FP: مواجهة "كورونا" تتطلب وقف الحملات الانتخابية بأمريكا

طالب تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية بوقف الحملات الانتخابية بالبلاد، واستحداث طرق جديدة للتصويت في الرئاسيات المقرر إجراؤها مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، لتفادي التسبب بكارثة، مع تزايد انتشار وباء "كورونا".

وشدد التقرير على ضرورة التعامل مع انتشار الفيروس بجدية، والتساؤل عن ما إذا كان يمكن تطبيق الديمقراطية بشكل طبيعي في مثل هذه الحالات، مؤكدا أن الجواب سيكون "محبطا".

وأضاف أنه وللمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، فإنه يجب وقف الحملات الانتخابية للاقتراع التمهيدي، ولا سيما للحزب الديمقراطي، الذي يتنافس فيه كل من جو بايدن وبيرني ساندرز على ترشيح الحزب لمواجهة دونالد ترامب، الذي حسم في المقابل ترشيحه عن الحزب الجمهوري بحكم التقاليد الأمريكية.

كما أنه شدد على ضرورة البدء بهندسة طريقة للاقتراع الرئاسي لا تتطلب التصويت الشخصي.

ولفت التقرير إلى أن ولاية كاليفورنيا، الأكثر سكانا في البلاد، شهدت إجراء الانتخابات التمهيدية في 3 آذار/ مارس الجاري، وسط كثافة في الحشد والحشد المضاد، وازدحام على مراكز التصويت، لكنها شهدت في اليوم التالي تسجيل أول وفاة جراء الإصابة بفيروس كورونا، ثم إعلان حالة الطوارئ بعمومها.

المرشحون أنفسهم "خطيرون"

وأضاف: "لكن الخطر لا يكمن بالتصويت فقط، فالديمقراطية الأمريكية مبنية على المصافحة والتقاط صور السلفي وتقبيل الأطفال والرضّع والمعانقات"، ما يجعل المرشحين أنفسهم أخطر ناقلين للأوبئة.

وظهر ذلك أيضا، بحسب التقرير، في الحشد الذي دعا إليه الرئيس دونالد ترامب نهاية شباط/ فبراير الماضي، عندما اجتمع نحو 19 ألفا من أنصاره في منتجع "غايلورد" الوطني بولاية ماريلاند، وقابل العشرات منهم بشكل شخصي، وسط مشاهد عناق وتقبيل ومصافحات، بينما هو كان يخبرهم بأن "كل شيء تحت السيطرة"، بشأن انتشار الفيروس.

لكن ما لم يكن ترامب يعلمه، هو أن "كورونا" كان هناك بالفعل، فبعد الحشد بأسبوع تأكدت إصابة أحد الحاضرين القادمين من ولاية نيوجيرزي، وأخبر مسؤول في الحزب الجمهوري صحيفة "واشنطن بوست" بأنه كان قد التقى المريض، قبل أن يصافح ترامب على المنصة.

اقرأ أيضا: إجراءات في دول ومنظمات عدة بعد إعلان كورونا وباء عالميا

ولاحقا، أعلن السيناتور الجمهوري تيد كروز فرض الحجر الطوعي على نفسه، لكنه ظهر بعد أيام في واشنطن. وقد اتخذ أربعة أعضاء جمهوريين آخرين الخطوة نفسها، للاشتباه باختلاطهم بمصابين، فيما تزيد أعمار المسؤولين بالبلاد من المخاوف، إذ إن الفيروس أكثر فتكا بكبار السن.

ويشير التقرير إلى أن انتخابات الكونغرس النصفية، عام 1918، شهدت انخفاضا حادا في الحملات الانتخابية والمشاركة في التصويت، جراء المخاوف من انتشار الحمى الإسبانية، ولم يشكك أحد بالنتائج رغم ذلك، داعيا إلى مأسسة التعامل مع مثل هذه الحالات، محذرا من مغبة التمسك بالممارسة الديمقراطية التقليدية.

ولفتت "فورين بوليسي" إلى أن ما جرى في إيران، بعد الانتخابات التشريعية، الشهر الماضي، يشكل مثالا واضحا وقريبا. فقد مضت البلاد بإجراء التصويت في 21 شباط/فبراير الماضي رغم الإعلان عن وفاتين قبل ذلك التاريخ بيومين فقط.

واليوم، تواجه إيران أزمة حقيقية، بعد وفاة العديد من المسؤولين والنواب، بل إن 10% من أعضاء البرلمان موبوؤون، بحسب التقرير.

أنصار ترامب: الرب يحمينا

في المقابل، تصر حملة ترامب حتى الآن على المضي ببرنامجها الذي يتضمن مسيرات وتجمعات، فيما يقول أنصاره من المسيحيين الإنجيليين إن الكتاب المقدس تنبأ بالوباء، وإن إيمانهم سيحميهم. كما أن بايدن وساندرز لم يعلنا حتى الآن بيانات توضح مستقبل حملتيهما الانتخابية.

وفي البيت الأبيض، لم تعلن "الخدمة السرية"، المكلفة بحماية الرئيس ونائبه وكبار المسؤولين "من أي أخطار"، عن سياسة محددة لحمايتهم من فيروس كورونا.

ويختم التقرير بالقول: "لا تستطيع الولايات المتحدة أن تحذو حذو (نظام) آية الله، بإجراء انتخابات وطنية مع تصاعد وبائها. لا تستطيع الحكومة أن تطلب من الناس أن يتجنبوا التجمعات العامة، والعمل من المنزل، والابتعاد عن المدرسة، بينما يتم عقد مسيرات وتجمعات سياسية عملاقة. يجب أن نتخلى بسرعة عن الطريقة القديمة لكسب الناخبين، وأن نبتكر طريقة جديدة تتجنب نقل العدوى. الوقت ليس في صالحنا".

تجدر الإشارة إلى أن "فورين بوليسي" نشرت تقريرها الأربعاء، قبل ساعات من إعلان منظمة الصحة العالمية اعتبار انتشار فيروس كورونا "وباء عالميا".