيوبيا يخلق مشاكل كبيرة وحقيقية".
وأوضح لـ"عربي21": "لا يوجد ضرر من السد الموسمي؛ لأن
المناطق التي يجري فيها النيل الأبيض هي مناطق مستنقعات تضيع فيها المياه، ومحاولة
تجميعها في خزان لإنشاء سد يفيد على المدى الطويل، وطالما أنه سد موسمي، فسيتم التخزين
فيه أول الموسم، ويتم تفريغه نهاية الموسم، ولن يشكل مشكلة".
واعتبر الخبير المائي أن السدود الموسمية مفيدة إذا كان الهدف منها
تقليل الفواقد وتوليد الكهرباء، قائلا: "ربما يقلل السد الأوغندي من نسبة الفواقد
التي تضيع في المستنقعات؛ لأنه سد موسمي وليس قرني، وغالبا يكون الهدف هو توليد الكهرباء
وليس الزراعة؛ لأن لديهم من الأمطار ما يكفي".
واختم القوصي حديثه بالقول: "إثيوبيا بنت سدا قرنيا وليس موسميا،
لو كانت بنت السد مثل سدي مروي ورسيرس لم يكن هناك مشكلة، لكن ما قامت به إثيوبيا هو
بناء سد قرني يحجز أكثر من حجم الفيضان السنوي للنهر، وهو يعدّ كارثة كبيرة؛ لأنه لا
يمكن بناء سدين قرنيين في وقت واحد على النهر ذاته، فالسد العالي سد قرني".
اقرأ أيضا: على غرار إثيوبيا.. أوغندا قد تنشئ سدا عملاقا على النيل