هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حريص بشكل لافت على عدم الظهور الإعلامي، تفاصيل شخصيته غير معروفة للكثيرين، فيما تبدو المعلومات المتاحة عنه شحيحة بعض الشيء، رغم أنه يعد أحد أبرز قيادات "كتائب حزب الله" في العراق.
قيادة "الحشد الشعبي" أعلنت تعيينه بمنصب رئيس الأركان إثر مقتل جمال جعفر المعروف باسم "أبو مهدي المهندس" بضربة جوية أمريكية مطلع كانون الثاني/يناير الماضي برفقة قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني.
بدأ القيادي في "الحشد" عبد العزيز المحمداوي (أبو فدك) حياته العسكرية في صفوف "منظمة بدر" في إيران عام 1983 أثناء حقبة حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، شأنه شأن أبرز قادة الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران.
انخرط فيما بعد في "مقاومة" الاحتلال الأمريكي بعد سقوط بغداد ضمن صفوف "حزب الله" العراقي وكان أحد القيادات العسكرية لـ"الحشد الشعبي" في العمليات التي عرفت بـ" التحرير" والحرب ضد "تنظيم الدولة/ داعش".
وكلف بمهام استخبارات في مناطق الأكراد لصالح "منظمة بدر" وعمل كمساعد لهادي العامري زعيم "المنظمة"، وحين رفض عام 2004 التخلي عن السلاح، شكل مجاميع خاصة لـ"مقاومة" الأمريكان مرتبطة ماليا بـ"منظمة بدر" وبالعامري شخصيا.
يشابه دور "أبو فدك" دور سلفه "المهندس" في الفترة ما بين عامي 2003 و 2011، التي عرفت بفترة مواجهة الاحتلال الأميركي للعراق. واشتهر بلقب "الخال" حين كان مسجونا في أحد سجون القوات الأميركية إبان فترة الاحتلال للعراق.
وتؤكد الأنباء التي نشرت عنه أن "الخال" ارتبط بشكل وثيق بالإيرانيين عن طريق تشكيله "كتائب حزب الله" في العراق، بدعم وتشجيع "المهندس".
وكان "أبو فدك" أول من يستقبل قاسم سليماني خلال معارك جرف الصخر في مقر إقامته، وهو مقر ضخم جدا كان يطل على سجن خاص بـ"الكتائب" كانت تجري فيه التحقيقات مع المعتقلين بإشراف المحمداوي شخصيا.
وبعد عمليات جرف الصخر انتقل المحمداوي إلى قضاء بيجي في صلاح الدين، ليستقر في منطقة المزرعة حيث قاد عمليات "الكتائب" من هناك، وهو مقرب جدا من حركة "عصائب أهل الحق" على العكس تماما من علاقته مع الفصيلين التابعين للعتبتين "الحسينية" و"العباسية" وهما "لواء علي الأكبر" و"فرقة العباس القتالية"، إضافة إلى "لواء أنصار المرجعية" وتشكيلات "فرقة الإمام علي القتالية" حيث تسود أجواء من التوتر والعداء الصريح.
وتؤكد مصادر إعلامية عراقية إن "أبو فدك" ترك قيادة "الكتائب" بعد خلافات حول ملف الصيادين القطريين الذين اختطفوا كانون الأول/ديسمبر عام 2015، قبل أن يعود إلى صفوف "الكتائب"، أثناء الاحتجاجات الأخيرة، وبتوجيه مباشر من سليماني.
وأضافت المصادر المتطابقة أنه كان مسؤولا عن جميع الحوادث التي وقعت أثناء التظاهرات الحالية، كما انتشرت لافتات كتبت تحت عنوان "الخال مر من هنا" أو "الخال" وحمل على الأقل المسؤولية عن "مجزرة السنك" و"مجزرة الخلاني"، كما كتب اسمه أيضا على جدار السفارة الأميركية ببغداد أثناء اقتحامها من قبل متظاهرين.
وبعد أن نال ثقة المرشد الإيراني الأعلى على خامنئي شخصيا عين في موقعه الجديد، فيما أشارت مصادر غير مؤكدة إلى أن الأمين العام لـ" حزب الله" اللبناني حسن نصر الله، فرض "الخال" على قادة "الحشد الشعبي".
ولقي تعيين المحمداوي الذي قتل شقيقه في قصف مقر ميليشيا "الحشد الشعبي" في مدينة القائم، ترحيب قيادات سياسية شيعية وحزبية بحكم إنه "إداري جيد" وبإمكانه قيادة "الحشد" بنفس إمكانيات "المهندس"، ولديه علاقات حسنة مع "الكرد والسنة"، بحسب عراقيين مؤيدين له.
وتؤكد أنباء صحافية عراقية أن اختيار "الخال" يعتبر استفزازا لـ"لتيار الصدري" خصوصا بعد الأنباء التي نشرت حول تورطه بعملية مهاجمة وقتل وإصابة عشرات المتظاهرين، وكذلك عمليات خطف ناشطين ومهاجمة مكاتب فضائيات ووكالات أنباء عربية وأجنبية في الأسابيع الأولى للتظاهرات في بغداد، التي تفجرت مطلع أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، وكذلك مهاجمة السفارة الأميركية في بغداد بوصفه أحد المهاجمين، والمتهمين أيضا برشقات صورايخ كاتيوشا تستهدف بين وقت وآخر مصالح أميركية بالعراق.
وتتكون قوات "الحشد الشعبي" من 70 فصيلا مسلحا، وتأسست عام 2014 بفتوى من المرجع الشيعي علي السيستاني وبأوامر من قائد "فيلق القدس" جناح "الحرس الثوري" الخارجي قاسم سليماني بدافع محاربة "داعش".
إلا أنه، وفق مراقبين، جاء تأسيسها حسب خطة إيرانية لاستنساخ "الحرس الثوري" في العراق وتشكيل جيش مواز للقوات المسلحة التي تعمل إيران على إنهاء دورها تدريجيا منذ عام 2003 عبر توسيع نفوذ الأحزاب التابعة لها داخل مؤسساتها.
وعقب انتهاء الحرب على "داعش" وخشية العقوبات الأمريكية، قرر رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي إغلاق مقراتها ودمجها في القوات المسلحة، وهو ما عده محللون استكمالا للمشروع الإيراني في إنهاء دور المنظومة العسكرية والأمنية القومية بالبلاد.
وتمكن "الحشد الشعبي" إلى جانب تسليحها من قبل "الحرس الثوري" بالأسلحة الثقيلة والصواريخ خلال الأعوام الماضية من الاستحواذ على كميات ضخمة من أسلحة الجيش العراقي الأمريكية المتطورة بمختلف أنواعها.
كما خصصت الحكومات المتعاقبة خلال الأعوام الماضية ميزانية كبيرة له من الموازنة العامة للعراق، ما جعلها أقوى من الجيش الوطني عدة وعتادا ما يمكنها من بسط سيطرتها على مجريات الأمور بالبلاد متى ما أرادت طهران.
ويرأس "الحشد الشعبي" حاليا مستشار الأمن الوطني بالعراق فالح الفياض.
تعيين المحمداوي لم يمر دون ضجيج أو اعتراض فقد رفضت الفصائل التابعة للمرجعية الشيعية ضمن "الحشد الشعبي" قرار التعيين.
وهي التي اشتكت كثيرا من "التهميش" تحت قيادة "المهندس" بسبب "ولائها للعراق" وفقا لما نسب لقادتها.
الفصائل قالت في بيان لها أن اختيار بديل "المهندس": "يحتاج لسياقات قانونية، غير متوفرة الآن في ظل حكومتين، إحداهما تصريف أعمال، والأخرى لم يكتمل تكليفها".
وأبدت تلك الفصائل نيتها الانسحاب من " الحشد الشعبي" إذا لم تعمل الحكومة على الحد من النفوذ الإيراني داخل المؤسسة التي يرأسها فالح الفياض المقرب من طهران.
وفيما لا يتوقع تطور الصراع إلى مواجهة مسلح بين الطرفين، إلا أن مراقبين يتوقعون انشقاق فصائل "المرجعية" عن " الحشد"، مستفيدة من ثقلها السياسي والديني والاجتماعي، بوصفها "ممثلة عن الفتوى الشرعية" التي أدت إلى تشكيل "الحشد". كما أنها لم تتلوث بجرائم أو انتهاكات ضد العراقيين باعتبارها "صاحبة قرار عراقي".
وفي حال مر تعيين المحمداوي فهذا سيعني دورا مباشرا أكبر لـ"لكتائب حزب الله" في قيادة "الحشد"، خاصة وإنها تعتبر على نطاق واسع أقوى الميليشيات وأكثرها تنظيما، مفضلة البقاء في الظل ولعب دورها في الخفاء حال قائدها الجديد الذي تؤكد قناة "الميادين" الفضائية أنه هو من استحدث "وحدات الهجمات الصاروخية"، وأشرف على إنتاجها محليا في العراق، وقاد الكثير من المعارك في سوريا.
اقرأ أيضا: من هو "أبو فدك" خليفة "المهندس" بقيادة أركان الحشد؟