سياسة دولية

MEE: إسرائيل تنشر جواسيسها للتعامل مع فيروس كورونا

ميلمان قال إن الإجراءات تهدد منظومة الحكم المتهالكة في إسرائيل- جيتي
ميلمان قال إن الإجراءات تهدد منظومة الحكم المتهالكة في إسرائيل- جيتي

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقالا لكاتب إسرائيلي، تناول فيه الإجراءات الأمنية والاستخبارية التي تتعامل من خلالها إسرائيل، للحد من انتشار فيروس كورونا الذي رُصد تفشيه في البلاد.


وقال يوسي ميلمان في مقال له، إن إجراءات المراقبة التي اقترحها رئيس الحكومة المؤقتة، بنيامين نتنياهو بحجة مكافحة الوباء، تهدد منظومة الحكم المتهالكة في إسرائيل، ومن شأنها أن تقوض الحقوق الديمقراطية والحريات المدنية التي تعاني أصلاً من حالة من الوهن.


وأضاف: "في وقت متأخر من يوم الاثنين، وجه نتنياهو، الذي يقود الآن حكومة انتقالية بعد إجراء ثلاثة انتخابات خلال خمسة عشر شهراً وصلت جميعها إلى طريق مسدود، الشرطة والشين بيت، جهاز الأمن الداخلي، إلى رصد الناس الذين يُشك بإصابتهم بالفيروس".


ولفت إلى أن الخطة "تقضي بإعادة تصميم نفس التكنولوجيا التي تستخدمها الآن أجهزة الأمن، وبدرجة أقل الشرطة، في مكافحة المسلحين المتشددين والمجرمين، وذلك كسلاح ضد الوباء".

 

اقرأ أيضا: السيناريو الأسوأ لدى الاحتلال بعد تفشي كورونا.. تفاصيل مرعبة

وشدد على أن المخابرات الإسرائيلية، وعلى مدى عقد ونصف، طورت واحدة من أحدث وأعقد أدوات المراقبة لرصد النشطاء الفلسطينيين والتجسس عليهم وكذلك كل من يعتبر عدواً للدولة، ويشتمل ذلك على أجهزة الحاسوب الخاصة بالتعقب ومسح أجهزة الهاتف النقال من خلال فحص وتفقد مواقع الهوائيات والإشارات المرسلة.

 

في سياق متصل، قالت القناة 12 الإسرائيلية، إن الموساد جلب 100 ألف وحدة اختبار لفيروس كورونا، مع ارتفاع عدد الإصابات إلى 433 منها 6 حالات حرجة، بينما وضعت عشرات الآلاف في الحجر الصحي.

وأضاف: "تمكن الموساد من جلب 100 ألف وحدة اختبار للفيروس من خارج إسرائيل خلال العملية التي أدارها أثناء ساعات الفجر، في سياق عمليات سيقوم بها الموساد من أجل جلب 4 ملايين وحدة اختبار لإسرائيل".

 

وفي ما يأتي نص مقال ميلمان الذي ترجمته "عربي21":

 

تحت غطاء من وباء فيروس كورونا وما عقب ذلك من تدهور في الاستقرار السياسي في البلاد، تدفع الحكومة الإسرائيلية بزعامة بنجامين نتنياهو باتجاه استخدام إجراءات متطرفة من شأنها أن تقوض الحقوق الديمقراطية والحريات المدنية التي تعاني أصلاً من حالة من الوهن.


في وقت متأخر من يوم الاثنين، وجه نتنياهو، الذي يقود الآن حكومة انتقالية بعد إجراء ثلاثة انتخابات خلال خمسة عشر شهراً وصلت جميعها إلى طريق مسدود، الشرطة والشين بيت، جهاز الأمن الداخلي، إلى رصد الناس الذين يُشك بإصابتهم بالفيروس.


تقضي خطة رئيس الوزراء بإعادة تصميم نفس التكنولوجيا التي تستخدمها الآن أجهزة الأمن، وبدرجة أقل الشرطة، في مكافحة المسلحين المتشددين والمجرمين، وذلك كسلاح ضد الوباء.


الأخ الكبير

 
على مدى عقد ونصف، طورت المخابرات الإسرائيلية واحدة من أحدث وأعقد أدوات المراقبة لرصد النشطاء الفلسطينيين والتجسس عليهم وكذلك كل من يعتبر عدواً للدولة. ويشتمل ذلك على أجهزة الحاسوب الخاصة بالتعقب ومسح أجهزة الهاتف النقال من خلال فحص وتفقد مواقع الهوائيات والإشارات المرسلة.


وهذا بوجود كاميرات التصوير المنتشرة في كل زاوية طريق في "المدن الآمنة" (أي المدن المرصودة بكثافة) إضافة إلى نشاطات الرصد الإلكتروني عبر الإنترنت بما في ذلك من خلال غوغل وتويتر وفيسبوك ويوتيوب، فإن الناس يصبحون "مكشوفين تماماً" بل "عراة".


وباستخدام البيانات المتراكمة، يمكن للتكنولوجيا تعقب الناس واستخراج المعلومات عن تحركاتهم ومواقعهم ليس فقط عبر الإنترنت وإنما في واقع الحياة، ويمكن جلب نفس البيانات المتعلقة بنشاطاتهم وتحركاتهم على مدى أسبوعين أو ثلاثة أسابيع مضت.


وهذه التكنولوجيا التي استخدمتها إسرائيل لسنوات في الحروب وفي مطاردة المجرمين ليست شيئاً فريداً يقتصر على هذا البلد دون غيره. فهي متوفرة حول العالم من الصين إلى الولايات المتحدة ومن إيران إلى إيطاليا ومن قطر إلى المملكة العربية السعودية وروسيا، وتستخدم في كل هذه الدول بشكل مكثف وتجسد فكرة الأخ الكبير.


إلا أن إسرائيل هي البلد الأول الذي يعلن رسمياً أنه سوف يستخدم التكنولوجيا في محاولة للقضاء على فيروس كورونا.


تخطي الصفوف

 
لا أحد ينكر أهمية احتواء الفيروس والحد من انتشاره، ولعل الأمر يزداد أهمية في حالة بلدان مثل إسرائيل وإيطاليا التي اكتسب مواطنوها سمعة استحقوها عن جدارة ومفادها أنهم يتصرفون بفوضوية وينزعون نحو التهرب من الالتزام بالتعليمات.


هل هناك شيء أوضح من صفة تخطي الصفوف التي التصقت بالإسرائيليين؟


إذن عندما نكون في زمن يطلب منا فيه إبقاء مسافة بيننا وبين الآخرين، واللقاء فقط في مجموعات صغيرة، وتجنب المصافحة، والحفاظ على النظافة الشخصية، يصعب في حقيقة الأمر على السلطات الإسرائيلية فرض هذه الإجراءات.


إذا ما أخذنا بالاعتبار هذه المصاعب وأضفنا إليها القلق المتنامي لدى مسؤولي الصحة المحليين بأن إسرائيل، والتي لا يوجد لديها حتى تاريخ 17 مارس سوى 304 إصابات ولحسن الحظ بدون وفيات حتى الآن، سوف تضطر قريباً إلى مواجهة انتشار مدوي للعدوى يصل إلى عشرات الآلاف من الناس، فقد قامت الحكومة بإدخال منظومة التجسس هذه إلى الوسط المدني كإجراء ضروري لا مفر منه.


غزو الخصوصية

 
قدمت حكومة نتنياهو ضمانات بأن التكنولوجيا سوف تستخدم حصرياً لغرض معرفة مكان وهوية الأشخاص الذين دون علم منهم حصل تماس بينهم وبين شخص أثبتت الاختبارات الطبية إصابته بفيروس كورونا.


أضف إلى ذلك أن القرار تمت الموافقة عليه من قبل النائب العام مع وعد بأن المعلومات التي تُجمع سوف يتم إتلافها بعد ثلاثين يوماً.


إلا أن كثيراً من الإسرائيليين يعارضون الإجراءات لأسباب متعددة. يشير المعارضون أولاً إلا تايوان التي استخدم فيها الرصد الرقمي لمنع انتشار الوباء ولكن بطريقة مختلفة قليلاً، حيث أصدرت حكومة تايوان هواتف خاصة لأصحاب الحالات المشكوك فيها وذلك للحيلولة دون رصد الهواتف الشخصية للمواطنين.
ويرفض كثير من الإسرائيليين القرار من حيث المبدأ، ويقول هؤلاء إنه يتوجب على الديمقراطيات عدم التجسس على مواطنيها، وذلك لأن الإجراءات الجديدة سوف تمثل انتهاكاً سافراً لحقوق الإنسان وتمهد الطريق لغزو خصوصياتهم (وهو الأمر الذي يدرك أبعاده جيداً الفلسطينيون الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي).إلا أن مصدر القلق الأكبر ناجم عن الطريقة التي اتخذ بها القرار.


تجاهل الكنيست

 
من أجل أن يتمكن نتنياهو ووزراءه من وضع قرارهم ضمن إطار قانوني فقد لجأوا إلى تفعيل قوانين الطوارئ التي كانت قد سنت بادئ ذي بدء من قبل حكومة الانتداب البريطاني التي أدارت فلسطين في الفترة من 1918 إلى 1948.


ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية في عام 1939، أصدرت السلطات البريطانية قوانين الطوارئ تلك لمحاربة ألمانيا النازية. ولكن منذ إعلان الاستقلال الإسرائيلي في عام 1948 لم تستخدم تقريباً إلا ضد الفلسطينيين تحت الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة ونادراً ما تستخدم ضد المواطنين الإسرائيليين، بالتأكيد ليس بالشكل الجماعي الشامل الذي يحصل الآن.
والأمر الأشد إزعاجاً هو أن إصدار قوانين الطوارئ لرصد المواطنين تم دون العودة إلى الكنيست، أي البرلمان الإسرائيلي.


بل إن لجنة فرعية منبثقة عن لجنة الشؤون الخارجية والأمن، والتي تناط بها مهمة الإشراف على الأجهزة الأمنية ويترأسها رئيس الجيش الإسرائيلي السابق غابي أشكنازي، رفضت إقرار مشروع القانون دون إجراء نقاش مستفيض حوله، ولكن نتنياهو استغل حالة الفوضى السياسية العارمة في البلاد، وتجاهل الكنيست وفرض قوانين الطوارئ.


في الشهر الماضي، قارن حزب أزرق وأبيض الذي يتزعمه بيني غانتز، وهو رئيس أركان إسرائيلي سابق آخر، نتنياهو وإجراءاته بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.


بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة قبل أسبوعين، بات غانتز بدعم من الأعضاء الفلسطينيين في الكنيسيت الإسرائيلي يتمتع بأغلبية ضئيلة (61 إلى 59) داخل البرلمان. ولكن نتيجة للخلافات داخل حزبه فإنه يصعب عليه تشكيل حكومة ائتلافية تحل محل حكومة نتنياهو.


خطوة أخرى إضافية

 
إلا أن قوانين الطوارئ تلك ما هي سوى أحدث إضافة في قائمة طويلة من الإجراءات والتوجهات التي باتت تهدد منظومة إسرائيل الديمقراطية.


لا يتوقف نتنياهو وابنه يائير عن مهاجمة وسائل الإعلام ونعت الصحفيين بأنهم "يساريون"، وذلك أملاً في إغلاق كافة الصحف وقنوات التلفزيون المستقلة التي مازالت تهتم بمساءلتهم ومراقبة تصرفاتهم.
كما أن هذا الثنائي المشكل من الأب وابنه، والمحاط بمجموعة من الوزراء الطيعين، لم يتورع مراراً وتكراراً عن مهاجمة النظام القضائي في البلاد.


بعد منتصف ليل السبت الماضي وبحجة مكافحة فيروس كورونا أمر وزير العدل أمير أوهانا، وهو من تلاميذ نتنياهو والموالين له، بإغلاق المحاكم للحيلولة دون انطلاق جلسات محاكمة نتنياهو بتهم الفساد، والتي كان من المفروض أن تبدأ الأربعاء.


إذن، مع كل هذه الخطوات التي تتخذ للنيل من الديمقراطية، بات الإسرائيليون يخشون من أن نتنياهو وضع قدميه فعلاً على طريق حكم إسرائيل بنفس الطريقة التي يهيمن بها عدد من زعماء اليمين الأقوياء حول العالم، من أردوغان إلى فلاديمير بوتين إلى جير بولسونارو، على البلدان التي يحكمونها.
في ظل الكورونا، تناضل ديمقراطية إسرائيل، المعتدى عليها أصلاً، في سبيل الحفاظ على بقائها.

التعليقات (1)
فيروس الموساد
الخميس، 19-03-2020 01:47 م
أعداء الموساد هم كل المسلمين في أي مكان لا يفرق بين الاسلام السياسي و غيره، لا بين السني و الشيعي، قد يقوم بتصدير الكورونا الى كل الدول الإسلامية فهذا شيء صغير جداً مقارنة بجرائمه السابقة