هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يشهد الطريق الدولي حلب-اللاذقية (M4)، دوريات تركية -روسية مشتركة، وفق ما نصت عليه بنود تفاهم "موسكو"، الذي توصل إليه الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، في 5 آذار/ مارس الجاري.
ولم تخف روسيا دعمها للنظام السوري في سبيل بسط سيطرته على الطرق الدولية المارة في إدلب، رغم الكلفة العالية للعمليات العسكرية، ما يثير تساؤلات عن الأهداف التي تتطلع موسكو إلى تحقيقها من وراء افتتاح الطرق الدولية "حلب-اللاذقية (M4)، حلب-دمشق (M5)"، والذي تهدف إليه من تسيير دوريات مشتركة مع تركيا على إحداها.
اقرأ أيضا: تسيير أول دورية تركية روسية على "M4" وفق اتفاق إدلب الأخير
أهداف مباشرة
من جانبه، لفت الصحفي محمد كساح، الموجود في إدلب، إلى أن هناك عددا من الأهداف التي ترغب روسيا بتحقيقها من وراء افتتاح الطرق الدولية، منها ما هو واضح متعلق بالاقتصاد، ومنها ما هو أبعد ذلك.
وقال إن فرض السيطرة على طريقي التجارة يجعل من الخطة التي شرعت روسيا بتنفيذها عقب تدخلها في سوريا أقرب إلى الانتهاء، موضحا أن الخطة الروسية تتمثل في السيطرة على شبكة الطرقات التي تصل بين سوريا الداخلية والشمال والساحل، وبذلك تمنح النظام منطقة جغرافية واسعة موصولة ببعضها.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "تعد السيطرة على الطريقين الدوليين، التي هي مجرد قفزة تكتيكية، أهدافا هامة، في مقدمتها تأمين مدينة حلب وقاعدة حميميم، وهي الغاية الأكبر التي تسعى لها روسيا، ولذلك تعد منطقتي جسر الشغور وريفي حلب الغربي والجنوبي أهم المواقع التي وضعها الروس نصب أعينهم".
أهمية كبيرة
من جهته، لفت الباحث بالشأن الاقتصادي السوري، يونس الكريم، إلى أهمية موقع سوريا الجغرافي، الذي يشكل صلة وصل بين بلدان منطقة الشرق الأوسط.
وقال لـ"عربي21"، إن إغلاق الطرق الدولية السورية أضر كثيرا باقتصاديات العديد من البلدان المجاورة لسوريا، وسوريا بطبيعة الحال أيضا.
وحول الحسابات الروسية، أوضح الكريم أن لطريق حلب- اللاذقية (M4)، أهمية خاصة لروسيا، لأنه يخص استثماراتها المباشرة في سوريا، وتحديدا ميناء طرطوس الذي أعلنت عن استثماره في وقت سابق.
وقال: "لا يمكن لروسيا الاستفادة من هذا الميناء على الصعيد التجاري، ما لم يتم فتح الطريق الدولية إليه، وخصوصا أن روسيا تخطط لرفع الطاقة الاستيعابية لهذا الميناء من 12 مليون طن سنويا، إلى نحو 40 مليون طن"، مضيفا أن "تحقيق ذلك يعتمد بشكل كلي على تنشيط الطريق M4".
حسابات دولية
وأوضح الكريم، أن طريق M4، يعد من أهم الطرق الحيوية في المنطقة، فهو الطريق الوحيد لتصدير المواد المنتجة والمصنعة في إيران والعراق إلى أوروبا، ما يعني أن السيطرة عليه تعطي الروس ورقة ضغط إضافية على إيران، والعراق أيضا.
وتابع: "عندما نتحدث عن العراق، فنحن نتحدث عن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، والأمر ذاته، تتطلع تركيا إلى تنشيط اقتصاد ولاياتها الجنوبية، وتخطط لعبور مليون شاحنة سنويا نحو بلدان الخليج العربي، مرورا بالأردن".
وبحسب الكريم، فإن روسيا تحاول أن تستخدم الطرق ورقة ضغط اقتصادية على تركيا أيضا.
اقرأ أيضا: سوريون يرفضون دوريات روسية على "M4".. قبل بدء تسييرها
منصة تجارية
وأكد الخبير الاقتصادي والمالي، منذر محمد، أن روسيا تتطلع لجعل سوريا عموما منصة تجارية لها في المنطقة، مبينا أن روسيا تخطط للسيطرة على تجارة النفط والغاز والقمح والفوسفات وغيرها من التجارات الاستراتيجية.
وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن روسيا ستبدأ قريبا بإنشاء مصافي النفط، ومطاحن القمح في سوريا، وهو الأمر الذي توضحه العقود التي وقعتها مع النظام على ترميم المصافي النفطية (مصفاة حمص، مصفاة بانياس)، إلى جانب ترميم 24 صومعة حبوب، وبناء العشرات كذلك.
وقال محمد إن تنفيذ كل ذلك مرتبط بفتح الطرق الدولية في عموم سوريا، وجعل الحركة التجارية سلسة بما يكفي.
حسابات متعلقة بالمساعدات الأممية
من جانب آخر، أشار كساح إلى هدف روسي، متعلق بموضوع المساعدات الدولية التي تدخل إلى سوريا، من المعابر التي تسيطر عليها المعارضة شمال سوريا.
وقال: "هناك اتفاق دولي على إدخال المساعدات العابرة للحدود، حيث تقلص عدد المعابر مؤخرا إلى معبرين، وهما معبر السلامة في أعزاز وباب الهوى في إدلب"، مضيفا: "من الواضح أن روسيا تسعى لكسب هذه المعركة المتعلقة بهذا الاتفاق لإلغائه عبر فتح طريقي التجارة وإغلاق معبر باب الهوى رسميا بعد تسوية سياسية تخص المنطقة".
وأضاف كساح، أن مدة إدخال المساعدات من المعبرين ستة أشهر، وسيكون هناك اجتماع أممي للتمديد في حزيران/ يونيو المقبل، ولذلك نشهد عمليات عسكرية وتفاهمات محمومة لاستباق الوقت، وللإعلان عن تشغيل مطار حلب الدولي يصب ضمن هذه الترتيبات، إضافة لتشغيل طريقي الترانزيت ثم إغلاق المعبر".
وأنهى بالقول: "إن غاية الروس هي فرض أمر واقع على الأوروبيين، لمنع المساعدات العابرة للحدود وحصرها فقط بالحكومة المركزية في دمشق، أي مع النظام السوري".
التحكم بإعادة الإعمار
من جانب آخر، أشار الباحث يونس الكريم، إلى تطلع روسيا من خلال فرض سيطرتها على الطرق الدولية إلى التحكم بمرحلة إعادة الإعمار في سوريا، ولم يستبعد في هذا الصدد أن تعمد روسيا إلى خصخصة الطرق الدولية في سوريا، وجعل العبور عليها مأجورا، بعد سيطرة شركات روسية عليها.
وقال: "إن إعلان روسيا سيطرة النظام على كامل مساحة سوريا، يؤذن ببدء مرحلة إعادة الإعمار، وروسيا تنتظر ذلك"، معتبرا أن "السيطرة الروسية على الطرق الدولية، يعني أنها ستكون المتحكم الأول بمرحلة إعادة الإعمار".
وقبل أيام، أكد وزير النقل التابع للنظام السوري، علي حمود، أن الوزارة جاهزة لافتتاح طريق حلب اللاذقية ووضعه في الخدمة فور دخول اتفاق موسكو حيز التنفيذ.
وقال حمود إن "كوادر المواصلات الطرقية استطاعت تجهيز طريق M4"، وقال إن وزارته "بانتظار التزام تركيا بتنفيذ الاتفاق لاستكمال تأهيل الطريق ووضعه بالخدمة".
وأضاف الوزير، أن الوزارة وعبر المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية وبالتعاون مع محافظة اللاذقية باشرت بإزالة السواتر وإزالة الأنقاض.
وحول حسابات النظام السوري، ذكر الكريم أن النظام يتطلع إلى تنشيط اقتصاده الداخلي المنهار، من خلال ربط حلب ببقية المدن السورية، وذلك في سبيل تحريك عجلة الاقتصاد والإنتاج.
وكذلك، وفقا للباحث، يعتقد النظام أن من شأن افتتاح الطرق الدولية، توجيه ضربة قاضية للمعارضة، والقول بأنه سيطر على أهم المناطق في سوريا، بانتظار استكمال سيطرته على ما تبقى منها خارج سلطته.