هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رغم الإمكانيات المتواضعة، تواجه الطواقم الطبية العاملة خاصة في مستشفيات الحميات والصدر والعزل في مصر مصاعب أخرى تتمثل في نظرة بعض المجتمع لهم كأنهم مصدر لنقل فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، مما يعرضهم لمضايقات تصل إلى حد الاضطهاد (التنمر).
وأصيب عشرات من الطواقم الطبية ( أطباء – ممرضين) بفيروس كورونا، جراء انتقال العدوى لهم من مرضى مصابين بالفيروس، وترفض وزارة الصحة المصرية إجراء مسح طبي على الطواقم الطبية أو التحليل لهم إلا بعد ظهور الأعراض عليهم.
وأغلقت مصر معهد الأورام – أحد أكبر مستشفيات الأورام في البلاد والشرق الأوسط – بعد اكتشاف إصابة أحد الممرضين بها ونقله العدوى لعشرات الأطباء والممرضين والعمال والمرضى، ما تسبب في رعب بين المترددين عليه (900 مريض يوميا).
وأثارت واقعة تعرض الطبيبة دينا مجدي، التي تعمل بمستشفى حميات الإسماعيلية، إلى تهجم بعض الأهالي عليها في منطقة سكنها الجديد الذي لا يسكن فيه أحد غيرها كإجراء احترازي، ردود فعل واسعة، ودعوا إلى طردها من المنزل، وزعموا أنها مصابة بفيروس كورونا.
وقالت الطبيبة في مقطع مصور على حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي إنها تعرضت لموقف غير مبرر بعد تطاول البعض عليها، واتهامها بنقل المرض لهم، وتقديم بلاغ ضدها بأنها حالة مصابة، ما دفعها للاتصال بالنجدة لحمايتها.
واستنكرت الطبيبة الشابة التعامل مع الطبيب في مستشفى الجميات أو العزل على أنه شخص مشبوه، غير عابئين بما تعانيه الأطقم الطبية من تعب ونصب.
وقبل يومين، وفي واقعة وصفت بالمأساوية، رفض أهالي قرية بولس بكفر الدوار، بمحافظة البحيرة، دفن والدة طبيب توفيت متأثرة بإصابتها بفيروس كورونا بعد انتقال العدوى لها من نجلها، ما استدعى تدخل قوات الأمن التي اشتكبت مع الأهالي فجرا.
— Mustafa elshaat (@Mustafa83129) April 7, 2020
دور الوعي والثقافة
وعلق استشاري الأمراض الصدرية، ورئيس الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، نبيل الدبركي، بالقول إنه "من المفترض أن يقدم الناس الشكر والتقدير للأطباء في مواجهة كورونا؛ لأنهم يدفعون بأنفسهم في الخطوط الأمامية أمام هذا الفيروس اللعين"، مشيرا إلى أن "هناك قصور نظر في التعامل مع أي طبيب على أنه مصدر عدوى لأنه غير مخالط لهم، ولا يستخدم أغراضهم الشخصية".
اقرأ أيضا: تَحوّل معهد الأورام بمصر إلى بؤرة لكورونا يغضب المصريين
وفي حديثه لـ"عربي21" أرجع السبب إلى "اختلاف ثقافات بعض الأماكن عن بعضها، وتدني مستوى الوعي لدى بعض الناس، وينم عن جهل وقصر نظر من قبل البعض؛ لأن أسباب العدوى معروفة، ولا يمكن قياسها بهذا الشكل، ولابد من تحيته".
وأشاد بجهود الأطباء في مواجهة كورونا، قائلا: "تحدثت في أكثر من 30 حلقة تلفزيونية عن دور الأطباء في هذا الشأن، بل واعتبار من يموت منهم في صفوف الشهداء، وأوجه لكل الكوادر الطبية من أطباء وممرضين وفنيين الكرم والتقدير والاحترام"، داعيا إلى "توفير أقصى درجة من الحماية الممكنة للطواقم الطبية للحفاظ عليها".
موقف نقابة الأطباء
أمين عام نقابة الأطباء، إيهاب الطاهر، استنكر ما يتعرض له بعض الأطباء من ممارسات خاطئة، قائلا: "ما حدث مع بعض الأطباء شيء مرفوض، ولكنها تصرفات فردية؛ لأن غالبية المواطنين يقدرون الجهد الذي يقوم به الأطباء".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21": "رغم وجود بعض التجاوزات المحبطة، ولكنها تحمل رسائل سلبية؛ فالمرض "كورونا" ليس وصمة عار، خاصة بالنسبة لمن يكافح في سبيل منع هذا المرض الخطير عن المواطنين، ونرفضها ويرفضها المجتمع".
ودعا إلى "زيادة جرعة التوعية في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية من أجل حماية الأطباء والمرضى على حد سواء، فلا يجب التعامل معهم بالنبذ والكره، ولكنها تظل محدودة"، لافتا إلى أن "وسائل التواصل الاجتماعي لها دور ذو حدين ولا نحملها المسؤولية".
دور الدولة والمجتمع
السياسي والبرلماني المصري السابق، أيمن صادق، قال: "الموضوع ذو شقين، الشق الأول يتحمله المجتمع، ففي وقت الأزمات عادة ما تظهر على السطح السلوكيات السلبية لدى الشعوب كافة، وليس مصر فحسب، نتيجة عدم الوعي بدور الطبيب من جهة وطبيعة المرض من جهة أخرى".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "الشق الثاني تتحمله الدولة؛ فالأطباء فئة مثل الكثير من الفئات المهمشة في المجمتع، ولا يحظون برعاية الدولة واهتمامها، في دول كثيرة مع بداية ظهور الأزمة، ولأهمية دور الأطقم الطبية لجأت إلى وضع خطة تسمى "الثلاث مجموعات" تتضمن العمل 14 يوما والعزل 14 يوما للتأكد من سلامته ومنحه إجازة مع أسرته 14 يوما وليس الأردن عنا ببعيد، فقد اعتمد مثل تلك الآلية".